باسم عبدالله ابو عطايا
اضطر رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو إلى دخول مقر الحكومة البريطانية في لندن من الباب الخلفي سيرا على الأقدام ومن ممر جانبي.
وذلك بسبب مئات المتظاهرين الذين اصطفوا لاستقباله بعبارات الشجب والاستنكار بسبب الحصار المفروض على قطاع غزة.
المظاهرات بدأت قبل وصول نتنياهو بنصف ساعة إلى المكان وقد أدى ذلك إلى رفع حالة التأهب في أوساط قوات الأمن خوفا على حياتة.
وقد رفع المشاركون في المظاهرات شعارات تندد بنتنياهو وتصفة كـ " مجرم حرب", واخرى كتب عليها "أطلقوا سراح غزة, وفكوا عنها الحصار", ورغم هطول الأمطار إلا أن المتظاهرين الغاضبين واصلوا مسيرتهم.
ورغم الاستقبال الرسمى الحافل لنتنياهو من قبل رئيس الحكومة البريطانية غوردون براون ، الا ان اعتباره المستوطنات «عقبة» أمام «حل الدولتين» كان حاضرا بقوة كاحدى أهم نقاط الخلاف مع رئيس الوزراء الإسرائيلي.
وبحسب ما نشر في "إسرائيل"، فإن «الرزمة» التي أعدها نتنياهو لعرضها على المبعوث الأميركي ، لم تعرض على رئيس الحكومة البريطانية, ومع ذلك حاول نتنياهو الإشارة إلى بعض محتوياتها من خلال إنكاره موافقة إسرائيل على تجميد الاستيطان لمدة عام وإصراره على أن إسرائيل لن تسلم بأية قيود تفرض عليها بشأن الاستيطان في القدس, وقد تمسك نتنياهو بتذكير البريطانيين والعالم بأن «القدس عاصمة إسرائيل الابدية ولا نقبل أية قيود على سيادتنا هذا أمر واضح. وفقط من أجل التأكيد: القدس ليست مستوطنة. ونحن نبني في القدس منذ 3 آلاف عام».
كما بدا جلياً من خلال المواقف التي أبداها نتنياهو أمام الصحافيين، أنه يحاول الظهور بمظهر الراغب في تحقيق السلام وإلقاء الكرة في ملعب الطرف الفلسطيني.
السعودية اولا
وبحسب المصادر الإسرائيلية، فإن نتنياهو يطرح اليوم شعار «السعودية أولاً» في مجال التطبيع والمقابل المطلوب لتجميد الاستيطان. ولم يعد كافياً لإسرائيل مبادرات من قبيل مكاتب تمثيل مصالح في قطر والبحرين، أو حتى في تونس والمغرب، بل تريد خطوات يلمسها المواطن الإسرائيلي وفي مقدمتها فتح الأجواء العربية، وخصوصاً السعودية، أمام الطائرات المدنية الإسرائيلية.
ويرى نتنياهو أن الاتصالات التي جرت حتى الآن بين مبعوثيه، اسحق مولخو ومايك هرتسوغ، لم تخلق الشروط المناسبة لإعلان وقف تام للبناء في المستوطنات. ويكرر المقربون منه تعبير أن «الاختراق لم يتحقق بعد»، مما يعني أن نتنياهو يريد إطالة المباحثات أو يترك قراره الأخير للقائه مع اوباما في نهاية شهر أيلول المقبل في نيويورك على هامش اجتماع الجمعية العمومية للأمم المتحدة. ومعروف أن نتنياهو نال تفويضاً من «الهيئة السداسية» بالموافقة على تجميد البناء في المستوطنات ضمن شروط معينة وهو يحاول الحصول على أعلى مقابل من الدول العربية.
