رحلة عذاب يومية هي التي يخوضها عادل أحد عمال مدينة الخليل؛ فينهض مع ساعات الفجر الأولى متوجها سيرا على الأقدام إلى الحدود التي وضعها الاحتلال بين الضفة والأراضي المحتلة عام 1948، وهناك خيوط متشابكة لقصص المعاناة.
وقال عادل لـ"الرسالة نت" إنه بسبب سياسة المنع الأمني منعه الاحتلال من دخول الأراضي المحتلة للعمل، فيضطر للتسلل سيرا على قدميه اللتين تنهكان قبل أن يبدأ موعد عمله.
وأوضح أنه وبعد أن يجتاز مقاطع من الجدار العنصري عبر التسلق على مقاطعه الضخمة أو الزحف تحت الأسلاك الشائكة يصل إلى داخل الأراضي المحتلة وينتظر كثيرا قبل أن تصل مركبة تقله إلى عمله، لافتا إلى أن الرحلة اليومية هذه قد تستغرق خمس أو ست ساعات قبل السابعة صباحا.
وأضاف:" لقمتنا مغمسة بالدم وناهيك عن معاناتنا في الوصول إلى الداخل فإننا وفي كثير من الأيام نتعرض للملاحقة من قبل جنود الاحتلال وإطلاق النار صوبنا تحديدا في منطقة الرماضين جنوبا والتي أصيب فيها الكثير من العمال بسبب المطاردة".
ويرى عادل بأن ذكرى يوم العمال العالمي لا تضيف جديدا إلى واقع العمال الفلسطينيين سيما في الضفة، فهم إما مهملون من حكومتهم أو مطاردون على يد الاحتلال والمستوطنين دون أي انتباه لقضيتهم ومساعدة للارتقاء بهم.
ويمر الأول من أيار على عائلات فلسطينية فقدت أحبة لها أثناء محاولتهم المرور إلى الأراضي المحتلة عام 1948 برصاص الاحتلال، ومنها عائلة الشهيد حاتم شديد من طولكرم والذي أعدم بدم بارد أثناء توجهه إلى عمله، وعائلة الشاب عدي أبو سباع الدراويش من دورا جنوب الخليل وغيرهم الكثيرون.
بلا تهمة
وحتى العمال الذين يحملون تصاريح من قوات الاحتلال للعبور إلى الأراضي المحتلة والعمل فيها يتعرضون لوسائل تنكيل عدة.
وقال العامل مراد عودة من رام الله لـ"الرسالة نت" إنه يحمل تصريحا للعمل داخل الأراضي المحتلة ولكنه يتعرض للكثير من الإذلال على الحواجز والمعابر "الإسرائيلية"، حيث يوقفه الجنود لساعات أحيانا ويدققون في هويته رغم حصوله على الأوراق اللازمة، كما يطلقون الكلاب البوليسية لتفتيشهم.
وتابع:" عندما ننتظر على مواقف الحافلات داخل الأراضي المحتلة يهاجمنا المستوطنون بالشتائم وأحيانا بالاعتداء الجسدي دون تهمة فقط لمجرد أننا فلسطينيون".
وحول إمكانية ترك العمل في الأراضي المحتلة بسبب كل الإذلال الذي يتعرضون له، يقول عودة إن الذي يجبرهم على "المر هو الأمر"، حيث أن أرباب العمل الفلسطينيين يستغلون العامل ويماطلون في إعطاء أجره إضافة إلى أن فرص العمل قليلة للغاية بسبب الأوضاع الاقتصادية السيئة.
تقصير
ويتهم العمال الحكومة الفلسطينية في رام الله بالتقصير في ملفهم وعدم إيفاء حقوقهم أو تعويضهم عما يتعرضون له من قبل الاحتلال والمستوطنين.
وقال راتب الجبور الناشط في لجنة مقاومة الاستيطان جنوب الخليل لـ"الرسالة نت" إن السلطة لا توفر أي دعم مالي للعمال الذين يلاحقهم الاحتلال يوميا على الحواجز العسكرية وقرب الجدار العنصري، بينما لا يتم توفير مبلغ بدل بطالة لهم ولو كان رمزيا.
ويبين الجبور بأن ملاحقة الاحتلال للعمال أدت لتقليل أعدادهم وتراجع العديد منهم عن التوجه إلى الأراضي المحتلة.
وتقتصر نشاطات الحكومة في الضفة المحتلة تجاه العمال بتنظيم مهرجانات وفعاليات لا تصل إلى عمق معاناتهم، بل إن الشعارات الرنانة التي يطلقها المسؤولون كلما مر يوم العمال العالمي لا تخرج من جدران القاعات الفارهة التي تنظم فيها الاحتفالات بهذه المناسبة.