معطيات جديدة تكشف خديعة "القبة الحديدية"

القبة الحديدة الاسرائيلية (أرشيف)
القبة الحديدة الاسرائيلية (أرشيف)

القدس المحتلة – الرسالة نت

تتواصل فصول النقاش داخل (إسرائيل) وخارجها حول فاعلية منظومة القبة الفولاذية بين الجيش والشركة المصنعة، اللذين يميلان إلى تقديم أدائها العملاني بقالب أسطوري، وجهات أكاديمية تشكك في رواية الجيش استنادا إلى معطيات وحقائق رقمية تطرح الكثير من علامات الاستفهام حول دقة هذه الرواية وصدقيتها.

وكانت المنظومة الاعتراضية التي اتخذ القرار بتطويرها في أعقاب حرب تموز 2006 قد خاضت معمودية النار الأولى لها إبان عدوان «عمود السحاب» على قطاع غزة في تشرين الثاني الماضي، وجرى تقديمها حينها على أنها أبرز الرابحين في العدوان إثر إحصائيات عرضها الجيش أظهرت أنها تمكنت من اعتراض ما لا يقل عن 80 بالمئة من القذائف الفلسطينية التي كانت في طريقها إلى السقوط في أماكن مبنية.

ولم يمض وقت كثير حتى خرج في الولايات المتحدة و(إسرائيل) من شكك في هذه الإحصائيات وأثار حولها تساؤلات تتعلق بصدقيتها، مستندا في ذلك إلى تحليل علمي لبعض المشاهد المصورة التي توثق عمل المنظومة أثناء عملية الاعتراض، كما إلى معطيات نشرتها جهات رسمية إسرائيلية حول الأضرار التي تسببت فيها قذائف المقاومة الفلسطينية في البلدات والمدن الإسرائيلية.

واكتسى هذا التشكيك في فاعلية «القبة الفولاذية» أهمية مضاعفة كونه صدر عن خبراء ذوي باع طويل في أنظمة الدفاع الصاروخية، مثل ثيودور بوستول، البروفسور بمعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، والدكتور موردخاي شيفر الذي عمل سابقاً في شركة «رفائيل» الإسرائيلية المتخصصة بالصناعات العسكرية.

ويُعد الباحث الأكاديمي المتخصص في الشؤون الإستراتيجية، رؤوفين بيداتسور، أبرز المشككين في جدوى القبة الفولاذية، وهو كان قد نشر من قبل مقالات رأى فيها أن الدوافع الرئيسية الكامنة وراء تطوير مشروع تطوير المنظومة تجارية الطابع جوهرها انتفاع وتربّح لوبي الصناعات العسكرية في (إسرائيل) من المبالغ الطائلة التي تضخ تحت عنوان تطوير «القبة» من دون أن يكون لعامل الجدوى العملانية الاعتبار الأول على هذا الصعيد.

وأمس الأول أعاد بيداتسور إثارة الموضوع في «هآرتس» من زاوية وضع «القبة» أمام امتحان الواقع «بعد نشر معطيات جديدة عن عملها».

وتركز امتحان الكاتب على «أسطورتين» من الأساطير التي نسجت حول أداء المنظومة، الأولى، هي أن «القبة الحديدية» تنقذ الناس، والثانية تتعلق بالنسبة «المدهشة» لنجاحها في اعتراض الصواريخ المعادية.

ويعتمد بيداتسور في تفنيد «الأسطورة» الأولى على مقارنة المعطيات الإحصائية حول عدد قتلى الهجمات الصاروخية بين فترة ما قبل استخدام «القبة» وما بعدها.

وتظهر هذه المعطيات أن عدد القتلى في عام 2008، الذي يعد قياسيا من حيث عدد القذائف الصاروخية التي أطلقت على (إسرائيل) وبلغ 2048 قذيفة، لم يتجاوز خمسة أشخاص.

كما أن عدد القتلى بين عامي 2001 و 2007 بلغ عشرة أشخاص في حين بلغ عدد القذائف الصاروخية خلال هذه الفترة 2383.

