قائد الطوفان قائد الطوفان

مقال: احتمالات اندلاع الحرب بين إسرائيل وحزب الله

عدنان أبو عامر      

يسعى العديد من المحللين السياسيين وخبراء الشؤون الشرق أوسطية لجهة الإجابة على السؤال القائل: هل ستندلع حرب حزب الله- إسرائيل مرة أخرى؟ وعلى خلفية الإجابة تنقسم وجهات النظر إلى ثلاثة:

الأولى تقول "نعم"، والثانية تقول "لا"، أما الثالثة فتراهن بشكل أو بآخر على استمرار السيناريو الحالي، فيما تطرح المعطيات الجارية ذلك السؤال: إلى أين؟

وتتمثل الإشكالية في أن إسرائيل تسعى لتحقيق أهدافها إزاء القضاء على خطر حزب الله، ولكن كيف ومتى وبأي وسيلة وما هي احتمالات ذلك، وما هي الأضرار التي ستتعرض لها إسرائيل، وهل بالإمكان تفادي ذلك في ظل الاستعدادات والترتيبات الدفاعية الإسرائيلية التي ثبت عملياً أنها لا تتمتع بالمصداقية الكاملة إزاء الاضطلاع بحماية إسرائيل.

علما بأنه يمكن تصنيف معطيات الإدراك الإسرائيلي الحالي لحزب الله على أساس اعتبارات نوعين من العوامل:

1. عوامل ضعف حزب الله: يقول الإسرائيليون أن الحزب عانى من لحظة انتهاء حرب صيف العام 2006 وحتى الآن من العديد من عوامل التراجع في قدراته وعلى سبيل المثال: لم يعد قادراً على حشد قدراته العسكرية بجانب الحدود الإسرائيلية – اللبنانية، وحالياً تتمركز هذه القدرات في مناطق شمال الليطاني، إضافة إلى فقدان الحزب لقائده العسكري عماد مغنية، وعلى الصعيد السياسي تمت هزيمته في الانتخابات النيابية اللبنانية الأخيرة.

2. عوامل قوة حزب الله: يقول الإسرائيليون أن مصادر قوة الحزب ما تزال فاعلة ومن أبرزها الدعم الإيراني، وتأييد سكان الجنوب اللبناني له، إضافة إلى دعم دمشق له وامتلاكه تنظيماً عسكرياً دقيقاً وشديد التماسك يتميز بمعرفة الأرض والقدرة القتالية العالية وفن السيطرة على المسرح.

وتوجد أغلبية كبيرة في الأوساط السياسية والعسكرية والأمنية الإسرائيلية تؤكد بإجماع كبير على أن وجود حزب الله يشكل خطراً كبيراً مهدداً للأمن الإسرائيلي، ولكن يوجد انقسام حول كيفية التعامل مع هذا الخطر:

- الاتجاه الأول: يرى بضرورة اللجوء للخيار العسكري باعتباره الوسيلة الناجعة في القضاء على المخاطر ولكن تنفيذ هذا الخيار يصطدم بالعديد من العقبات ومنها احتمالات الخسائر الكبيرة التي ستتعرض لها إسرائيل بسبب امتلاك حزب الله لقدرات عسكرية تستطيع استهداف العمق الإسرائيلي إضافة إلى مخاطر الدخول في مواجهة مع الرأي العام الدولي الذي أصبح أكثر رفضاً لعمليات إسرائيل العسكرية إضافة إلى احتمالات إضعاف حلفاء واشنطن في لبنان.

- الاتجاه الثاني: يرى بضرورة اللجوء للخيار السياسي الدبلوماسي باعتباره الوسيلة المتاحة والمناسبة للاستخدام على الأقل في الوقت الحالي وعلى سبيل المثال يمكن استخدام المؤسسات الدولية وتوظيفها في الحملة ضد حزب الله طالما أن هذه المؤسسات واقعة تحت سيطرة واشنطن إضافة إلى دعم تعزيز قدرة حلفاء أمريكا اللبنانيين باعتبارهم الأكثر فعالية في القيام بمهمة إضعاف وزن حزب الله السياسي.

