بدأت الولايات المتحدة الأمريكية بالإفراج عن المساعدات الأمريكية للسلطة الفلسطينية المتوقفة منذ العام الماضي بسبب ضغوط الكونغرس الأمريكي، فقد نجحت وزارة الخارجية الأمريكية في إقناع الكونجرس بإرسال مساعدات بقيمة خمسمائة مليون دولار بعد زيارة الرئيس باراك أوباما لدولة الاحتلال (الإسرائيلي) والضفة الغربية المحتلة.
وكانت الناطقة بلسان الخارجية الأميركية أعلنت -في بيان صحفي السبت الماضي- أن قيمة الأموال تبلغ 300 مليون دولار، و200 مليون أخرى من مساعدات العام الحالي.
ذلك الدعم المالي المفاجئ والسريع يطرح أسئلة أهمها: ما الذي ستقدمه السلطة الفلسطينية بعد استئناف هذا الدعم من تنازلات؟ وكيف تنظر الفصائل والمواطن الفلسطيني لهذا الدعم الأمريكي؟ وما هي الانعكاسات على الاقتصاد في الضفة الغربية؟
دعم مسيس
يعتقد الباحث والمحلل السياسي أمين أبو وردة أن المساعدات الأمريكية للسلطة الفلسطينية لم تتوقف عمليًا على مدار السنوات الماضية إلا في حالات استثنائية أي عند حدوث مواقف فلسطينية حاسمة يتم معاقبة السلطة بتجميد أموالها.
ويؤكد أبو وردة أن الدعم الأمريكي لن يقتصر على الجانب الأمني بتاتا وما تم تجميده خاص بالنواحي المدنية، معتبرًا أن استئناف أو مواصلة الدعم الأمريكي للسلطة الفلسطينية هو جزء من البرتوكول الرسمي أثناء زيارة الرئيس الأمريكي أوباما للمنطقة.
ويشدد أبو وردة على أن الدعم الأمريكي للسلطة مراقب ومتوازن مع أهداف معينة قائلًا: "الأمريكيون يساعدون السلطة على القيام بواجباتها ضد ما يسمون بالإرهاب بينما مؤسسات الأهلية والخاصة ترفض هذا الدعم لأنه يخالف أفكارها ومنطلقاتها".
تقديرات أمريكية تبين أن المساعدات الأمريكية المقررة للسلطة الفلسطينية للعام الماضي والعام الحالي تصل إلى قرابة 700 مليون دولار، وتحويلها يعني حل لخروج السلطة الفلسطينية من أزمتها الخانقة.
ويرى المحلل الاقتصادي د. محمد مقداد أن تحويل هذا الدعم الأمريكي سيساهم في تحسين الوضع الاقتصادي للسلطة الفلسطينية ويساعدها على القيام بدفع الرواتب والاستمرار في الخدمات.
ويستدرك مقداد: هذا الدعم هدفه منع الانتفاضة الثالثة التي تتخوف منها دولة الاحتلال والعمل على عدم امتداد (الإرهاب الغزاوي) إلى الضفة الغربية.
وقال د. مقداد: "نلاحظ أن الرئيس الأمريكي أوباما يريد أن يقدم شيئا للفلسطينيين لكنه غير قادر على تقديم إنجازات سياسية تساهم في قيام الدولة الفلسطينية أو حل الدولتين، لذا يلجأ لتقديم المال كتعويض ودفعا لإعادة المفاوضات غير المشروطة وغير المنتهية مع (إسرائيل).
أما فيما يتعلق بوضع المواطن الفلسطيني يقول المحلل الاقتصادي د. مقداد أن المواطن الفلسطيني مقتنع أن هذا الدعم الاقتصادي مسيس لدعم الاحتلال (الإسرائيلي) بشكل رئيسي حيث يدفع نحو المفاوضات وفق الأجندة (الإسرائيلية).
ويرى د. مقداد أن السلطة الفلسطينية دائما تقدم تنازلات من أجل هذا الدعم فقد كانت تقول أنها لن تفاوض (إسرائيل) إلا بوقف الاستيطان لكنها فاوضت دون شرط رغم استمراره، وعلى شرف المجازر في قطاع غزة، ويضيف: "الآن وعلى شرف أوباما أزالت السلطة الفلسطينية خارطة فلسطين وانتظارا لزيارته عطلت المصالحة وانتظرت مبشرات أوباما".
استئناف مفاوضات
المحلل السياسي طلال عوكل يقول أن الضغط الأمريكي بالمال على السلطة الفلسطينية له علاقة بعاملين أولهما: منع محاولات السلطة التوجه للأمم المتحدة، وثانيهما خاص بالمفاوضات.
ويضيف عوكل: "نتوقع أن يكون هدف هذا الدعم تشجيع السلطة على الاستجابة لمحاولة استئناف المفاوضات أو التباطؤ في الذهاب إلى الأمم المتحدة، وهذا يعني أن الرئيس الأمريكي أوباما حصل على تأكيدات من الرئيس أبو مازن لتشجيع السلطة على الاستجابة وهو أمر سيتابعه وزير الخارجية الأمريكي جون كيري".
ويتابع عوكل: "سنرى تسهيلات (إسرائيلية) تحت عنوان إعادة الثقة في الجانب (الإسرائيلي) لتحقيق الشروط الفلسطينية التي لها علاقة بالمفاوضات".
ويختم عوكل حديثه بالإشارة إلى أن هناك إجماعا فصائليا على رفض الدعم الأمريكي وهذا الرفض له مبرراته.