قائد الطوفان قائد الطوفان

صراع الإرادة القتالية بين قوات التحالف وحركة طالبان

قوات التحالف وطالبان
قوات التحالف وطالبان

 

الرسالة – محرر الشؤون الدولية

عمليات اختباريه بدأت هذا الأسبوع في محافظة هلمند الأفغانية بين قوات التحالف الدولية بقيادة الولايات المتحدة وحركة طالبان، أول هذه العملية هجوم لطالبان يستهدف القوات البريطانية مطلع الأسبوع يتسبب في مقتل 12 جنديا بريطانيا من القوات المرابطة هناك وإصابة إعداد أخرى وخسائر، تأتي هذه العملية الإستباقية لهجوم تعد له قوات التحالف هناك ليكون الأضخم في تاريخ حرب الولايات المتحدة وحلفائها ضد حركة طالبان.

حرب الأساليب القتالية

ورغم أهمية معركة هلمند الجديدة وضخامة الاستعدادات لها فان طالبان لم تقصر نطاق عملياتها في هذه المحافظة كما أنها لم تستقدم لها قوات من خارج المنطقة رغم انها عملت على حشد قوات كبيرة لمواجهة الهجوم الجديد. وفي هذه المرة وبعكس ما كان يعرف عن طالبان بأنها كانت تواهجة الحملات العسكرية الكبيرة الشبيه بحملة هلمند الجديدة بمغادرة المنطقة مع بدء الهجوم، فانها في هذه المرة أعدت العدة للصمود والاشتباك المباشر مع القوات الغازية لكن لا يعرف طبيعة هذا الاشتباك لكن المصادر تحدثت عن تحصينات لقوات طالبان.

في هذا السياق يشير مجرى العمليات إلى تطوير وتغييرات نوعية طرأت على عمليات طالبان في الآونة الأخيرة، كما تشير التقارير إلى أن طالبان وضعت خطة لإجهاض مخطط تجنيد القبائل والمجموعات المسلحة الأفغانية لمقاتلة طالبان حيث أعلن قائد ميداني كبير لطالبان أن هذا المخطط سيفشل كما فشلت كافة المخططات السابقة. وكانت التقارير قد تحدثت عن إعدام عدد من الأفغان بتهمة التجسس والعمل مع قوات التحالف، كما أشارت التقارير إلى أن طالبان لديها القدرة على إفشال مخطط الاعراء بالمال لشراء القبائل والمجموعات المختلفة لمقاتلتها تحت راية التحالف.

خبراء ومراقبون يقولون أن التطورات الجديدة على الوضع العسكري في أفغانستان لا تعني أن نصرا تحقق أو سيتحقق لطرف على حساب الطرف الآخر، لان مدى هذا القتال طويل، ولا يمكن حسمه بضخامة القوة العسكرية رغم انه قد يحقق انتصارا سياسيا أحيانا. فقد قال السكرتير العام لحلف شمال الأطلسي /الناتو/ اندريس فوج راسموسن أمس الجمعة(5 فبراير) في إسطنبول إنه سيكون هناك مزيد من القتال في أفغانستان. وأضاف أن "المسلحين والإرهابيين سيسعون لقتل جنود قوة المساعدة الدولية لإرساء الأمن في أفغانستان (إيساف) والأفغان الأبرياء."

وفي إطار التحضير لهجوم هلمند، والتغيير الذي جرى إدخاله على طريقة إدارة العمليات لقوات التحالف ضد طالبان تحدثت تقارير نشرتها محطة سي أن أن الأمريكية أن قوات أمريكية وبريطانية خاصة اخترقت بلدة "المرجة" المعقل القوي لحركة طالبان في هلمند، لتصفية قيادات الحركة قبيل تدشين أكبر عملية عسكرية منذ الغزو الأمريكي في 2001، لاجتثاث مقاتلي الحركة من المنطقة الوحيدة المتبقية تحت سيطرة طالبان في الإقليم الجنوبي،وأوردت صحيفة "التايمز" البريطانية عن مصادر عسكرية أن قوة خاصة مشتركة تسللت إلى البلدة لتنفيذ مهام لاغتيال زعماء طالبان بهدف تشتيت وإرباك الحركة. وفي تقليد عسكري غير مألوف، أعلنت قيادات الجيش الأمريكي والبريطاني والأفغاني عن استعدادات عسكرية ضخمة لشن الحملة التي أطلق عليها "العملية المشتركة" لاقتحام البلدة، في حملة عسكرية هي الأكبر منذ وضع قائد القوات الأمريكية، الجنرال ستانلي ماكريستال، إستراتيجية للتصدي للمسلحين، مدعومة بقرار الرئيس الأمريكي، باراك أوباما، إرسال 30 ألف جندي إضافي إلى أفغانستان.

