قرأت مرة مقولة تقول: طوبى للصوص الكلمة، هذا زمن اليد التي تسرق، وليست تلك التي تكتب" وهو فعلا ما يسود في الكثير من المواقع الأدبية، والصحف، والمجلات، ليس بالخطأ الكبير أن تسرق فكرة، ولكن أن تسرق الحروف التي خطت الفكرة فهذا هو المؤلم.
في ذات مرة وأنا أقلب صفحات الانترنت، وجدت تقريرا صحفيا قديما يخصني، قمت بإعداده قبل خمس سنوات، وقد نشر على إحدى الصحف الخليجية، باسم آخر، عرفت فيما بعد أن الاسم لصحافية فلسطينية، من الضفة، سرقت التقرير وأرسلته بعنوانه، ونصه، دون أن تغير أي كلمة، وهذا ما أثار استغرابي، سرقة بكل وقاحة، ولو غيرت شيئا، في المقدمة أو العنوان، لما عرفت التقرير.
ولكن ما زاد حنقي أني قررت ألا أضيع هذا الحق، ليس حفاظاً على حقي، ولكن لأنني خمنت أنها ربما كانت قد سرقت أكثر من تقرير لأكثر من اسم، ونشرته، وقبضت الثمن، فقمت على الفور، وأرسلت الى الصحيفة رسالة، ولكن لا رد أتاني، ولا أعرف ما الموقف الذي اتخذته الصحيفة.
وللمعرفة تستطيع أن تميز النص الأدبي المسروق بسهولة، لأنه غير واضح المعالم، وفيه أكثر من أسلوب للتناول، وحروف كاتبه تشبه سلطة الفواكه، لا نمطا محددا لها، خصوصا ما بدأ يظهر في بعض القصائد الشعرية، غير معلومة البداية ولا النهاية ولا واضحة المعالم والمعاني، فتظهر وكأن فيها حلقة مفقودة في المنتصف.
لكن في المقابل هناك لصوص مختلفون، متقنون، متمرسون، وقد سمعتم عن قضية الكاتب الخليجي المشهور الذي سرق كتاباً كاملاً ولم يتم كشفه الا عن طريق المحاكم وبعد تحقيقات طويلة استغرقت سنوات.
ولا شك أن الانترنت سلاح ذو حدين، فكما هو أعطانا من المعلومات والأفكار وسعة الانتشار، أيضا أباح نصوصنا، وموضوعاتنا الصحفية، وجعل كل من هب ودب شاعراً، كاتباً، ومؤلفاً.
قرأت عبر أحد المواقع قبل سنوات عن شاب لقب نفسه (بدر الكويت) واقتحم عالم الانترنت وتحديداً المنتديات (السياسية - الاقتصادية - الأدبية) وشارك بفعالية وأثبت وجوده بقوة أكبر عندما تخصص في رصد (لصوص الكلمة) وقام بتسليط الضوء على الكثير من السرقات الأدبية بالأدلة والبراهين الدامغة والتي لا يوجد مجال للتشكيك بها نهائياً وهذا ما جعله يصبح في الكويت أشهر من نار على علم.
هذه الفكرة أعجبتني، فماذا لو قرأنا، ودونا، وحاولنا كشف الأفكار المسروقة، خصوصاً على صفحات التواصل الاجتماعي، والأهم والواجب، أن يكون هناك قانون للنشر يتضمن موضوع السرقة، تقوم عليه وزارة الثقافة، وتنظم موضوع النشر، على الأقل لنعرف نحن الكتاب الى من نتجه في حالة سرقة أي من نصوصنا، لربما استطعت أن أعرف كيف سأحاسب سارقة ذلك التقرير الصحفي القديم.