قائمة الموقع

عائلة "مشعل" رواية تضحية يدوسُها العَسْكر

2013-06-19T09:21:56+03:00
المعتقل السياسي الفلسطيني يوسف أحمد مشعل
غزة- محمد أبو حية

وجهٌ شاحبٌ، عينان ذابلتان، جسدٌ هزيلٌ.. هذه هي حال المعتقل السياسي الفلسطيني يوسف أحمد مشعل (23عاما) في سجن المخابرات الفلسطينية برام الله منذ الرابع من يونيو الجاري.

زيارة لم تتجاوز 5 دقائق للسجن حيث يعتقل يوسف أصابت والدتَه السيدة منيرة بالانهيار؛ جراء الإعياء الذي بدى على فلذة كبدها في سجن ذوي القربى, كما تصف.

تراجع الوضع الصحي ليوسف جاء نتيجة الإضراب المفتوح عن الطعام الذي يخوضه أملاً في إنهاء اعتقاله التعسفي, ورفضًا لتجاهل أحكام القضاء بالإفراج عنه، لعدم إدانته بأي من التهم الموجهة إليه.

وتقول الوالدة في حديث لـ"الرسالة نت", إنها زارت يوسف لدقائق في سجن المخابرات بعد وساطات عدة, مشيرة إلى أن الاحتلال كان قد اعتقله واثنين من أشقائه لسنوات ، ولم تشعر حينها بالقهر والظلم الذي تشعر به اليوم.

وتعرض يوسف, الطالب في جامعة القدس للاعتقال والاستدعاء نحو 20 مرة لدى السلطة الفلسطينية منذ العام 2009, كما اعتقله الاحتلال عام 2011 لمدة 14 شهرا.

أصيبت والدة يوسف (45عاما) بجلطة خفيفة فور عودتها من الزيارة ، ونقلت للمستشفى بفعل تردي الحالة الصحية لنجلها, بحسب ما قال شقيقه الأكبر أنس.

وطالبت السيدة منيرة, رئيس السلطة محمود عباس "بتوفير الأمن الفلسطينيين، وإعادة المعتقلين إلى أهلهم, كالمستوطنين الذين أعلن في أكثر من محفل ، أنه متمسك بأمنهم وسلامتهم!".

وتتهم مخابرات رام الله المعتقل مشعل تارة بجمع ونقل الأموال إلى حركة المقاومة الإسلامية حماس ، وتارة أخرى على خلفية ملف اعتقاله لدى الاحتلال (الاسرائيلي).

وأشارت الوالدة إلى أن يوسف "عرف طريقه منذ صغره في ظل وجود الاحتلال, لذلك يلاحق من قبل أجهزة أمن السلطة ، التي تسعى منذ أعوام لاجتثاث أمثاله من المجتمع الفلسطيني ضمن التنسيق الأمني مع (إسرائيل).

وتابعت: "غنَّى شخصٌ أغنية فوصفه الرئيس عباس بأنه فخر الأمة؛ فما مكانة مَنْ يبذلون زهرات أعمارهم في السجون الإسرائيلية دفاعًا عن فلسطين يا سيادة الرئيس؟".

واستطردت بالقول: "أبنائي ضحوا بسنوات أعمارهم في سجون الاحتلال من أجل الوطن, لكن أجهزة أمن السلطة لم تراع هذه التضحيات ، وتدوسها بالاستدعاء والاعتقال لهم تباعا".

وخاضت السيدة منيرة إضرابا عن الطعام لأربعة أيام تضامنا مع نجلها يوسف, فيما تبدي قلقها على مصير نجلها الأكبر أنس الذي تحرر من السجون "الاسرائيلية" بعد تلقيه استدعاء للمقابلة من قبل جهاز الأمن الوقائي.

واعتقل أنس لدى الاحتلال 6 أعوام وفور تحرره من الأسر تلقى استدعاء لمقابلة ضباط الوقائي في رام الله ، إلا أنه يرفض الاستجابة مهما كلفه الثمن, حسب تعبيره.

التفاعل الشعبي في بلدة كوبر برام الله مع قضية المعتقل يوسف مشعل دفع أجهزة السلطة لغض الطرف عن ملاحقة شقيقه الأكبر أنس مؤقتا.

ويقول أنس في حديث لـ"الرسالة نت", إنه لن ينصاع لأي استدعاء أمني ، لأنه يرى ما يلاقيه المعتقلون لدى السلطة من تعذيب وإهانة وتغييب عن العالم الخارجي.

وعاد أنس بذاكرته لليلة اعتقال شقيقه يوسف, موضحاً أن قوة من جهاز الأمن الوقائي داهمت البيت وكان على رأسها أحد الأسرى المحررين من حركة فتح وهو ضابط بالوقائي.

ويضيف أن "هذا الضابط كان معتقلاً معه في ذات القسم لدى الاحتلال, وقد تقاسما الطعام والشراب والملابس وتحررا في ذات الأسبوع من السجون "الاسرائيلية"!.

ويشير أنس إلى أن هذا الضابط صوَّب سلاحه إلى صدره عندما اقتحم البيت لاعتقال شقيقه يوسف, فما كان منه إلا أن وبَّخه وذكَّره بأيام الأسر ، وما كان يقدمه له دون جدوى!.

واستغرب من العقيدة الأمنية التي غرسها التنسيق الأمني بين الاحتلال والسلطة في نفوس أفراد الأمن الفلسطيني ، الذين تنصلوا من حسهم الوطني وواجبهم نحو الوطن والمواطن.

وفي مقر مخابرات رام الله خاطب أحد الضباط أشقاء يوسف بالقول: "إنسوا أن لكم شقيقاً يسمى يوسف!", ولفت أنس إلى أن هذه الكلمات هزّت أركانه ، عندما أُبلغ بها من أشقائه الذين زاروا يوسف في السجن.

ويتلقى أنس تهديدات يومية من الوقائي تحذره من مغادرة منزله ، وأنه في حال المخالفة سيجري اعتقاله, فيما دعا الشبان في الضفة لعدم الانصياع للاستدعاءات حتى تتوقف "مهزلة" الإعتقال السياسي.

السيد أحمد مشعل والد المعتقل يوسف قال إن "قلبه يكاد ينفطر حزناً على حال المعتقلين السياسيين في سجون السلطة والواقع الذي وصل إليه الفلسطينيون".

ويضيف إن ممارسات الأجهزة الأمنية الفلسطينية تثير السخط لدى أهالي الضفة, متسائلاً: "لماذا تعتقل السلطة أبناءنا ولمصلحة مَنْ؟".

وتمنى في حديث لـ"الرسالة نت", أن ينال نجله يوسف الحرية سريعا ، قبل أن يتدهور وضعه الصحي جراء الإضراب المفتوح عن الطعام الذي يخوضه منذ أيام.

وأوضح أن المصالحة الفلسطينية الحقيقية تبدأ بطي سجل الاعتقال السياسي في الضفة ، وقطع دابر التنسيق الأمني بين السلطة والاحتلال ليتوجه الفلسطينيون بقلوب صافية نحو الوحدة.

اخبار ذات صلة