تحمل صفحات الكتب مذاقاً لمعاناتهم المرّة خلف القضبان، وعلى رفوف المعرض تتلون العناوين بطيف الحرمان من الهواء الطلق.
خلف القضبان تدور حكاية الأسر والمرض والإضراب عن الطعام وفي معرض "أسرانا عنوان ثقافتنا" يحاولون تجسيد الحكاية لمن أبعدهم الاحتلال عن مسرح الجريمة.
وتقيم جامعة فلسطين معرض "أسرانا عنوان ثقافتنا" على مدى أربعة أيام لنصرة قضية الأسرى وتوفير كميات من الكتب المنوعة على رأسها أدب وكتابات السجون لتكون بين يدي القرّاء.
المعرض الأول
يعود د.موسى أبو سليم نائب رئيس الجامعة للتخطيط والعلاقات الخارجية بجسده للوراء قبل الولوج في الحديث عن حكاية المعرض التي انتابته قديماً لكن معاناة الأسرى دفعت بتسريعها .
وقال أبو سليم إن الجامعة أعلنت عن فعالية تخص الأسرى عبر معرض أسمته معرض الكتاب الأول في الجامعة بالتعاون مع وزارة الثقافة وشرفت أن يحمل عنوان الأسرى.
وأضاف: "كنا مهتمين أن ننظم معرضاً للكتاب، لكننا اخترنا الوقت الآن لنصرة الأسرى الذين يخوضون معركة الأمعاء الخاوية وعقب استشهاد الأسير حمدية وصمود العيساوي، لذا أردنا تسليط الضوء على معاناتهم".
يقبض أبو سليم على ورقة تحمل أسماء المكتبات المشاركة قبل أن يعددها بالقول :"كل الكتب من مكتبة دار الأرقم والشروق ومكتبة اليازجي وأفاق ومنصور ونور المعارف" .
أدب السجون
في الجوار يجلس الأسير المحرر هلال جرادات، الذي أمضى 27 سنة في سجون الاحتلال ولديه خبرة طويلة مع الكتاب في السجن.
وقال جرادات إنه ساهم مع إدارة المعرض في توزيع الدعوات على المؤسسات والشخصيات في مرحلة تستعدي مزيداً من الوعي بالكتاب والعمل الجماهيري خاصة بقضية الأسرى.
وأضاف: "افتقد الأسرى لسنوات للكتب وكان مهماً لنا قديما كأسرى أن نعرف ماذا أنتج الكتاب؛ لان مصلحة السجون لم تكن تسمح بإدخالها كلها، واليوم نتفاجأ بكم كبير من الكتب في غزة".
ويعتبر المعرض وقفة تضامنية من الجامعة للأسرى ؛لان معركة الأسير مع المحتل معركة علم، وسياسة التجهيل في السجون عبر منع الكتب يستدعي توحيد الجهود من كل الاتجاهات-كما قال.
وتابع: "هذه الفعاليات تفيد جميع الناس وتنقل معاناة الأسير، لكن وسائل الإعلام لم تول كثيراً من الاهتمام على معرض الكتاب، وقد رأيت كتباً ذكرتني بأيام السجن والزنازين، مثل كتب غسان كنفاني وسيد قطب وزينب الغزالي وقد تأثرت بها كثيراً".
وأكد جرادات أنه شاهد في المعرض كتباً للأسير شعبان حسونة ووليد الهودلي وماجد شاهين، لكن المعرض لم يحظ بكثير من إنتاج الأسرى والمحررين. وفق قوله.
ونفى أن يكون المعرض قد شمل على تحف أو أعمال فنية للأسرى في سجون الاحتلال، لأنه يمنع إخراجها من السجون للعالم الخارجي.
دعم الأسرى
تتشابك عبارات الزوار الضيوف في باحة المعرض بالطابق الأرضي وهم يسألون عن أسعار وعناوين الكتب .
تقبض مريم أبو دحروج رئيس لجنة الأنشطة على فنجان قهوة في استراحتها التي بدأت للتو بعد فعالية شاقة-كما قالت .
وأكدت أبو دحروج أن الجامعة شكلت لجنة تحضيرية يترأسها د.موسى أبو سليم ونائبه عبد الكريم المدهون وعدد من الاكاديميين لمتابعة فعاليات المعرض .
