غزة/أمينة زيارة
أقرب الناس إلينا هم الأكثر تأثيراً عليناً، وكلما زاد قربهم زاد تأثيرهم، ومن منطلق المحبة والإخلاص وبدافع الحرص والمسؤولية تسعى كل زوجة إلى تغيير سلوكيات الزوج السلبية، والتي قد تكون سببا لوجود المشاكل العائلية.
ومن خلال استشعار الزوجة لخطورة تلك السلوكيات وامتلاكها الثقة بذاتها وبقدرتها على محاولة التأثير فيه للأحسن وإتقانها أساليب الحوار والإقناع، ستصل في النهاية إلى هدفها لتغيير سلوكيات الزوج، "الرسالة" ناقشت مع الزوجات أهمية دورهن في تغيير السلوكيات السلبية لبعض الأزواج نحو الأفضل.
انصحي ولا تجرحي
"نعم المرأة توجه الرجل وتصلحه بطريق مباشر أو غير مباشر" بهذه الجملة أوجزت الموظفة في القطاع الخاص "منى يونس" قدرة المرأة على تغيير الرجل.
وتضيف: ليس كل الرجال قابلين للتغيير، فشخصية المرأة ووعيها لهما دور كبير في ذلك، فهناك نساء يملكن من الذكاء ما يجعلهن يوجهن الرجل إلى الطريق الصحيح دون أن يشعر بذلك، وبعضهن تعضله وتشدد عليه فيؤدي ذلك إلى عناده، وتوجه خطابها للمرأة: "انصحي ولا تجرحي».
ويرد زوج منى: الرجل ليس بقالب تشكله المرأة كيفما تريد، ولكن تفهم كل طرف لشريكه بأن يقدم تنازلات لصالح الطرف الآخر عسى أن يتم وبالتدريج الوصول لحلول أفضل، وهناك تغيير تريده المرأة ليس لمجرد الحب بل لتملك الشخص الآخر، ونحن كشرقيين لا نحب أن نخضع لشروط ورغبات تُملى علينا ولا أنكر أن المرأة تستطيع احتواء قلب زوجها إذا أتقنت حنان الأم وقلب الحبيبة.
وتقول "أم هيثم" ربة بيت: كلنا بشر وطباعنا لم تخلق معنا بل اكتسبناها فمن الطبيعي أن تستطيع المرأة التأثير على زوجها إذا كانت الإرادة والمثابرة موجودة، وترى أم هيثم أن فالرجل يقبل التغيير، ولكن بخطوات بطيئة غير ملحوظة، فهو في معظم الأوقات يكون مقتنعاً في التغيير، لكن إذا تغير كثيراً في وقت قصير بعد الزواج، فإن من حوله سيعتبرون هذا التغير عبارة عن خضوعه لسلطة الزوجة عليه، ويصبح في نظرهم كما يقال "محكوم"، لذلك يرفض التغيير، والمرأة الذكية التي تعرف وتقدر متى تنصح ومتى تتوقف عن ذلك، فاختيار الوقت المناسب والموقف المناسب له الدور الفاعل في ذلك.
لم استطع تغييره
وكان لسناء عبد الجواد رأي مغاير في ذلك، حيث تشتكي زوجها قائلة: تزوجت منذ أربع عشرة سنة، وفي أول سنة من الزواج اكتشفت أن زوجي مهمل وغير مبال، في البداية توترت علاقتي الزوجية بسبب إهماله، فهو إنسان قارئ بنهم "فالكتاب رفيقه وونيسه" وبعد ذلك يرميه في أي مكان دون ترتيب، وعند إنجابنا اعتقدت انه سون يتغير ويهتم بالأبناء إلا أنه تركهم على حالهم، ينشرون الفوضى في البيت ولا يحرك ساكناً.
وتضيف: كنت حريصة جداً على تغيير سلوكه هذا، فلم ادع باباً إلا طرقته لكن بدون فائدة، ولكن تيقنت أن الرجل من الصعب جداً تغييره، وتستدرك بحسرة تخللتها ابتسامة: قررت أن اشتري صحتي وراحة بالي أنا وأبنائي، واتركه على ما هو عليه حتى يتغير من نفسه.
عالجت عيوبه
من ناحيتها قالت "أم نهاد" أخصائية اجتماعية: تزوجت رجلاً مطلقاً وسمعت من مطلقته أنه رجل منغلق لا يحب الزيارات والرحلات والسفر والتسوق، وحدثت نفسي بأن تلك العيوب يمكنني معالجتها، فأنا أؤمن بقدرتي في تغيير من هم حولي طالما كانت تلك العيوب سلوكية اجتماعية، والعكس صحيح.
وتضيف: استطعت بتوفيق من الله أن أغير من تفكير زوجي تدريجياً، فاستخدام أسلوب اللين واللطف لمعرفة ما يحب وما يكره، مستخدمةً أسلوب الحوار البناء، بذلك استطعت تملك قلب وعقل زوجي.