اصطياد القادة

فوفقا لتقرير نشره راديو مونت كارلو الفرنسي 8-2-2010 فإن مقاتلو  طالبان بدءوا بالتحصن استعدادا لعملية كبرى لحلف شمال الأطلسي في إقليم  هلمند في جنوب أفغانستان في واحدة من اكبر الهجمات في الحرب التي مضى  عليها ثماني سنوات. ومن المقرر أن يشن مشاة البحرية الأمريكية عملية خلال أيام  للسيطرة على مارجاه وهي منطقة ارض زراعية خصبة تتقاطع فيها  القنوات في وسط هلمند اعنف اقاليم افغانستان وسيكون الهجوم هو ابرز استعراض كبير للقوة منذ أمر الرئيس  باراك اوباما بإرسال 30 ألف جندي إضافي, وأعلنت العملية سلفا على أمل أن يتخلى المتشددون عن القتال  فيما يصفه القادة بأنه أخر معقل كبير لطالبان في الإقليم.

وقال روبرت جيتس وزير الدفاع الأمريكي في تركيا يوم السبت  الأمر يتعلق بجعل الناس تعرف ما سيحدث على أمل أن تغادر  الشخصيات الهامة في طالبان أو الكثير من طالبان ومن ثم يكون هناك  قتال اقل. غير أن بعض القرويين الذين يغادرون مارجاه خوفا على حياتهم  يقولون أن المقاتلين يتحصنون بدلا من أن يفروا، وقال عبدى المنان وهو رجل من مارجاه فر إلى عاصمة هلمند  لشكركاه "طالبان لن تغادر مارجاه. رأيناهم يعدون انفسهم. انهم  ينقلون أشخاصا وأسلحة. نعرف انه سيكون هناك قتال.

ويعتقد بتمركز قرابة ألف من مقاتلي الحركة، معظمهم من الأفغان إلى جانب بعض المقاتلين الأجانب، في "مرجة" المنطقة الوحيدة المتبقية في قبضة طالبان والمقر الرئيسي لإنتاج المتفجرات ونقطة انطلاق منفذي الهجمات الانتحارية.

وأوضحت مصادر عسكرية أن الإعلان عن الحملة العسكرية يدخل في إطار إستراتيجية الحرب النفسية لإرهاب طالبان ودفعها إلى إلقاء السلاح أو الهرب من المنطقة.

لكن طالبان وعلى لسان أحد قادتها، مولاي عبد الغفار أكدت  استعدادها للتصدي للهجوم. وفي تحد قال القائد العسكري الذي يتولى قيادة 120 مقاتلاً لدخول غمار ما أسماه "الدائرة الأولى للمعركة: "لدينا خبراء ومقاتلين شجعان حاربوا وقتلوا الكفرة."

مرحلة جديدة من الصراع

لكن ما يلفت الانتباه هو أساليب طالبان في اصطياد الدوريات العسكرية والأمنية لقوات الحكومة والتحالف، والهجمات المعدة جيدا لمهاجمة المواقع العسكرية والأمنية، واعتماد أسلوب المفاجأة في نقل العمليات من منطقة لأخرى ومن مكان لأخر بطريقة تعمل على تشتيت قوات التحالف ومنع تركيز عملياتها في منطقة دون أخرى.

والآن الاختبار الحقيقي هو بين قوة التحالف العسكرية بما فيها من عتاد عسكري ضخم وقوات وطائرات وتكنولوجيا وبين إرادة المقاتلين من طالبان، بين الأساليب العسكرية الحديثة وبين الأساليب العسكرية البدائية التقليدية البسيطة، بين الغزاة المتسرعين في تحقيق الانتصار وبين المدافعين الساعين إلى إطالة أمدة القتال وتعميق حرب الاستنزاف طويلة الأمد للغزاة، وذلك من اجل تقرير مصير هذا البلد، ومصير الأطراف المتصارعة فيه.

أن معركة هلمند من الناحية الإستراتيجية هي مفتاح قوات التحالف بقيادة الولايات المتحدة لهزيمة طالبان وإجبارها على القبول بالجلوس إلى طاولة المفاوضات، بينما ترى طالبان أن معركة طالبان هي مفتاح لتأكيد فشل إستراتيجية اوباما والتحالف الدولي العسكرية في أفغانستان ورفع كلفة استمرارهم في الحرب حتى يقبلوا بشروط طالبان بالرحيل عن أفغانستان وتركها للأفغانيين ليقرروا مصيرها بأنفسهم.

 

البث المباشر