وأضافت: "أردنا في معرض -أسرانا عنوان ثقافتنا- تقديم معاناة وقصة الأسرى، ولدينا كتباً متنوعة وكتب أدب السجون ومنتجات الأسرى نفسهم".
وذكرت أن أول فعالية كانت عن اثر الكتاب في حياة الأسير تحدث فيها الأسرى عن دور تجربتهم مع الكتاب وحياتهم وكيف أكملوا دراستهم.
أما اليوم الثاني فقالت إنه حمل اسم "رأيت حلما فأصبح حلما " وهو محاضر تربوية من مصر للأكاديمي محمد يوسف ستتلوه مناظرة ثقافية بين طلاب الجامعة في اللغة العربية.
رسالة الدكتوراه
تتباين رغبات الوجوه المنهمكة في تقليب صفحات الكتاب بالمعرض فكل جاء لحاجته ومبتغاه.
يطيل جهاد أبو ديّة النظر في كتاب انتشله للتو من بين عشرات الكتب قبل أن يضيف: "أنا محاضر في جامعة غزة ورسالتي للدكتوراه تتحدث عن ضغوط الأسر وتأثيرها الاجتماعي والاقتصادي لدى الأسير وذويه" .
ويزور جهاد المعرض ليبحث عن مجموعة كتب يوثقها بالرسالة ولا يزال في إطار البحث في أقسام المعرض قبل مرور ساعة فقط على زيارته.
بجواره يقف صديقه رمضان العقاد الذي وصف المعرض بأنه قيم، ولكن طريقة التنظيم والعرض بحاجة لتطوير على غرار معارض خارجية مفروض كانت مقسمة حسب العنوان حتى يكون البحث سهل-كما قال.
وأضاف: "ابحث عن شيء يخص السجون.. وأدب السجون.. كمثقف أحب أن أرى كتباً ومنشورات عن الأسرى".
أجواء إيجابية
تتحرك منار السويطي عضو لجنة الاستقبال والتنظيم في المعرض بخبرة تفوق كل من حولها وتصف الأجواء بأنها طيبة واتت كما خططت إدارة المعرض .
وتتابع: "اليوم الثاني نتوقع أن يكون أفضل وسيستمر ليومين وعرضنا كتبا كثيرة منها كتب تخص الأسرى والسجون وعناوين أخرى".
وينتاب منار شعور جميل لأنها أول مرة تشارك في تنظيم وتنسيق معرض من هذا النوع يخص فئة مهمة من الشعب-كما تقول.
خلف منار يقلب الطالب عبد الرحمن الشنطي كتباً متنوعة في مجال التنمية والإدارة لعدد من المتخصصين .
وقال الشنطي إن الطلاب بحاجة لمعارض وكتب كثيرة، فالمعرض فعالية توضح معاناة الأسرى.
وأضاف: "الكتب مادة ثقافية تعينك على تنمية قدراتك وتعينك على التفكير في المستقبل لنصرة قضيتها".
ويبدو الشنطي معجباً بالجوانب الداخلية لتنمية الثقافة للدكتور إبراهيم الفقي فلديه مجموعة رائعة من الكتب هنا تتناول عناوين مهمة-كما قال .
مكتبة الكلمة
يحافظ عاطف الدرة صاحب مكتبة الكلمة المشاركة في المعرض على هدوئه وهو يجيب على تساؤلات الضيوف المركزة على عناوين وأسعار الكتب والمنشورات الموجودة لديه.
يسوّق لمكتبته بالقول: "لدي كتب سياسية وفكرة للمهتمين والحضور ولدي كتب مثل كتاب أدب السجون وهواجس أسير وقد بدأ الطلاب يسألون عن كتب أدب السجون".
وشارك الدرّة في معارض متنوعة لكن كتب السجون والأسرى قليلة لأن الأسرى قلما يكتبوا عن تجربتهم أو يوثقوها رغم أنها مرحلة تاريخية مهمة تفتقد لاهتمام الأسرى والمؤسسات-كما يرى.
ومن المقرر أن يتوافد الضيوف والزوار ليومين آخرين على معرض الكتب في جامعة فلسطين فيما تدور رحى المعركة الحقيقة هناك خلف القضبان .