قائد الطوفان قائد الطوفان

عبد الناصر يقع بحفرة الفقر دون منقذ

استمع لمقتطفات صوتية من معاناة عبد الناصر ابو زايد عبر الرابط التالي    للتحميل اضغط هنا

الرسالة نت- محمد أبو قمر

قرار صعب وأخير اتخذه الأربعيني عبد الناصر أبو زايد لبيع منزله، معتقدا بأنه المخرج الوحيد من الضائقة المالية التي خيمت عليه منذ سنوات، وللهروب من مطالب الناس المتكررة بتسديد ديونه.

مع إغلاق قوات الاحتلال معبر بيت حانون في وجه العمال، بدأ عبد الناصر بالبحث عن لقمة عيش لأبنائه الثمانية ، ولجأ للعمل بمنجرة بمنطقة "كارني" الصناعية حتى منتصف يونيو من العام 2007 عندما أقدمت قوات الاحتلال على إغلاق المنطقة.

أغلقت أبواب العمل، وتكاثرت الديون على عبد الناصر الذي سرد معاناته بكلمات متقطعة غلبت عليها "التأتأة"، ولم يتمكن من الخروج من حفرة الديون التي وقع بها- كما يقول- إلا ببيع منزله وشراء منزل بديل أقل تكلفة، عله يتمكن من الهروب من سؤال دائنيه.

" والله بعت بيتي عشان وضعي تعبان مش قادر أدبر أموري" كانت تلك الكلمات كفيلة بإبراز معاناة أبو زايد الذي لم يكن يملك مصروف أسرته اليومي ، لكن الصدمة سيطرت عليه عندما لم يجد منازل بسعر أقل ، فلجأ الى شراء منزل مقام على أرض حكومية.

وكان عبد الناصر يعتقد بأن لجوءه لبيع المنزل سيحسن أوضاعه المعيشية ، إلا أنه يقول "طلعت عالحديدة" ، لا أملك ثمن تسديد الكهرباء".

ويشير الى أنه فور بيعه للمنزل ، تزايدت مطالب الدائنين بتسديد الدين.

ولم يعثر أبو زايد على مكان بديل للعمل رغم تأكيده على أنه مستعد للعمل في أي مكان، ويضيف "المحتاج بيشتغل بأي اشي حتى لو بتكنيس الشوارع".

""

بنظرات حائرة في زوايا الغرفة ربما تكون هروب من تطلعات أطفالهم الذين التفوا من حوله، عاد عبد الناصر ليستكمل حديثه " برقبتي عشرة أشخاص ، ولست قادرا على تلبية مطالبهم، "أمد ايدي لمين؟".

واضطر عبد الناصر لإخراج ابنه الأكبر من مدرسته والبحث عن عمل لكنه لم يجد إلا التدرب في ورشة ميكانيا مقابل مائة وخمسين شيقل شهريا فقط.

وانضم ابنه الآخر لتعلم الخياطة بعد أن قطع دراسته في المرحلة الإعدادية ، كي يوفروا جزءا من مصاريف المنزل.

" بالعربي ... مش قادر أصرف عليهم" يقول عبد الناصر الذي فقد المساعدات التي كانت تقدمها الجمعيات الخيرية التي كانت مطلعة على أوضاعه في منطقة سكناه القديمة، ويتابع " في منزلي الجديد، لا أعرف أحدا ، ولم تتقدم لي أي جهة بالمساعدة".

واضطر أبو زايد لنقل أبنائه من مدارس وكالة الغوث الى المدارس الحكومية وقد عفته وزارة التعليم من دفع الرسوم المدرسية ، لكنه واجه صعوبة في توفير الملابس المدرسية لبناته ، ويتابع " حصلنا على الزي من أهل الخير".

ويعود بنظراته الى أطفاله وهو يقول " أبنائي الكبار لا يحصلون على مصروفهم اليومي ، وهم متفهمون للظروف التي أحياها ، لكن الصغار لا يعرفون ذلك، " والله ما انا عارف وين أودي وجهي منهم".

ويحصل أبو زايد على المعونات "الكوبونات" التي تمنحها وكالة الغوث للمسجلين لديها، لكنه لم يتمكن من الحصول على مساعدات دائمة من الوكالة أو وزارة الشئون الاجتماعية.

ويعاني عبد الناصر من قرحة بالمعدة ، ويواظب على تلقي العلاج من عيادات وكالة الغوث ، موضحا أن هناك بعض الأدوية بأسعار مرتفعة كعلاج أكثر فعالية للمرض، إلا أنه لم يستطع الحصول عليها".

ويتابع "في بعض الأحيان لا أتناول الإفطار والعشاء من شدة الوجع ، وأرتمي أرضا عند تزايد الألم".

ولجأ عبد الناصر لإدراج اسمي ابنيه لدى وزارة الداخلية بناء على الإعلان الأخير باستيعاب عناصر جديدة في الأجهزة الأمنية ، لكنه لم يتلق أي رد حتى الآن.

ويحاول رب الأسرة توفير بعض متطلبات أسرته من أهل الخير ، وبعض الأقارب.

ويقاطع الطفل أحمد في العاشرة من عمره حديث والده ويقول " مدرستي بعيدة وبروحها مشي، ومن غير مصروف" ، موضحا أن زملاءه في الفصل يسددون عنه بعض ما يطلبه المدرس كثمن طباعة ورقة الامتحان.

يلهو أطفال عبد الناصر بدراجة هوائية صغيرة أمام المنزل ، فيما اقتنص الأب تلك الفرصة ليعترف بعدم تمكنه من توفير أدنى متطلباتهم ، لكنه لا زال يأمل بأن يعيشوا حياة أفضل كبقية الأطفال.

وتعاني زوجة عبد الناصر من ضغط وسكري، مما زاد من حجم الأعباء الملقاة عليه.

ورغم دوامة المعاناة التي يغرق بها عبد الناصر مع أسرته إلا أنه يأمل بمستقبل أفضل في حال تمكن من العثور على مصدر دخل حتى ولو كان محدودا .

 

 

البث المباشر