اليونانيون منقسمون بشأن إجراءات التقشف

مظاهرات يونانية ضد التقشف (أرشيف)
مظاهرات يونانية ضد التقشف (أرشيف)

أثينا – الرسالة نت

كثيراً ما يعبر اليونانيون عن تبرمهم من الأعداد الكبيرة من الموظفين في القطاع العام، حيث يعتبرون أنهم زائدون عن الحد المطلوب وأن معظمهم لا يقدم خدمات جيدة للمواطنين، وأن توظيف معظمهم كان بفعل نظام مبني على المحسوبية لا المهنية والخبرة.

لكن هذا التبرم لا ينفي أن جميع اليونانيين خائفون من أن يفقدوا وظائفهم، وأن معظمهم يرفض سياسة طرد الموظفين خوفاً من أن تشمله وخوفاً من آثار البطالة على البلد واقتصادها. وهكذا يتضامن معظم اليونانيين مع أي مجموعة عمالية يتمّ طردها أو تجميدها من العمل بموجب القوانين وإجراءات التقشف التي تقدمها سلطات اليونان بين الفترة والأخرى بدفع من ترويكا الدائنين المتمثلة في المفوضية الأوروبية والبنك المركزي الأوروبي وصندوق النقد الدولي.

وترد النقابات العمالية على إجراءات الحكومة بسلسلة من الإضرابات والتحركات، حيث يشل البلد اليوم الثلاثاء إضراب دعت إليه النقابات العمالية فيما لا يكاد يوم يخلو من عدة مظاهرات وتحركات للموظفين الذين تمت إجراءات بحقهم، سواء بتوقيفهم من عملهم أو نقلهم إلى مواقع عمل أخرى.

وفيما يعترف بعض المراقبين بأن ثمة تضخماً في أعداد العاملين في خدمات معينة تابعة للقطاع العام فإن معظمهم يقول إن خطوة الحكومة لن تحلّ المشكلة بل ستزيد من تفاقمها، حيث إنها ستضيف أعداداً جديدة من العاطلين وغير القادرين على إيجاد وظيفة جديدة، ما يعني أزمة اجتماعية واقتصادية متفاقمة في البلد.

إجراءات عقيمة

ويقول كوستاس رابتيس -الصحفي في محطة راديو أثينا- إن الإجراءات هي تضحيات بالعاملين دون نتيجة، وسببها الوحيد هو ترضية دائني اليونان لا غير، نافياً أن يكون القطاع العام متضخماً مقارنة ببلدان أوروبية أخرى، وقد تم تحجيمه فعلاً خلال الفترة الماضية.

وأضاف رابتيس أن إضافة أي عاطل إلى مليون ونصف مليون من العاطلين يفاقم المشكلة في البلد، مشيراً إلى أن إجراءات الحكومة تجري بشكل فوضوي، وقال إن منظمة الشفافية العالمية أشارت في تقرير لها مؤخراً إلى أن اليونانيين يعتقدون أن مستويات الفساد في بلدهم ازدادت خلال السنوات الأخيرة، رغم إجراءات الحكومة.

وعن رد فعل المواطنين، قال رابتيس إنه لا يمكن لأحد أن يتوقع مداه، مشيراً إلى المظاهرات الضخمة في تركيا والبرازيل في حين كانت أسبابها أقل شأناً مما يجري في اليونان، وهذا الأمر يقلق الحكومة اليونانية والدائنين على حد سواء، حسب قوله.

ويقول أستاذ الاقتصاد والتنمية في جامعة أثينا عبد اللطيف درويش إنه لا أساس علميا لعمليات الطرد التي تجريها الحكومة، حيث تجرى بناء على طلبات الترويكا فقط، معتبراً أن القرارات غير صائبة حيث ترفع مستوى البطالة وتقلل مستوى الإنتاج في الدوائر الحكومية التي تعاني أصلاً قلة الإنتاج لعدم التنسيق فيما بينها وقلة الكفاءات والتدريب. وأشار درويش إلى أن عدد الموظفين في القطاع العام متضخم فعلاً، لكن عدم وجود التقنيات الحديثة فيه يجعلهم ضروريين.

واعتبر أن على الدولة واجب تأمين هؤلاء من ناحية العمل والضمان الاجتماعي، خاصة أن منهم من يعمل في وظيفته منذ عشرين عاماً، وهؤلاء لا يمكنهم إيجاد أي عمل آخر.

خطة علمية

وعن وجهة أوساط المال، قال رئيس غرفة تجارة أثينا كوستاندينوس ميخالوس إن الغرفة اقترحت منذ فترة طويلة إيجاد خطة علمية منطقية بحيث لا تحدث إجراءات ظالمة بحق أي موظف، معتبراً أن الحركات الاستعجالية المدفوعة بإصرار الترويكا ستكون لها نتائج سلبية ومعاكسة لما تريده الحكومة.

وقال ميخالوس إن القطاع العام متضخم إجمالاً، ولكنه ضئيل في بعض الخدمات والدوائر خاصةً الصحة والتعليم، حيث أدت السياسة الحكومية خلال السنوات الثلاثين الأخيرة إلى أن يصبح عدد الإداريين في المستشفيات أكبر من عدد الأطباء والممرضين. في المقابل هناك معلمون غير مُعينين في وقت تعاني فيه المدارس بالجزر والمناطق النائية من قلة المعلمين.

واعتبر المتحدث نفسه أن الفوضى الإدارية تبعث برسالة خاطئة للخارج، معرباً عن تأييده لفصل الأشخاص الذين يعملون في القطاع العام دون مؤهلات.

الجزيرة نت

البث المباشر