قائد الطوفان قائد الطوفان

مقال: حامي.. بارد

أ.وسام عفيفة(أرشيف)
أ.وسام عفيفة(أرشيف)

بقلم/ وسام عفيفة

إذا نجوت من ضربة شمس وأنت تصطف في طابور أمام محطة وقود قد لا تنجو من ضربة سكين أو بصقة في وجهك خلال طوشة على الأحقية بالدور، وعند ذلك إما أن تخوض معركة  ذات الصرامي أو تكتفي بصلح المحطة.

وإذا تخطيت مادة العربي في امتحانات الثانوية العامة بسلام فقد تسقط فريسة لمادة اللغة الإنجليزية، وعند ذلك قد تضطر إلى تكرار تجربة عباس ابن فرناس بالتحليق من مكان مرتفع لكن دون جناحين.

وعندما تقرر أن ترسل ابنك إلى مخيم صيفي ينبغي أن تطلب ورقة حسن سير وسلوك للسائق من وزارة النقل والمواصلات وشرطة المرور قبل أن يستقل الباص إضافة إلى تحديد خط السير في الرحلة عبر خرائط جوجل وخدمة جي بي اس لتجاوز الطرق المغلقة نتيجة الأشغال والصيانة، ولا تنس أن تقرأ آيات من سورة ياسين حتى يجعل الله سدا بين ولدك ومجانين الشاحنات والسائقين المترملين والمستهترين والمخالفين.

وعلى وزارة المواصلات تكبير الإشارات وتوضيحها على الطريق، فهناك من السائقين من يقرأ الشارة: "أخي السائق.. لا تعبر على ممر المشاة.. اعبر على المشاة".

وفي حال انتشيت بالفوز الفني لابن فلسطين وحاولت المشاركة في استقباله عليك أن تحصن نفسك من الوكز والرفس والدفع، وإلا كان مصيرك كمصور تلفزيون فلسطين: سقوط من سطح منزل بعدما لوح أحد المتحمسين به بدلا من أن يلوح بالكوفية، أما لو كانت المشاركة في هذا الاستقبال صبية فإنها تحتاج تحصينات مضاعفة لمثل هذه الأوضاع في ظل حالة "الحز واللز" التي لا يسلم منها أحد.

على أي حال: نحن شعب مزاجه العاطفي حاد، فإذا غضبنا اشتبكنا، وإذا فرحنا تطاوشنا لدرجة لا يفرق فيها الضيف الغريب بين تشييع شهيد أو استقبال ضيف كبير، أو زفة عريس، أو مسيرة وطنية، أو الاحتفال بمحرر، فالمهم أننا نهتف، ونلوح، ونتجمهر، ونتدافع.

وعندما يرتبك الزائر من هذه الحالة السريالية وينتابه الخوف في غزة التي تفرح وتحزن وتموت وتحيا في اللحظة نفسها نطمئنه بالشعار الشعبي: "ما تقلقش"، فتنزل الكلمة على صدره بردا وسلاما.

الحياة هنا مثل لعبة حامي بارد وهي من الألعاب الشعبية الفلسطينية التي نتحرك فيها وفق الموقف مع اختلاف شدة الصوت للتشجيع واكتشاف الهدف.

جربوها، فهي تجعل المشارك يستخدم أسلوب حل المشكلات، وكذلك اكتساب الطاقة اللازمة عن طريق الحركة.

وعلى رأي المثل: "في الحركة بركة".

البث المباشر