لم تخرج دعوة رئيس السلطة محمود عباس إلى تشكيل حكومة التوافق عن كونها محاولة ذكية للهرب من المصالحة, فرغم مرور أسبوع على الإعلان لم تجر أي لقاءات بينه وبين الفصائل التي من المفترض أن يتشاور معها بشأن تشكيلة هذه الحكومة.
هذا يشير إلى أن "أبو مازن" غير جاد في تشكيل الحكومة، وأن مبادرته جاءت محاولة للخروج من الحرج الذي وضع فيه بعد تزايد المطالبات الشعبية والفصائلية بتشكيل حكومة توافق عقب استقالة فياض, ولإلقاء الكرة في ملعب حركة حماس.
محللون سياسيون قللوا فرص نجاح تشكيل الحكومة والمصالحة حتى في حال جرت لقاءات جديدة في القاهرة بين الحركتين "نتيجة التفرد بالقرار الذي يمارسه الرئيس".
الفجوة كبيرة
فرص نجاح المصالحة وتشكيل حكومة التوافق تبقى صعبة في ظل المماطلة التي يمارسها عباس في تنفيذ اتفاقات المصالحة والقرارات المنفردة التي يتخذها بعيدا عن التوافق الفلسطيني العام.
وأكد أستاذ العلوم السياسية في الجامعة الإسلامية د. هاني البسوس في هذا السياق أن اللقاءات المرتقبة في القاهرة بين فتح وحماس -إن جرت- لن تسفر عن تقدم إيجابي وحقيقي في ملف المصالحة, موضحا أن الفجوة لا تزال كبيرة بين الطرفين والثقة غير متوافرة، "لذلك لن تنجحا في بدء تنفيذ خطوات التوافق".
"المحلل البسوس: منذ أن أعلن عباس عن تشكيل حكومة توافق لم يجر أي مشاورات
"
وأشار البسوس إلى أن عباس منذ أن أعلن عن تشكيل حكومة توافق لم يجر أي مشاورات, "وهذا يعكس أنه غير جاد في تنفيذ المصالحة, وأنه يريد إلقاء الكرة في ملعب حماس ويظهرها كأنها التي تعطل المصالحة", معتبرا أنه لا يوجد دليل واحد على وجود صدق نية من السلطة التي تستمر في تنفيذ الاعتقالات السياسية في الضفة الغربية.
وبين أن عباس يتحدث عن حكومة وحدة دون العودة إلى حماس أو باقي الفصائل, "وهذا بحد ذاته يجعل من المستحيل تنفيذ الحكومة لأنها تأتي بقرار منفرد دون توافق عام بين كل الفلسطينيين".
المحلل السياســي حسن عبد الله رأى بــدوره أن اتخاذ أي خطوات منفــردة دون توافق عام بين الفصائل والقيادات الفلسطينية ســيكرس الانقســام السياسي أكثر من أي وقت مضى.
وأوضح عبد الله أن قرار عباس لا يأتي في ســياق التوافــق الوطني رغم أنه أصدر بنــاء على ما تم التوافق عليه فــي القاهــرة والدوحة, "لكنه جاء بقرار فردي، لذلك فإن تنفيذه سيواجه عقبات كبيرة", متسائلا: "كيف ســتشــكل الحكومــة الجديــدة دون توافق فصائلي عليها؟".
وأشار إلى أن قرار الرئيس يعبر عن استحقاق في إطار تنفيذ بنود المصالحة، "فقد أنهت لجنة الانتخابات المركزية عملها بتحديث السجل الانتخابي في الضفة الغربية وقطاع غزة، ولم يعد هناك أعذار لتأجيل تشكيل حكومة توافق وطني".
استحالة الرزمة
حماس رأت في دعوة عباس تهربا من الاتفاقات التي وقعت بين الطرفين في القاهرة والدوحة, فشددت على ضرورة السير في ملفات المصالحة الخمس: (تشكيل الحكومة والانتخابات الرئاسية والتشريعية والمجلس الوطني وتفعيل منظمة التحرير والحريات العامة والمصالحة المجتمعية) رزمة واحدة بالتوازي وفق ما اتفق عليه رغم صعوبة الملفات وإخفاق الحركتين في تنفيذ أي منها حتى الآن.
"المحلل عبد الله: اتخاذ أي خطوات منفــردة في تشكيل الحكومة ســيكرس الانقســام
"
في هذا الشأن، البسوس شدد على استحالة تنفيذ ملفات المصالحة رزمة واحدة في آن واحد كما تطالب حماس, موضحا أن الحديث عن المصالحة أصبح شكليا وإعلاميا بعيدا عن الواقعية, ومعتبرا أن تنفيذ خمسة ملفات في الوقت نفسه مستحيل, "فما يمكن تنفيذه بالتزامن ملفا الحكومة والانتخابات فحسب, وهذا بحاجة توافق داخلي".
ونوه إلى أن المفاوضات أهم عائق أمام المصالحة, قائلا: "المفاوضات تسبق المصالحة بكثير في أولويات الرئيس عباس الذي يعتبر أنه مفوض من الشعب الفلسطيني، لذا فهو يحاول السيطرة على الواقع السياسي ويستمر في مسلسل المفاوضات دون مراعاة رأي الشارع فيها".
عبد الله أوضح من ناحيته أن تشكيل الحكومة وحدها لا يكفي لتطبيق المصالحة، "بل يجب تنفيذ خطوات أخرى مهمة هي الاتفاق على موعد الانتخابات، وإجراء الانتخابات الرئاسية بالتزامن مع انتخابات المجلس التشريعي والمجلس الوطني".
واختتم بالقول: "بدء المشاورات لتشكيل الحكومة لا يعني أنه سيعلن عنها غدا، فخلال هذا الوقت يجري الاتفاق على تحديد موعد إجراء الانتخابات".