وكانت وسائل الإعلام الإسرائيلية قد أشارت إلى أن الإدارة الأميركية نالت موافقة كل من قطر وعمان لإعادة النظر في استئناف علاقتهما الدبلوماسية مع إسرائيل, ولكن نتنياهو يريد تحديداً المملكة العربية السعودية، التي يعني التزامها بالتطبيع أمراً آخر يتجاوز حتى واقع أن السعودية هي من صاغت مبادرة السلام العربية. فالأمر يتعلق بمكانة السعودية ودورها الديني والسياسي والاقتصادي في المنطقة.
من ناحية أخرى، شدد نتنياهو على أن القمة الثلاثية مع اوباما والرئيس الفلسطيني محمود عباس لم يتفق عليها بعد بشكل نهائي. وقال إنه يقدر مساعي الولايات المتحدة لخلق أجواء تطبيعية بين إسرائيل والدول العربية. ولم ينس أن يحمل في لندن على سوريا «التي لا تزال عملياً تعزز من قوة حزب الله، وتنقل إليه أسلحة وتتعاون مع إيران. كما أنها تعمل أيضاً مع حماس ولا توقف المنظمات الإرهابية». وخلص إلى أن «سوريا لا تكشف في أفعالها عن الرغبة في السلام».
فلسطين العقبة
اما على الصعيد الفلسطيني، بوصفه العقبة أمام كل تقدم قال نتنياهو: «لقد تقدمنا، وننوي التقدم، ولكننا نتوقع من شركائنا الفلسطينيين أن يكونوا جريئين ويتقدموا نحو السلام». واضاف: «اننا نحاول تحقيق هدفين: الأول إعادة تفعيل العملية السلمية، والثاني هو تمكين استمرار الحياة العادية للسكان الإسرائيليين في (يهودا والسامرة) وهذا يختلف جداً عن سلب الأراضي, لقد أوضحت أننا لن نبني مستوطنات جديدة أو نصادر أراض أخرى لصالح مستوطنات قائمة».
ويبدو أن نتنياهو أخفق في دفع البريطانيين للتجاوب مع مخططه لتركيز النقاش على الخطر الإيراني واعتباره البند الأول في أي نقاش, وأصر براون على أن الأولوية الآن هي لوقف الاستيطان. وبعدما أشاد بالصداقة البريطانية لإسرائيل، قال في المؤتمر الصحافي المشترك «لقد أوضحت أن بناء المستوطنات يشكل عقبة أمام حل الدولتين, وأنا متأكد وواثق أن هناك رغبة حقيقية بتحقيق تقدم», وأضاف ان «تجميد الاستيطان سيقود إلى خطوات مهمة في طريق تطبيع العلاقات مع الدول العربية».
ومع ذلك، فاجأ براون نتنياهو بأن أقر له بصحة فكرته حول السلام الاقتصادي وشدد على أنه «ينبغي تعزيز الاقتصاد الفلسطيني, وأنا أبارك نتنياهو في نيته فعل ذلك.
البعبع الايرانى
وتطرق الى الخطر الإيراني، فقال «إننا نفهم خشية إسرائيل من امتلاك إيران لسلاح نووي. وعلى إيران أن تتعاون مع الأسرة الدولية، وأن تتبنى اقتراح الرئيس الاميركي باراك اوباما، وإلى أن يتحقق ذلك، ينبغي أن تواصل الأسرة الدولية إبداء شكوكها».
وبعد مصافحة قصيرة بين نتنياهو وبراون، سارع رجال الأمن إلى مطالبتهما بدخول المقر، فيما كانت الشرطة تحاول منع المتظاهرين من اقتحام الحاجز, ولكن صرخات وهتافات المتظاهرين ضد إسرائيل وضد نتنياهو كانت طاغية.
وأثار نتنياهو مع رئيس الحكومة البريطانية مواضيع عديدة أمنية مشتركة. وبين المواضيع الأخرى التي قال نتنياهو إنه أثارها مع براون، قضية مقاضاة الضباط الإسرائيليين في بريطانيا بتهم اقتراف جرائم حرب، وكذلك الحملات للمقاطعة الأكاديمية للجامعات الإسرائيلية.