تميز الأسير الفلسطيني المحرر نادر أبو تركي في صناعة (الكنافة النابلسية) للأسرى داخل سجون الاحتلال "الاسرائيلي", وعاد ليمارس هوايته بافتتاح محل في مدينة غزة.
ألح الأسرى المحررون على أبو تركي أن يفتح محلا للحلويات لأنهم يتوقون لتناول (الكنافة) بنكهتها الأصلية التي ترجع أصولها لمدينة نابلس بالضفة المحتلة.
تشاور المحرر أبو تركي مع الأسير المحرر حمودة صلاح من مدينة نابلس الذي رافقه في رحلة الأسر والإبعاد إلى غزة بصفقة "وفاء الأحرار", وقررا أن يفتتحا محلا لصناعة (النابلسية).
أجرى المحرر أبو صلاح اتصالات مع أصدقائه في مدينة نابلس التي أبعد عنها قسرا لاكتساب الخبرة الكافية لصناعة (الكنافة النابلسية) واسترجاع الحلقات المفقودة في صناعتها بعد أن قضى 12 عاما في الأسر.
بدأ المحرران يعدان العدة لافتتاح المحل ويبحثان عن المكان المناسب, فاختارا الطريق الساحلي لمدينة غزة, لتجتمع لذة النظر إلى البحر مع نكهة (النابلسية) فيكتمل جمال المشهد.
عاد المحرر أبو تركي بذاكرته لأكثر من عامين، عندما كان يعد (النابلسية) داخل السجن مستخدما فتات الخبز والجبنة الصفراء وما تيسر من السكر لإعداد "القَطر" اللازم لتحليتها. وصف تلك الأيام بالجميلة على الرغم من قسوتها, لأنه كان يتمكن من إدخال الفرحة على قلوب الأسرى عندما يوفر لهم ما يشتهونه.
خلف المكان الذي تعرض فيه (الكنافة) ينشغل الأسير المحرر صلاح بتحضير المزيد منها, فالزبائن ينتظرون داخل المحل الصغير وخارجه.
وقال صلاح لـ"الرسالة نت" لم نتوقع أن يكون الإقبال على (النابلسية) بهذا الكم من الزبائن.
وأضاف إن "فكرة افتتاح المحل بالأساس جاءت لإشباع رغبة أسرى الضفة المحررين إلى غزة بتناول الكنافة النابلسية الأصلية".
وتابع المحرر صلاح: "تأتي ساعات لا نستطيع التوقف عن العمل من شدة الطلب على الكنافة، لم نعلم أن أهل غزة يحبونها إلى هذه الدرجة".
يشعر المحرران صلاح وأبو تركي بالإحراج من صغر المحل عندما يتهافت عليهم الزبائن بالعشرات لتذوق (الكنافة) بأيد نابلسية مؤكدين أنهما يستعدان لتوسيع المشروع خلال الأسابيع المقبلة.
ويبلغ ثمن كيلو (النابلسية) 30 شيقلا, وقد أطلقا اسم "النابلسي" على محلهما الصغير.
وأوضح صلاح أنهم جلبوا كل ما يستعمل في صناعة (النابلسية) من محافظة نابلس وخاصة الجبنة المصنعة من لبن الماعز.
ابتسم هنا المحرر صلاح قائلا: "أهل غزة لا يستطيعون تناول جبنة الماعز لأنها دسمة جدا؛ فقد تسبب لهم أحيانا آلاما بالمعدة؛ لذا اضطررنا لمزجها بالجبنة البقرية".
كل شيء يدخل في صناعة (النابلسية) بمقدار دقيق حتى تخرج بالطعم الذي يرجوه الزبائن، حتى "القطر" الذي يستخدم في تحليتها, بحسب ما يقول المحرر صلاح.
لم يخف المحرران وجود صعوبة في جلب المواد الخام اللازمة لصناعة (الكنافة) من الضفة المحتلة عبر المعابر "الاسرائيلية", مؤكدين أنهما حريصان على أن تكون كل المكونات من مدينة نابلس المحتلة.
إبراهيم أبو تركي شقيق المحرر نادر ينشغل في نثر الفستق الحلبي على (النابلسية) بعد أن يسكب عليها المحرر صلاح "القطر" لتكون بمظهر جميل.
وقال إبراهيم لـ"الرسالة نت" إنه جاء من الضفة قبل نحو شهر لزيارة شقيقه المحرر, مبديا إعجابه بالمشروع والإقبال عليه، خاصة أن المحل يطل على البحر الذي يحرمون منه, حسب قوله.
وأضاف إن "النابلسية التي يصنعها شقيقه ورفيقه المحرر صلاح لا مثيل لها بالقطاع؛ فهي تمتاز بالمذاق النابلسي الأصلي, وعندما تذوقها شعر أنه يأكلها هناك".
وعبر إبراهيم عن فرحه بنجاح شقيقه المحرر في مشروعه الصغير، متمنيا أن يستطيع تلبية جميع طلبات زبائنه من خلال افتتاح محل أكبر.
يتجمع الأسرى في كل يوم داخل محل "أبو تركي وصلاح" لتناول (النابلسية) ويمازحانهما بالقول: "أكيد كنافة بالخبز وبتخدعونا مثل السجن".
ويحرص أبو تركي على أن تُخبز (الكنافة) في أوانٍ نحاسية كما يجري في نابلس, لافتا إلى أن أواني النحاس تنضجها بشكل أفضل وبنكهة ألذ.