مبارزة أطباء اسرائيليين تنتهي بمحمد دون أطراف

الطفل محمد الفرا بعد بتر أطرافه
الطفل محمد الفرا بعد بتر أطرافه

الرسالة نت – أحمد طلبة

ساحة المبارزة.. مستشفى "تل هشومير" داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة، الخصوم.. أطباء اسرائيليون، الجائزة.. شهادة امتياز ووسام شرف على حساب أطراف فلسطيني.

الطفل محمد الفرا (4 أعوام) من مدينة خانيونس جنوب غزة، فقد أطرافه الأربعة بعد رحلة استمرت ثلاث سنوات ونصف، بدأت بالمستشفى الأوروبي بغزة ولا زالت مستمرة في مستشفى "تل هشومير" بإسرائيل.

بعد أربعة أشهر من ولادة محمد، بدت عليه أعراض خفيفة ظنت عائلته بداية الأمر أنها عادية، إلاّ أن الأمر زاد واستلزم نقله إلى المستشفى.

قضى محمد فترةً وجيزةً في المستشفى الأوروبي، خضع خلالها لسلسلة فحوصات طبية وأساليب علاج أفرزت  نتائج مبهمة، وانتهت بقرار طبي يوصى بنقل الطفل إلى إسرائيل ليتعالج هناك.

مستشفى "تل هشومير" كان بداية قصة القضاء على حياة الطفل الفرا قبل أطرافه كما يقول والده، إذ وصل في فبراير/شباط 2010، واستمر على حاله دون نتيجة على مدار سبعة أشهر.

ووفق التشخيص الأولى لأطباء "تل هشومير"، اتضح أن الطفل يعاني مشكلة في الأمعاء الغليظة، ويحتاج إلى زرع نخاع عظمي. تلك النتيجة جاءت بعد أشهر طويلة من دخول المستشفى.

هنا.. تحوّل محمد إلى "حقل تجارب" حسب وصف والده، فبعد إعلان الأطباء الاسرائيليين حاجتهم لعينات من نخاع شوكي، أوعزوا إلى عائلته في غزة، فـأرسلت الأخيرة عينات لكنها كانت غير مطابقة.

حالة الفرا الفريدة من نوعها، تحوّلت إلى وسيلة يسعى من خلالها الأطباء إلى إثبات قدراتهم، للحصول إنجاز طبّي، كما يقول والد الطفل لـ "الرسالة نت".

ويضيف: "بدأت المبارزة تأخذ طابعاً شخصياً بين الأطباء؛ لمحاولة الحصول على حل لمشكلة محمد المستعصية،بحكم أن علاجه يعد إنجازاً".

وبعد سلسلة جولات طبية أجراها أطباء "تل هشومير" توزعت بين ألمانيا وأمريكا وبعض الدول الأوروبية بصحبة عينة من حالة الفرا، تم التوصل إلى عقار طبي ألماني.

بداية العلاج، تم حقن محمد بإبرة مخصصة لسن العامين احتوت على سنتيمترين من العقار الألماني، وقد تجاوب معها بالفعل. وفق والده.

أما الحقنة الثانية، فكانت بعد أسبوع وخُصصت لعمر أربعة أعوام، بمعنى أن الإبرة تكبر الطفل الفرا بعامين بخطأ من الممرضة، الأمر الذي أدخل محمد في غيبوبة استمرت يومين.

وبعدها جاء الأطباء بحقنة مضادة (كيماوية)، لعلها تبطل مفعول الإبرة الاخيرة التي تدهور وضع محمد الصحي بسببها، وقد بدأ بالفعل الخروج من غيبوبته.

عادت الحياة إلى قلب الصغير، وأخذ الدم يجري في عروقه الناعمة، إلاّ أن أطرافه الأربعة لم يكن لها نصيب من تجدد ضخ الدم، فشكّل طبقة سوداء صبغت جلده.

ذلك السودا بعث القلق مجددًا في خاطر الأب وعائلته، واستمر الحال شهراً آخراً كان كفيلاً ببث الخوف في قلب الطفل من مشهد أطرافه السوداء.

حالة محمد أوقعت عائلته بين نارين، الأولى تتمثل ببتر أطرافه الأربعة والثانية تنتهي بوفاته بعد إصابته بـ "الغرغرينا" (مرض جلدي)، ففضل الوالد أن يُكوى بالنار الأولى متجاهلاً الثانية تماماً.

قدما محمد الأسودان ويداه، كانتا بمثابة حبكة لقصة جديدة انتهت بقطع أطرافه الأربعة، بعد أن قضى والده عشرة أيام متواصلة في التفكير باتخاذ قرار الموافقة على البتر أو رفضه.

ومن باب حفظ المستشفى ماء ووجهها وخوفها من الاساءة إلى سمعتها، اتخذت قراراً بإبعاد الممرضة التي حقنت محمد، وعرضت على عائلة الفرا تبني الطفل من قبل أسرة (اسرائيلية)، إلا أن الرفض كان سيد الموقف. كما تقول العائلة.

وتستمر حياة محمد كما معاناته بعد بتر أطرافه، في وقت يؤكد فيه والده أن بقاءه على قيد الحياة مرهون باستمرار تناوله للأدوية والعلاجات.

البث المباشر