صوّت مجلس النواب اللبناني لتمديد ولايته الحالية سنة وخمسة أشهر، وذلك بعد أن فشل في إقرار قانون جديد للانتخابات، وفي ظل انقسام شديد في الساحة اللبنانية بسبب الأزمة الدائرة في سوريا.
وأقر المجلس التمديد بأغلبية 97 صوتا من مجموع 128 هو عدد أعضاء المجلس، في حين غابت عن الاجتماع والتصويت كتلة التيار الوطني الحر بزعامة ميشال عون، الذي يعارض التمديد.
ونقلت وكالة رويترز عن مصدر سياسي لبناني وصفته بأنه "بارز" قوله إن المجلس أقر في اجتماعه اليوم تمديد ولايته حتى 20 نوفمبر/تشرين الثاني 2014، مضيفا أن الاتفاق على التمديد تم بعد عشر دقائق من بدء الجلسة.
تأجيل الانتخابات
وبموجب هذا الاتفاق سيتم تأجيل تنظيم الانتخابات النيابية إلى نوفمبر/تشرين الثاني 2014، بعد أن كان من المقرر أن تجري في يونيو/حزيران 2013، كما يعني التمديد أن البرلمان الحالي هو الذي سينتخب رئيسا جديدا للبنان في سبتمبر/أيلول 2014.
وينص الاقتراح -الذي تقدم به النائب المستقل نقولا فتوش ونشرته صحف لبنانية- على تعديل مدة انتهاء المجلس النيابي بصورة استثنائية لتنتهي يوم 20 نوفمبر/تشرين الثاني 2014.
وينص القانون اللبناني على إجراء الانتخابات النيابية في 60 يوما التي تسبق انتهاء الولاية النيابية.
ويعزو الاقتراح أسباب التمديد إلى "الأوضاع الأمنية التي تؤثر بشكل واضح ومباشر على الحياة الطبيعية في مناطق واسعة" من البلاد، مشيرا إلى أن هذه الأوضاع "تتلازم مع تصعيد سياسي وانقسام يأخذ في كثير من الأحيان أبعادا مذهبية وطائفية حادة تنذر تداعياتها بالفتنة".
وتقول عميدة كلية العلوم السياسية في جامعة القديس يوسف فاديا كيوان في تصريح لوكالة الصحافة الفرنسية إن السبب الحقيقي للتمديد هو أن "جميع الأطراف ترغب في الاستفادة من مزيد من الوقت في انتظار أن يحسم الوضع السوري لمصلحة النظام أو المعارضة، فيربح الطرف اللبناني الذي يدعم هذا أو ذاك الانتخابات".
وينفي النائب أنطوان زهرا من قوى 14 آذار أي رهان للطرف الذي ينتمي إليه على نتائج الصراع في سوريا، مؤكدا في حديث للوكالة نفسها أن "الطرف الذي يريد التمديد يستطيع أن يعبث بالأمن وتفجير الوضع في لحظة. ونحن تعاملنا مع الأمر الواقع خشية زعزعة الوضع الأمني".
من جهتها أعربت بعثة الاتحاد الأوروبي في لبنان عن أسفها لتمديد الولاية النيابية وتأجيل الانتخابات.
وقالت البعثة في بيان لها إن الاتحاد شدد في عدة مناسبات على أهمية عملية الإصلاح الانتخابي في لبنان، وعمل إلى جانب السلطات اللبنانية ومؤسسات المجتمع المدني في هذا الإطار منذ عام 2005.
ودعت الفرقاء اللبنانيين إلى التوصل إلى اتفاق على قانون الانتخاب وتحديد موعد جديد للانتخابات، وطالبت بتشكيل حكومة جديدة من دون تأخير.
انقسام حاد
ويعاني لبنان من انقسام حاد بين قوى 14 آذار المناهضة للنظام السوري من جهة وبين حزب الله وحلفائه الداعمين للنظام من جهة أخرى. وتتبادل هذه الأطراف اتهامات بشأن نقل الصراع السوري إلى لبنان، إذ تنتقد قوى 14 آذار بعنف تورط حزب الله في المعارك الجارية في سوريا إلى جانب النظام، بينما يتهم الحزب وحلفاؤه هذه القوى بدعم المعارضة السورية بالمال والسلاح.
كما انعكس الصراع في سوريا على شكل اشتباكات متقطعة في مدينة طرابلس شمالي لبنان بين موالين للنظام السوري ومعارضين له، قتل فيها أكثر من 30 حتى الآن.
وفي وقت سابق أعلن زعيم كتلة التيار الوطني الحر ميشال عون أنه سيطعن بقانون التمديد أمام المجلس الدستوري، كما أعلن رئيس الجمهورية ميشال سليمان أنه سيطعن لكونه وصيا على الدستور والتقيد به.
وكانت كل الأطراف السياسية، لا سيما المسيحية منها، أعلنت رفضها إجراء انتخابات على أساس القانون الانتخابي المعمول به حاليا والمعروف بـ"قانون الستين" (يعود إلى العام 1960).
ويقول منتقدو القانون إن تقسيماته تحول دون تمثيل صحيح للبنانيين، وإن أصوات الناخبين المسيحيين خصوصا تذوب في عدد كبير من الدوائر في أصوات الطوائف الأخرى، وهو ما يمنع المسيحيين من اختيار نواب طائفتهم.
وينتظر أن تتركز الأنظار بلبنان في الأيام القليلة القادمة على تشكيل حكومة جديدة، فمنذ تكليف النائب تمام سلام في السادس من أبريل/نيسان الماضي بتشكيل الحكومة، تحُول الخلافات السياسية نفسها دون التوصل إلى تشكيلة حكومية تتوافق عليها كل الأطراف.
واستقالت حكومة تصريف الأعمال الحالية برئاسة نجيب ميقاتي نتيجة خلافات بين أعضائها على قانون الانتخابات وعلى تعيينات أمنية.
الجزيرة نت