لكن هذا الخيار يصطدم بالعديد من العقبات منها عدم توفر المبررات والذرائع المقنعة لدفع المؤسسات الدولية باتجاه تشديد الضغوط على حزب الله لأن الوضع السياسي اللبناني يقوم على أساس خطوط طائفية تجعل من الصعب القضاء على شعبية الحزب في أوساط سكان الجنوب.

- الاتجاه الثالث: يرى بضرورة اللجوء لاستخدام معطيات إدارة الأزمة بحيث يتم استخدام التهديد السياسي والعسكري كوسائل ضغط خارجية مع ضرورة العمل على عزل حزب الله عن حلفائه الخارجيين كإيران، إضافة لاستخدام التفاهمات الدولية والإقليمية لحصر نمو قدرات الحزب ضمن أدنى حد ممكن.

نلاحظ أن هذه الاتجاهات الإدراكية الثلاثة ما تزال تتميز بحركية الصعود والهبوط وفقاً لأداء ماكينة الإعلام الإسرائيلي ومحتوى التصريحات السياسية الإسرائيلية، وبكلمات أخرى كلما ركز الإعلام الإسرائيلي على خطر حزب الله كلما كان الرأي العام الإسرائيلي أكثر تأييداً للعمل العسكري.

هل ستندلع حرب إسرائيل– حزب الله أم لا؟

برغم التصريحات القوية الصادرة عن زعماء حزب الله فإنهم ظلوا يؤكدون دائماً أنهم لا يسعون من أجل الحرب، وإضافة لذلك فإن وجود قوات اليونيفيل على خط الحدود الإسرائيلية – اللبنانية يشكل في حد ذاته عائقاً أمام قيام عناصر الحزب تنفيذ أي غارة ضد القوات الإسرائيلية، كما أن رغبة حزب الله في الاستفادة من موقف الرأي العام الدولي المناهض لإسرائيل دفعت الحزب لعدم القيام بأي عمليات عسكرية عابرة للحدود ضد المصالح الإسرائيلية، بما يقلل من فرص إسرائيل في استخدام هذه العمليات في بناء الحملات الإعلامية والنفسية التي تتيح لها بناء المبررات والذرائع لشن الحرب.

ولكن، على الجانب الإسرائيلي يبدو المشهد مغايراً، فالخبراء العسكريون والمخططون الإسرائيليون ما زالوا أكثر اهتماماً في الانهماك في كيفية إشعال جولة جديدة من الصراع العسكري ضد حزب الله إضافة إلى أن رئيس الوزراء الحالي الزعيم الليكودي بنيامين نتينياهو يرى أن إشعال الحرب ضد حزب الله سيتيح لإسرائيل تحقيق المزيد من المنافع والمزايا السياسية والاستراتيجية الجديدة ومنها:

- تحويل انتباه الأوساط الدولية باتجاه ملف خطر حزب الله والخطر الإيراني بدلاً من ملف المفاوضات مع الفلسطينيين والسوريين وعملية السلام في الشرق الأوسط.

- إضعاف خصوم الليكود في الساحة السياسية "الإسرائيلية" وعلى وجه الخصوص حزب كاديما وزعيمته تسيبي ليفني.

- استعادة قوة الردع العسكري الإسرائيلي بما يعيد لإسرائيل مكانتها المتفوقة ويؤمن لنتينياهو شعبية كاسحة.

- تأمين ظهر إسرائيل في حال قيامها بتوجيه الضربة العسكرية ضد إيران.

عموماً، يقول الخبراء في شؤون الشرق الأوسط أن حزب الله لن يكون الطرف الذي سيبدأ الحرب وإنما إسرائيل هي التي ستقوم بذلك، وبالتالي ففي حالة صدور قرار الحرب فإن الأكثر احتمالاً هو أن تسعى "إسرائيل" للقيام بـ"تركيب" الذرائع والمبررات كإجراء التفجيرات أو القيام بالاغتيالات أو حتى استخدام الأطراف الثالثة للقيام بإطلاق الصواريخ من جنوب لبنان ضد إسرائيل بما يكون كافياً لجهة ظهور الإسرائيليين بدور الضحية، وحزب الله بدور الجلاد الذي لم يترك أمام الضحية خياراً سوى الرد العسكري دفاعاً عن النفس.

 

 

البث المباشر