لم يعد معبر رفح البري يستقبل أعدادا كبيرة من المسافرين في الوقت الراهن، وقد يكون العاملون داخله أكثر من عدد المسموح لهم بالسفر يوميًا عبر هذا المنفذ الذي يعد ممرًا وحيدًا للفلسطينيين على العالم الخارجي.
وأصبح عدد المسافرين لا يزيد عن 150 مسافرًا يوميًا، بعد الانقلاب العسكري على الرئيس المصري المنتخب محمد مرسي في الثالث من يوليو/تموز الجاري .
وكانت سلطات الانقلاب الجديدة قد أعادت تشغيل المعبر بعد خمسة أيام من إغلاقه، لكن بشكل جزئي بمعدل أربع ساعات يوميًا.
والفئة المسموح لها بالسفر هي حملة الجوازات الأجنبية والإقامات والمرضى، ومصير باقي الفلسطينيين يظل مجهولًا، وتتحكم الرشوة في كثير من الأحيان بسفرهم.
وبالنسبة للفلسطينيين فإنهم يأملون أن تنتهي الأزمة السياسية في مصر، ويعود العمل في المعبر إلى سابق عهده، على الرغم من أن مراقبين يشكون في ذلك، ويرون أن ما هو معمول به الآن هو ما كان يطبق إبان زمن الرئيس المخلوع حسني مبارك.
وقال محمد نحال أثناء وقوفه في طابور من أجل تسجيل أسرته للسفر أمام معبر رفح في ظل النظام الجديد: "لا أعلم إن كان سُمح لي أم لا؟، ووالدتي تحمل الجنسية المصرية وزوجتي كذلك وأنا ما زلت أسعى للحصول عليها".
وحاول نحال (32 عامًا) الاستفسار من موظف التسجيل حول إمكانية قبول الجانب المصري بسفره، لكن الأخير ردّ عليه بفتور: "الله أعلم".
وعاش الفلسطينيون عشرة أشهر في رخاء وفق ما يقول مسافرون، إذ وصلت ساعات العمل في المعبر إلى اثنتي عشرة ساعة، وقفز عدد المسافرين إلى 1400 مسافر في بعض الأحيان.
وكانت جماعة الإخوان المسلمون التي تناضل في الميادين والشوارع المصرية، على سدة الحكم وهي كثيرًا ما تتعاطف مع الفلسطينيين في قطاع غزة.
بيد أن الحكام الجدد لمصر على عكس ذلك، ويحاولون إرضاء السلطات الإسرائيلية في تعاملهم مع سكان غزة.
ويتوافد إلى الساحة الرئيسة أمام المعبر العشرات من المسافرين يوميًا ممن لا تنطبق عليهم الشروط، على أمل أن يغادروا القطاع بعدما أجروا سلسلة اتصالات ودفعوا الرشاوي لجهاز المخابرات العامة المصري الذي يتحكم بالسفر منذ حل جهاز أمن الدولة.
واكتفت كفاح الشاعر التي فشلت محاولات سفرها لليوم الثالث على التوالي بالقول: "حسبنا الله ونعم الوكيل، لقد تحولت الزيارة إلى رحلة عذاب".
وهذه السيدة تعمل مع زوجها في دولة قطر، وقد وصلت مطلع حزيران/ يونيو في زيارة إلى أسرتها بمدينة رفح، وأملها الوحيد أن تتمكن من مغادرة غزة.
وكان المسئولون الفلسطينيون على المعبر يتطلعون خلال هذا الصيف إلى رفع عدد المسافرين إلى ألفي إنسان يوميا، لكن تطلعاتهم ذهبت أدراج الرياح.
وقال ماهر أبو صبحة مدير الإدارة العامة للمعابر والحدود في غزة: "إن المعبر يعمل شكليًا فقط".
ولم يتوقف أبو صبحة عن مطالبة السلطات المصرية بالنظر إلى أهمية السفر بالنسبة لمليوني نسمة يعيشون في غزة وبينهم آلاف المرضى وحملة الاقامات والطلبة الجوازات الأجنبية.
وأوضح لـ"الرسالة نت" أن الجانب المصري يقول إنه يعمل وفق خطة طوارئ حاليًا، لتنظيم سفر الحالات الإنسانية فقط "لكني أؤكد أن هذه الخطة لا تكفي لسفر هذه الحالات أيضًا".
وليس المسافرون هم المتضررون من وراء خطة الطوارئ المعمول بها، إذ تكبدت مكاتب الحج والعمرة في القطاع خسائر فادحة وألغت سفر الآلاف ممكن كانوا يعتزمون أداء العمرة خلال شهر رمضان المبارك.
وعبَّر ماجد العفيفي المدير التنفيذي لشركة "هواى" للحج والعمرة عن أسفه لإلغاء موسم العمرة في رمضان، وقال "موسم عملنا وربحنا في رمضان".
وبيّن العفيفي لـ"الرسالة نت" أن 150 معتمرًا كانت أسمائهم مدرجة وفق كشوف لدى مكتب شركتهم لأداء العمرة خلال رمضان، لكن لم يتسن لهم السفر.
واستعاد عبد الحميد أبو نصرة الذي كان يمنى النفس بزيارة بيت الله الحرام مع زوجته خلال الشهر الفضيل رسوم العمرة الملغى من أحد الشركات في رفح، لكن الحزن كان جليًا على ملامحه وظل يردد "قدّر الله وما شاء فعل، إنه قضاء الله".