اضطر للبيات على الشاطئ لعدم بيعه الترمس

طفولة أكرم تغرق في بحر غزة

اطفال البائعة على شاطئ غزة(أرشيف)
اطفال البائعة على شاطئ غزة(أرشيف)

غزة – أحمد أبو قمر

يحمل الطفل أكرم صاحب الستة أعوام في حوزته بضعة أكياس من الترمس، ويجول بين المصطافين على شاطئ بحر جباليا وكله أمل في بيعها، مع اقتراب مؤشر الساعة الى العاشرة مساءً.

اتجه أكرم لمراسل "الرسالة نت" الذي كان وقتها يتنزّه على الشاطئ، وقد بان التعب على ملامح وجهه الطفولي، ليطلب منه وبرجاء شراء ما تبقى معه من أكياس ليستطيع العودة للبيت.

أكرم ذو الشعر الكثيف غير المنظّم يستيقظ كل صباح، ليحمل بين يديه الناعمتين "صينية" الترمس ويتجه بها نحو شاطئ البحر، بعد أن يقول له والده "أوعك ترجع قبل ما تبيعهم كلهم".

ملامح الخوف امتلأت على وجنتيه وقت سؤاله عن سبب تأخره لهذا الوقت، ليُجبره الخوف من التلفظ بأي كلمة، إلا أن شراء كيس ترمس من أكرم كان كفيلًا لتحدّثه عن معاناته.

أفصح أكرم عن معاملة والده له حيث يتّخذ بحقه قرارات تعسفية وقاسية تُبعده عن أقرانه الأطفال، وتحرمه من التمتّع بالمخيمات الصيفية.

ويقول أكرم بعد أن وضع صينية الترمس على الطاولة المصطفّة أمامنا على الشاطئ ليريح يديه قليلًا من عناء اليوم "يضايقني جدًا بيع الترمس على الشاطئ، وفي حال رفضي لذلك ينهال عليّ والدي بالضرب المبرح، أود اللعب مع أصدقائي".

ملابسه المهترئة وحدها تكفلت بشرح المأساة التي يعيشها، ليفصح أن عدم بيعه للترمس اضطره للنوم على شاطئ البحر قبل أسبوعين، خوفًا من تعزير والده له.

الارهاق الذي يصاحب أكرم نهاية كل يوم دفع به للحديث مع والدته عن المضايقات التي يلقاها من المواطنين على الشاطئ، مترجيّا اياها الحديث مع والده علّه يعفيه من البيع.

وبيّن أن حديثها مع والده لم يجد نفعًا، في حين أن مبررات والده تكمن في الفقر الشديد الذي تعاني منه الأسرة.

وتساءل الطفل أكرم عن مستقبله التعليمي في ظل قساوة والده عليه، مُتخوّفًا من اقدام والده على

فصله من المدرسة، متأملًا بإكمال تعليمه لاجتياز عقبة البيع والإذلال الذي يلاقيه يومًا".

ويأمل ابن الصف الأول الابتدائي في تغيير وضعه المأساوي، ومشاركة أصدقائه في المخيمات الصيفية، والاستمتاع في اجازته كباقي أقرانه.

ووفق قوله– يترقب الطفل أكرم شهر رمضان المبارك الذي سيُريحه بعض الشئ، من مغبّة البيع في ساعات النهار ويؤجلها لما بعد الإفطار.

وبينت نتائج مسح القوى العاملة أن نسبة الأطفال العاملين سواءً بأجر أو بدون أجر بلغت 4.6% من إجمالي عدد الأطفال العاملين بفلسطين، بواقع 7.2% في الضفة الغربية و0.6% في قطاع غزة.

عمالة الأطفال

الدكتور درداح الشاعر الاختصاصي الاجتماعي، حذّر من مغبّة عمالة الأطفال التي تؤثر على الوضع الاجتماعي والنفسي للطفل مستقبلًا، مؤكدًا أن الطفل الذي لا يعيش طفولته ينشأ مضطربًا قلقًا حاقدًا على البيئة.

وبيّن الشاعر لـ"الرسالة نت" أن معظم الجرائم تحدث من شبان مراهقين لم يعيشوا طفولة طبيعية، موضحًا أن شعورهم بظلم المجتمع هو ما يدفعهم لذلك.

وقال إن عمالة الطفل تحرمه من تلقي القدر المناسب من التعليم، محذّرًا أولياء الأمور من الدفع بأبنائهم نحو العمل في سن الطفولة.

وأكد الشاعر أن التدخين وتعاطي الأترمال ينتشر بصورة كبيرة بين الأطفال العاملين، مشيرًا إلى أنهم يتربون في الشوارع ويكتسبون عاداتها السيئة.

وينتظر الطفل أكرم من ينتشله ويُنقذ طفولته البريئة من مستنقع العمل المبكر، فهل يستمر أكرم في النوم على شاطئ البحر أم سيجد من يضمه لأقرناه الأطفال في المخيمات الصيفية؟.

البث المباشر