قائمة الموقع

الحاج فوزي يتمنى رغيفًا من "هوج" مقابل روحه

2013-05-21T16:39:46+03:00
الحاج فوزي حلاوة
الرسالة نت- محمد أبو زايدة

تجاوز الحاج فوزي حلاوة الأربعة والتسعين من العمر، تظهر ملامح الكبر بشكل واضح على وجهه، يعاني من الشوق والبعد عن الحضن الدافئ، ذاكرته تحتفظ بالكثير من المواقف التي لا يمكن أن تمحى من ذاكرته، رائحة العنب الفوّاحة، وخبز الطابون اللذيذ، هذه المواقف خالدة في ذاكرته.

"منذ فترة رحت شرق بيت حانون، شفت المستوطنات، والحدود، وشميت ريحة بلادي من مكاني"، قال الحاج فوزي تلك الكلمات، مستحضرًا رغيف الطابون الذي اشتاق لأن يقسم منه "لقمة"، ويتناوله على أيام.

تمنى لو يحصل على رغيفٍ من خبز بلاده "هوج" التي ينحدر منها، ويتناوله على أيام عدة ، بكل يوم جزء، ويشتم رائحته ليستحضر وقت الشباب، ثم ردد بنبرات صوت مرتفعة قائلا :" والله لو يعطوني رغيف من خبز الطابون رائحته هوج؛ لأطلب الموت من بعدها مباشرة".

قرية هوج تبعد على مسافة 18 كم شرق غزة, وكان أول من سكنها عائلة النجار من الشجاعية, وبلغ عدد سكانها عام 1945 حوالي 810 نسمة, هدمها اليهود سنة 1948م, وأنشأوا مستعمرة دوروت وجيفيم, وسميت القرية بهذا المسمى نسبة لملك طبريا الذي أخذه السلطان صلاح الدين الأيوبي أسيرًا سنة 1179م.

الرقم (48) يعتبر رمز الاحباط عند الحاج فوزي، كما غيره من الفلسطينيين، حيث يمثل للشعب الفلسطيني نقطة تحول "دراماتيكي"، فقبيل هذا العام بسنوات قلائل كانت الهجرة اليهودية قد بدأت إلى فلسطين وأخذ اليهود بإنشاء كيان لهم على الأرض لمحاولة الاستيلاء عليها وطرد أهلها.

كان عمر الحاج فوزي 29 عاما وقت أن باغتهم اليهود، وذخيرة الثوار آنذاك كانت عبارة عن بنادق لا تحتوي إلا بضع رصاصات، والاحتلال لديه الصواريخ, "المعادلة صعبة" وفق قوله.

تحيط بقرية هوج عدة قرى، أبرزها برير والكوفخة والمحرقة ولجد وسمسم.

وسمع جميع أهل القرى المحيطة بشائعات تفَنّن الاحتلال باختلاقها، مثل بقر بطون الحوامل وارتكاب المجازر وغيرها , ما جعلهم يتركون أماكنهم ويرحلون إلى قرى مجاورة، وبدأ الخيط "يكر"، والقرى تفرغ من ساكنيها.

يستحضر الحاج فوزي رحلة السفر قائلًا :"أول ما طلعت رحت على دمرة، قعدنا في الحواكير، بخيم، وبعدها على بيت لاهيا، ثم إلى غزة، وبقينا سنين فيها".

يرتج رأسه يُمنةً ويُسرةً ، ويعض على أصبع السبابة وهو يردد " يا ريتنا ما طلعنا من بلادنا، الخير والبركة كانت فيها".

يرفع الحاج فوزي رأسه، وبيده "عكازه"، الذي صاحبه منذ 65عاما، ويضربه بالأرض، قائلًا  عندي أمل إني أشم تراب بلادي وأندفن بالهوج، وهادي البلاد أخرنا نعود إلها".

فهل يسعف الأمل الحاج التسعيني، ويجعله يلبي رغبته، ثم يغادر إلى آخرته حيث الوطن الأصلي.!

اخبار ذات صلة