يحدق أحمد بردويل من على شرفة منزلة المطل على بحر رفح في الأمواج المتلاطمة، ويندب حظه بعد قرار الاحتلال (الإسرائيلي)، القاضي بتقليص مساحة الصيد في بحر غزة إلى ثلاثة أميال.
وكان بردويل يخطط بتسخير مردود موسم السردين لزفاف نجله بعد سنوات من الحصار البحري المفروض على قطاع غزة.
وقلصت (اسرائيل) مطلع الأسبوع الجاري، مساحة الصيد في بحر غزة من ستة أميال بحرية إلى ثلاثة؛ بزعم إطلاق صاروخين من غزة على الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1948.
ويقول بردويل (52 عاماً) لـ"الرسالة نت": "جميع الصيادين ينتظرون الموسم على أحر من الجمر .. إنه موسم الرزق الوفير".
ولا يزال واقع صيادي الأسماك في غزة "مؤلم"؛ نظراً لمواصلة سلطات البحرية (الاسرائيلية) التضييق على الصيادين والاعتداء عليهم واعتقالهم في كثير من الأحيان.
وقتل وأصيب العشرات من الصيادين أثناء تأدية عملهم في عرض البحر، منذ اندلاع انتفاضة الأقصى عام 2000، وفق توثيق مؤسسات حقوقية فلسطينية.
وكانت سلطات الاحتلال قد سمحت بموجب اتفاق التهدئة مع الفصائل الفلسطينية في خريف العام الماضي -برعاية مصر- للصيادين في الإبحار لمسافة ستة أميال.
وبدت علامات الإعياء جليه على ملامح الصياد حسن شلوف، أثناء عودته من رحلة مطاردة قوات البحرية (الإسرائيلية) في عرض البحر.
ويقول شلوف لـ"الرسالة نت": "لقد هاجموا الحسكة بقسوة وحذرني الجنود بأنني إذا تجاوزت المساحة المسموح بها سيتم اعتقالي أو قتلي".
ويضيف -وخيوط الشمس بدأت تغزو رمال مرفأ الصيادين برفح- "لقد نصبنا الشباك ليلاً وهاجمونا وطردونا من البحر (..)، عملنا ضاع بلا سبب ويبدو ان موسم السردين سيضيع أيضاً".
ويعد موسم السردين من أفضل المواسم للصيادين خلال العام. ويأتي على دفعتين: الأولى في فصل الربيع ويمسى "عتمة خمسة"، بينما الثاني في الخريف ويستمر أربعة أشهر.
ويقول صيادون إنهم كانوا يصطادون في ظل مساحة الستة أميال أسماك مثل "الدنيس والقاروص والجرع والفريدي" وجميع تل الأنواع لها أسعارها ومستهلكيها في الأسواق المحلية.
ويضيف كل من بردويل وشلوف غاضبان "في ظل قرار التقليص لن نصطاد شيء على ما يبدو".
والتضييق (الإسرائيلي) في عرض البحر يزيد من معاناة الصيادين بشكل مباشر، وكذلك السكان؛ لأنهم سيضطرون لدفع مزيد من الأموال بهدف شراء أسماك القادمة عبر الأنفاق مع مصر.
وتشير تقديرات هيئة الثروة السمكية في وزارة الزراعة بغزة، إلى أن قطاع الصيد كان ينتج خلال الموسم الواحد قبل اندلاع انتفاضة الأقصى حوالي ألفين وخمسمائة طن من أسماك السردين. لكن في ظل قرار الاحتلال الأخير لن يتجاوز الإنتاج سوى خمسمائة طن فقط. وفق ما ذكر صيادون لـ "الرسالة نت".
ويعمل في قطاع الصيد حوالي ثلاثة آلاف وخمسمائة صياد، ويعينون نحو أربعين ألف فلسطيني يقطنون في قطاع غزة البالغ عدد سكانه حوالي مليون وسبعمائة نسمة.
ويستهلك الفرد في غزة حوالي ثلاثة كيلو من السمك خلال العام الواحد، بينما في (إسرائيل) اثنين وعشرين كيلو. وفق إحصاءات حكومية.
وطالبت منظمتان حقوقيتان (إسرائيليتان)، اليوم الاثنين، سلطات الاحتلال برفع القيود المفروضة على الصيد في قطاع غزة.
وقالت منظمة "بيتسيلم" الحقوقية (الإسرائيلية) ومنظمة "غيشا"(مسلك) التي تدعو لحرية التنقل للفلسطينيين في بيان صحفي "إن قرار سلطات الاحتلال تقليص مساحة الصيد عقاب جماعي".
ودعت المنظمتان جيش الاحتلال إلى إلغاء قراره الأخير وإلغاء القيود المفروضة على الصيادين الفلسطينيين في غزة خلال السنوات الأخيرة، والسماح بالصيد في نطاق عشرين ميلا بحريا، كما جرى ضمن اتفاق "أوسلو".
وتخلّت (إسرائيل) عن تفاهمات اتفاقية أوسلو في ما يتعلق بمساحة الصيد البالغة عشرين ميلًا بحريًا، وقلصته إلى ثلاثة أميال، وأقل من ذلك عقب اندلاع انتفاضة الأقصى نهاية أيلول- سبتمبر 2000.