مع كل "نكشة" داخل الأراضي المصرية، تصبح غزة هي السبب، فيسلط عليها العقاب، من اغلاق المعابر، وتدمير الأنفاق، وزيادة الخناق على أهلها، وتصبح الحياة بلا متنفس، وتبدأ أسعار السلع بالارتفاع، وتجار يعلنون الاحتكار، وآخرون يفقدون شحناتهم على معبر رفح، دون أن يسمح لها بأخذ (vip) لتدخل القطاع.
طفت على السطح مجددًا أزمة نقص مواد البناء وخاصة الإسمنت المهرب عبر الأنفاق في ظل التشديد الأمني المصري، واشتكى مواطنون من نقص الأسمنت في الأسواق ومن محاولات بعض التجار التلاعب في أسعاره التي ارتفعت بشكل كبير.
توقف للبناء
مواطنون بغزة أوقفوا بناء منازلهم، بعد ارتفاع أسعار الأسمنت ومواد البناء للضِعف، فأحمد سرحان (32عامًا)، لم يكمل ترميم منزله "قصارته من الخارج"، بسبب ارتفاع الـ"شمينتو"، يقول " ذهبت للتاجر لأشتري الأسمنت، وجدت الطن تضاعف سعره ليصبح 850 شيكل، فكيف أكمل عملي وهو بهذا السعر الخيالي".
سأل سرحان أكثر من تاجر، إلا أن الأسعار متقاربة، منهم من يرتفع عن هذا، وبعضهم أقل بشواقل، ما جعله يؤجل فكرة الترميم التي بدأ فيها، حتى أصبح منزله " كابوريا". وفق قوله.
عاد قطاع غزة لتناول مرارة الحصار، لا سيما من الجانب المصري، الذي تربطه علاقة وثيقة، ويتأثر بما يجري على أراضيه.
بدت الأزمة واضحة في قطاع غزة من خلال نفاد البنزين الذي يتم تهريبه عبر الأنفاق، وعودة أزمة انقطاع الأسمنت ومواد البناء، إلى جانب الأزمات الموجودة أصلا منذ سنوات، كمشكلة غياب التيار الكهربائي وندرة غاز الطهي، ما ينذر بأيام عجاف تتربص بالغزييّن الذين ما انفكت الأزمات تضرب رؤوسهم، في ظل إهمال عربي وتواطؤ دولي".
الأنفاق هي السبب
إلى شمال القطاع، حيث تكمن شركات صافي لمواد البناء، ذهبت "الرسالة نت"، والتقت مدير الشركة، عبد الرحيم صافي، الذي أوضح أن الأزمة الحقيقية تكمن في اغلاق الأنفاق أو تدميرها من الجانب المصري، موضحًا أن مستلزمات البناء كانت تدخل عبر الأنفاق.
وأكد صافي ارتفاع أسعار البناء لما يقارب الضعف قائًلا " كان طن السمنت بـ 400 شيقل، وأصبح 700 شيقل، ما يعني ارتفاع الضعف تقريبًا"، مشيرًا إلى أنه أوقف بعض العمال نتيجة توقف عمله.
يضيف صافي "توقفت أعمالنا، ولم يعد لدينا أسمنت، فهو كان أساس عملنا، وبدونه اضطررنا لتسريح بعض العمال، ما يعني زيادة البطالة في المجتمع الفلسطيني".
وحول غلاء الأسعار المفاجئ أوضح صافي أنه ناتج عن زيادة تكلفة نقل وشحن الأسمنت الذي يستطيع العمال ادخاله من الأنفاق المتبقية، التي لم يهدمها الجيش المصري بعد، نافيًا وجود احتكار في صفوف التجار.
وشهدت الأيام القليلة الماضية إجراءات أمنية استثنائية في الجانب المصري من الحدود مع قطاع غزة، رافقها قيام السلطات المصرية باستهداف وإغلاق العديد من الأنفاق المنتشرة على طول الحدود المصرية – الفلسطينية.
تكلفة النقل
من جهته، قال المهندس عبد الفتاح الزريعي مدير عام حماية المستهلك في وزارة الإقتصاد، إن سبب ارتفاع أسعار الأسمنت، يرجع لارتفاع تكلفة النقل من المصنع بمنطقة رفح، من خلال زيادة قدرها 150 جنيه، وبسبب الاجراءات والحواجز الأمنية التي وضعها الجيش المصري في تلك المنطقة، وأيضًا ارتفاع في أجرة النقل عبر الأنفاق حيث زادت 4 أضعاف.
وأوضح الزريعي أن انتشار الجيش المصري؛ يحد من قدرة التجار على جلب المنتجات من الأنفاق، ويقابل ذلك طلب متزايد من المواطنين على هذه السلعة.
وطالب المواطنين – الذين يمكن لهم تأجيل أعمالهم المتعلقة بالأسمنت- بأن يؤجلوا أعمالهم لفترة لاحقة، حتى تكون الأمور أكثر استقرارًا.
وأضاف الزريعي "أما المواطنين الذين لديهم حاجة ملحة، فلا يسمحوا للتاجر باستغلالهم، واذا ما تم استغلالهم فعليهم أن يبادروا بتقديم شكوى بالمخالفين"، مؤكدًا أن وزارته تراقب الأسعار يوميًا.
وتوعد مدير عام حماية المستهلك، التجار المخالفين الذين ترصد بحقهم حالات احتكار، بإحالتهم للنيابة، وزجهم بالسجن، قائلًا "لا نسمح للتجار استغلال المواطنين للحصول على مكاسب".
وتابع "جميع التجار المخالفين الذين رصدت لديهم حالات احتكار تم تحرير محاضر ضبط بحقهم، وأحيلوا للنيابة، وبعضهم في السجن، ومنهم من ينتظر قرار المحكمة لصدور حكم بحقه".