يجزم المؤرخون أن لمذبحة دير ياسين الأثر الأكبر في الصراع بين الفلسطينيين واليهود، حيث شكّلت مفصلًا تاريخيّا في إحكام "الاسرائيليين" قبضتهم على فلسطين.
جماعات اليهود ارتكبت المذبحة فجر التاسع من أبريل/نيسان عام 1948، بقيادة رئيس الوزراء "الإسرائيلي" الأسبق مناحيم بيغن، الذي قال يومها "لولاها لما قامت دولة إسرائيل".
"فوزية زيدان" عجوز فلسطينية، تقطن مدينة رام الله حاليًا، تروي لـ "الرسالة نت" ما سمعته عن والديها الذين كانا شاهدين على مجزرة دين ياسين، وكانت يومها تبلغ عامًا واحدًا فقط.
تقول: "والدي كان من الفدائيين في القرية، والجماعات اليهودية استغلت غياب أهالي القرية وانشغال الفدائيين في جنازة الشهيد عبد القادر الحسيني لترتكب المذبحة التي راح ضحيتها العشرات".
وتشير فوزية إلى أن القرية صمدت وقت الهجوم عليها "وما كانت لتسقط لولا الحصار الخانق، ونفاد الذخيرة من الفدائيين الذين عادوا من الجنازة سريعًا لمجابهة الجماعات اليهودية".
"تقع قرية دير ياسين إلى الغرب من مدينة القدس، وتبعد عنها حوالي 5 كم، وترتفع 85 مترًا عن سطح البحر، فيما يرجع أصل تسمية كلمة (دير) إلى دير بناه راهب كان قد سكن القرية في القرن الثاني عشر للميلاد.
"
وتوضح أن أهل القرية استشعروا قبل يومين من المذبحة أن الاحتلال يخطط لشيء ما ضدهم، مما دعاهم للاجتماع وتكوين لجنة لشراء الأسلحة وتسليح أهل القرية وكذلك فرض حراسة مشددة، وإقامة خندق يمنع دخول الاحتلال عليهم.
وتروى فوزية –نقلًا عن والديها- أن الجماعات اليهودية راحت تُمثّل في الجثث بعد حرقها وتقطيع أعضائها وهم أحياء.
وعن شهادة جدّها الذي نجا بأعجوبة من المذبحة، ذكرت الحاجة أن المجزرة رفعت معنويات اليهود وكانت سببًا رئيسيًا في دَبّ الذعر بين السكان الذين سرعان ما فرّوا هاربين.
وتُرجع فوزية أسباب شهرة مذبحة دير ياسين دون غيرها من المذابح التي ارتكبتها الجماعات اليهودية عام 1948م إلى "بشاعة التنكيل والتعذيب، فضلًا عن تجمّع الجماعات اليهودية الثلاث الهاجاناة والبلماخ والآرجون معًا في تنفيذ المذبحة".
وتشير فوزية –والألم يعتصر قلبها- إلى أن الاحتلال أقام على أنقاض القرية المدمّرة، مركزًا للأمراض العقلية.
"جماعات اليهود ارتكبت المذبحة فجر التاسع من أبريل/نيسان عام 1948، بقيادة رئيس الوزراء "الإسرائيلي" الأسبق مناحيم بيغن
"
وتعود الحاجة فوزية لتروي كيف كانت الحياة قبل المذبحة، وبِمَ تميزت قرية دير ياسين عن باقي القرى الفلسطينية، وقالت: "كان للقرية مختار واحد، آخرهم هو الحاج محمد سمور، وكذلك لجنة إصلاح خاصة بالقرية تفصل بين المشاكل، وكانت مكونة من رجل واحد من كل حمولة".
ونوهت إلى أن مهر العروس وقتها كان 38 جنيهًا فلسطين فقط. وتؤكد أن القرية كانت تمتاز بجمال طبيعتها الخلابة، ووقوعها في منطقة استراتيجية على الطريق التي تربط بين القدس ويافا.
وذكرت أسماء بعض العائلات التي كانت تقطن دير ياسين وهي شحادة وسمور وزيدان وحميدة وعقل وعيد وجابر.
وأكدت أن أعراس القرية كانت تأخذ طابعًا خاصة عن باقي البلدات "وفق ما أخبرتها والدتها"، منوهةً إلى تميّزهم "بالدبكة الياسينية"، وأناشيد تمدح المختار وأكلات خاصة بقريتها.
وخلال المهاتفة أخذت الحاجة أم محمد تصدح ببعض أناشيد قريتها "رايب يا لبن رايب ..يا عسل في هيانبنا..ياريت الفرح مبارك عليكم يا قرايبنا".
وبحسرة وآسى ختمت الستينية حديثها بقولها "ياريت كل مالنا وكل ما نملك نضيعه ونرجع لبلادنا، أمي دائما رددتها النا "المالك مش هالك" وأنا بقولها لأولادي وأحفادي لليوم: "ياريت بس أعيش يوم واحد في قرية دير ياسين".
علامة فارقة
وتقع قرية دير ياسين إلى الغرب من مدينة القدس، وتبعد عنها حوالي 5 كم، وترتفع 85 مترًا عن سطح البحر، فيما يرجع أصل تسمية كلمة (دير) إلى دير بناه راهب كان قد سكن القرية في القرن الثاني عشر للميلاد.
وفي عام 1945م بلغ عدد سكان القرية 610 نسمة، في حين تعدى عدد اللاجئين الآن 4500 ويتركزون في الضفة والأردن والسعودية.
وعلى الرغم من أن عدد الشهداء الفلسطينيين مختلفٌ عليه إلا أن المصادر تشير لما يزيد عن مائتين وخمسين شهيدًا.
"تفاخر مناحيم بيغن بمذبحة دير ياسين في كتابه فقال: "كان لهذه العملية نتائج كبيرة غير متوقعة، فقد أصيب العرب بعد أخبار دير ياسين بهلع قوي فأخذوا يفرّون مذعورين
"
وقد تفاخر مناحيم بيغن بمذبحة دير ياسين في كتابه فقال: "كان لهذه العملية نتائج كبيرة غير متوقعة، فقد أصيب العرب بعد أخبار دير ياسين بهلع قوي فأخذوا يفرّون مذعورين، فمن أصل 800 ألف عربي كانوا يعيشون على (أرض إسرائيل الحالية) – فلسطين المحتلة عام 1948 لم يتبق سوى 165 ألفا".
وأقدمت الحكومة "الاسرائيلية" على تسمية شوارع القرية بأسماء مقاتلي (الآرجون) الذين نفّذوا المذبحة، تكريمًا لهم.
وعلى الرغم من المأساة التي أحدثها اسم دير ياسين في الذاكرة الفلسطينية، إلا أن الحاجة أم محمد وأبناء بلدتها لم ينسوا حقهم في الرجوع يومًا ولم يتنازلوا عنه لأي سبب كان، طامعين في الرجوع قريبًا.