أما "أبو أحمد" فقد رفض مبدأ تغيير المرأة لزوجها فقال: لا يمكن أن اقبل لزوجتي أن تغير سلوكي فأنا تربيت على ذلك، فأمي لم تستطع أن تغير تلك السلوكيات، فكيف اقبل لزوجتي ذلك؟، ويستطرد: لا أقبل أن ينعتني أصدقائي بأنني رجل محكوم أو "زوج الست" فالرجل الشرقي لا يمكن أن يخضع لأي امرأة حتى ولو كان على خطأ.
تأثير المرأة أكبر
وعن استطاعة المرأة تغيير سلوك زوجها تقول الأخصائية النفسية والتربوية أ. تغريد الداية: كلا الزوجين يتأثر بشخصية صاحبه نتيجة العشرة وإن كان التعبير في بعض الأحيان غير مدرك، وقد يكون التغيير سلبياً أو ايجابياً، وتضيف: من الملاحظ أن تأثير المرأة على الرجل أكبر من تأثيره فيها وليس اصدق على ذلك من قول النبي عليه الصلاة والسلام: "ما رأيت من ناقصات عقل ودين اذهب للب الرجل الحازم من إحداهن".
وعن نظرة المجتمع للرجل القابل للتغيير ونعته بالمحكوم ترد الأخصائية الداية: إذا لاحظ المجتمع تغييرا في شخصية الرجل يطلقون عليه لفظ "محكوم" أو "زوج الست" ولذا نلمس تخوف الرجال من التغيير لذا نجده يكابر في التغيير خوفاً من نعته بهذا اللفظ الذي يزعجه، وأكدت أن استخدام هذا اللفظ ينافي سنة الرسول عليه صلى الله عليه وسلم كان في خدمة أهل بيته يقّم البيت "يكنسه" ويرت الثوب.
وتضيف: الزوج الذي يكابر في التغيير هو شخص ضعيف الشخصية غير واثق من نفسه على عكس شخصية القدوة العظيمة الرسول عليه السلام.
وتؤكد أن تغيير الرجل نحو الأحسن لا يفقده العاطفة أو يقلل من احترامه في المجتمع فالأصل من الزواج في الإسلام هو أن يكون مبنيا على التعاون والمودة والرحمة.
وتضيف: من الملاحظ أن بعض الرجال لديه قابلية للتغيير وبعضهم ليس لديه هذه القابلية وتعقب الداية على ذلك قائلة: لا يوجد إنسان لا يتغير ولكن هناك أسلوب خاطئ في التغيير لدى المرأة فمثلا المرأة بطريقتها ترغب أن تكون ربة بيت مثالية وأن يكون بيتها مثالاً للنظافة والنظام لكن هذه الرغبة كثيراً ما تعطل حق الزوج في أن ينعم بالاسترخاء، مؤكدة أن تأفف المرأة من سلوكيات زوجها الخاطئة يساهم في استمرار هذه السلوكيات.
النصح والإرشاد
وتتابع الداية: على الزوجة أن تقوم بعدة خطوات ليكون بمقدورها تغيير الزوج منها أن تعتاد على أن تسدي النصح والإرشاد في كيفية قيامه بعمله على أكمل وجه، وتعويد نفسها على أن تقول الشيء مرة واحدة وتنساه بعد ذلك لأن إلحاحها في المطالبة يميل به إلى العناد ويجعله عازفاً عن تلبية طلباتها باستخدام الطريقة غير المباشرة في تعديل السلوك، وكذلك عليها استخدام وسائل أكثر ليونة ورقة للحصول على التغيير.
وتكمل: على الزوجة أن تستخدم أسلوب التطفيش من الشيء، بتذكير الرجل على الدوام بأخطائه فنتيجة ذلك عاجلاً أم أجلاً سيغير من نفسه، والثناء على الزوج إذا فعل شيء تحبه المرأة من تنظيم وترتيب وأن تجعل ما يقوم به من أفعال حسنة مثار إعجابها وأطفالها والناس، التحدث بهدوء عما يسبب لها الضيق في البيت والبعد عن الصراخ ومناقشة أخطائه معه بهدوء واتزان لإيجاد حل بين الزوجين، وعليها أن تنمي روح الدعابة في إرشاد الزوج للتغيير، كما وعليها القراءة في فن العلاقات الإنسانية لتعرف كيفية تحفيز الناس على تحقيق ما تريد أو حضور برامج تختص بهذا الجانب.
وتنصح الأخصائية الداية النساء باستخدام أساليب فعالة تستطيع من خلالها تغيير الزوج للأفضل مخاطبة إياها: اجعلي من بيتك مكانا يرتاح فيه زوجك، واحرصي أن يكون بيتك نظيفاً، فالرجال يفضلون العيش في خيمة حسنة التنسيق على أن يعيشوا في قصر تسوده الفوضى فإهمال المرأة في تنظيم بيتها يدفع الزوج إلى قضاء وقته خارج البيت، وعليك إشاعة جو المرح والسكينة فالبيت يجب أن يكون ملجأ للزوج يهرب إليه من مشكلات العمل اليومي