أما في «عمود السحاب» فقد اقتصر عدد القذائف التي أطلقت على (إسرائيل) 1354 قذيفة قُتل جراءها ستة أشخاص، مما يعني أن «الادعاء بأن القبة الحديدية تنقذ أرواح الناس لا يصمد أمام امتحان الواقع، إذ إن الذي ينقذ الأرواح هو الدخول السريع إلى ملاجئ أو أماكن محصنة لا عمليات الاعتراض، حيث إن النتائج متشابهة مع نتائج القبة الحديدية وبدونها».

أما في ما يتصل بالأسطورة الثانية، فهي تنطلق من المعطيات التي نشرها الجيش والتي بحسبها بلغت نسبة نجاح القبة في اعتراض الصواريخ نحو 90 في المئة، إذ إنها على ذمة هذه المعطيات نجحت في اعتراض 421 صاروخا من أصل 479 كانت متوجهة إلى مناطق مأهولة بحسب تشخيص مسار تحليقها.

أي أن عدد الصواريخ التي سقطت على مناطق كهذه هو 58 فقط.

ويرى بيداتسور أن المعطيات على الأرض لا تتناسب مع معطيات الجيش، إذ تكشف جداول الشرطة في المنطقة الجنوبية أنها فككت 109 صواريخ وقعت في مناطق مأهولة، كما أن التقارير التي بثتها وسائل الإعلام في حينه تظهر أن 104 صواريخ على الأقل سقطت في مناطق مأهولة في الجنوب.

وإذا أضيف إلى هذا العدد عدد الصواريخ التي سقطت في المنطقة الوسطى، تكون النتيجة أن «العدد الحقيقي للصواريخ التي أصابت المناطق المأهولة التي دافعت القبة الحديدية عنها هو ضعف ما أبلغ عنه الجيش على الأقل. ويتبين من هنا ان نسب نجاح القبة الحديدية بعيدة كثيرا عن 90 في المائة».

ويقاطع الكاتب المعطيات التي نشرها الجيش في خلال «عمود السحاب» مع تلك التي تضمنتها التقارير الإعلامية ليعزز التشكيك بصدقية معطيات الجيش، وتالياً بما قاله بشأن فاعلية القبة الحديدية.

فوفقا لتقرير أعدته منظمة «كيشف» المتخصصة بمراقبة وسائل الإعلام، تحدث تقارير الأخيرة عن سقوط 25 صاروخا على الأقل بين 17 و 19 تشرين الثاني 2012، أي في ذروة «عمود السحاب»، على المناطق المأهولة في كل من عسقلان وأسدود وسديروت وبئر السبع، في حين تحدث الناطق باسم الجيش عن سقوط 4 صواريخ فقط خلال الفترة عينها.

كما أن المعطيات الواردة في تقارير سلطة ضريبة الأملاك تثير بدورها علامات تساؤل إضافية.

وتظهر هذه التقارير وجود 3165 طلبا تقدم بها إسرائيليون لتعويض الأضرار الناجمة عن «عمود السحاب».

وقياسا إلى إحصاءات الجيش التي تقول إن 58 صاروخا فقط سقطت على مناطق مأهولة خلال العملية العسكرية من أولها إلى آخرها، فإن هذا يعني أن هناك 55 طلبا لتعويض الأضرار تم التقدم به عن كل صاروخ سقط.

وللمقارنة، فإنه في أعقاب عملية «الرصاص المصهور» على غزة عام 2008، تم التقدم بـ1883 طلباً لتعويض الأضرار بسبب سقوط 255 صاروخاً في المناطق المأهولة، أي ما معدله 7.4 طلبات عن كل صاروخ.

أما في «حرب لبنان الثانية»، فتشير إحصاءات الجيش إلى سقوط 1400 صاروخ سقطت في مناطق مأهولة حجم معظمها أكبر من حجم القذائف الفلسطينية، وفي مقابلها تم التقدم بـ30 ألف طلب لتعويض أضرار، أي ما معدله 21 طلبا عن كل صاروخ.

وفي ضوء هذه النتائج يتساءل الكاتب «كيف تسببت الصواريخ في عمود السحاب خصوصا بأضرار أكبر بأضعاف» ما حصل في غيرها من المواجهات العسكرية. ويختم «هل يدل ذلك على أن عدد الصواريخ التي سقطت في مناطق مأهولة ليس 58، بل أكثر من ذلك بكثير؟».

الأخبار اللبنانية

البث المباشر