الضفة الغربية - الرسالة
تناسيا لتضحياتهم، وتجافيا للحق والحقيقة، وإنكارا لسنوات قضوها في سجون الاحتلال وفي ساحات البطولة في مواجهة العدو، شنّت حكومة فتح في رام الله حربا جديدة على مجاهدي حركة حماس في الضفة الغربية عنوانها "المحاكم العسكرية".
فخلال أقل من أسبوع أصدرت المحكمة العسكرية في الضفة الغربية أحكاما قاسية تصل إلى خمسة سنوات.
ولاقت الأحكام الصادرة على أبناء حركة حماس استهجانا كبيرا لدى الأهالي والمواطنين بالضفة، حيث وصفوها بالمحاكم الشكلية والظالمة والانتقامية، كونها لا تستند لأي أدلة أو قوانين غير الانتقام من كل أبناء الإسلام.
والد أحد المختطفين الذي حكم عليه خمس سنوات قال للـ"الرسالة ":"قرار المحكمة كان صادما ، الحكم لم يكن متوقعا أبدا، ولم نكن نتخيل أن ابننا سيحاكم بهذه الطريقة بعد أن أمضى فترة اعتقال طويلة في سجون الاحتلال".
وأضاف الوالد والألم يعتصر قلبه:"لقد أصبحت أجهزة فتح تمثل الاحتلال في أعمالها، فهي تعتقل المقاومين والمجاهدين ومن أمضوا سنوات في السجون الإسرائيلية، لتحكم عليهم بسنوات وشهور طويلة كما فعل الاحتلال، لقد ماتت الوطنية والإنسانية من قلوبهم وضمائرهم، وأصبحوا كالآلات التي تتحكم بحركتها وأفعالها الاحتلال.. لا بل قد أصبحوا كلاب أثر لدى الاحتلال في تتبع المجاهدين بالضفة".
قيادات في المحاكم
وشملت الأحكام الظالمة قيادات ووجوه إصلاح طالما عرفها المجتمع بمكانتها، حيث تم إصدار حكم بالسجن على القيادي البارز في حركة حماس غانم سوالمة لمدة عام ونصف، وهو من مخيم بلاطة وأحد أبرز وجوه الحركة الإسلامية في شمال الضفة، وأسير محرر وأحد المبعدين إلى غزة، وكان قد اختطف عدة مرات لدى أجهزة عباس وأمضى قرابة العام ونصف في سجونهم.
كما أصدرت المحكمة العسكرية في نابلس على الأسير المحرر عصام شبيطة حكما بالسجن لعام، والأسير المحرر محمد أبو عمشة حكماً بالسجن لعامين.
وأكدت مصادر مقربة من أسر وعائلات عدد من مختطفي الحركة للـ"الرسالة " أن أجهزة فتح تستعد للحكم على عدد كبير من المختطفين وقد عرف من الأسماء التي تم تحويلها إلى المحاكم العسكرية المطارد القسامي علاء حسونة وهو أسير محرر وأحد مبعدي غزة ومختطف لدى أجهزة عباس منذ ما يزيد عن سنة ونصف، والأسير المحرر علاء السركجي الذي اخُتطف فور الإفراج عنه من سجون الاحتلال وهو مختطف منذ قرابة العام.
كما تنوي أجهزة فتح تحويل الأسير المحرر راغب أحمد عليوي وهو أسير محرر ومختطف قرابة العام إلى المحكمة العسكرية، والأسير المحرر سائد ياسين وهو ناشط حقوقي ومدير جمعية أنصار السجين سابقاً وتم اختطافه بعد الإفراج عنه من سجون الاحتلال بثلاثة أيام، والأسير المحرر أمجد زامل وهو أحد مبعدي مرج الزهور، اختطفته الأجهزة عدة مرات وأمضى في سجونهم ما يزيد عن العام، والأسير المحرر مأمون عاشور وهو مختطف سابق لدى أجهزة عباس.
ولم تقتصر حملات الاعتقال والمحاكمة على نشطاء الحركة والقادة السياسيين، حيث شملت محاضرين جامعيين وأكاديميين، عرف منهم المحاضر الجامعي في جامعة النجاح الوطنية د.غسان خالد، الذي اعتقل بعد أيام قليلة من خروجه من سجون الاحتلال، حيث لم تلبث عائلته أن تفرح بتحريره بعد عامين من الاعتقال الإداري، حتى هاجمت أجهزة فتح منزله واختطفته من بين أطفاله وزوجته.
صحفيون مستهدفون
كما شملت حرب المحاكمات العسكرية الصحفي طارق أبو زيد مراسل فضائية الأقصى، وأصدرت بحقه حكماً بالسجن لعام ونصف، مما يدلل على الهمجية التي تتسم بها سلطة فتح، في قمع الحريات وتكميم الأفواه.
من جانبهم عبّر إعلاميون فلسطينيون من الضفة عن استهجانهم لقرار اعتقال الصحفي أبو زيد وتحويله للمحكمة العسكرية، حيث قال أحد زملائه:"الحكم على أبو زيد وتحويله لمحكمة عسكرية أمر محبط وظالم، فهو يعمل في مجال الإعلام، وعليهم احترام هذه المهنة، على كل من يدعي أنه يمارس الحرية والديمقراطية أن يرفض ما يجري ويطلع سراحه مباشرة، هو وباقي الصحفيين المختطفين لدى سلطة رام الله".
وأضاف:"ما حصل للزميل طارق من الممكن أن يحصل مع أي صحفي في الضفة، خاصة الزملاء المحسوبين على التيار الإسلامي، وهذا يتطلب وقفة جادة لحماية الإعلام والإعلاميين في الضفة الغربية".
واستمرارا للاضطهاد الذي يعيشه المواطنون بالضفة الغربية، أكدت عدة مصادر من داخل سجون أجهزة عباس في مدينة نابلس تحديدا، أن الأجهزة تستعد لشن حملات اختطاف موسعة خلال الأيام القادمة، وأنها شرعت في فتح وتحضير الزنازين وغرف التحقيق لاستقبال مختطفين جدد، مما شكل حالة من الصدمة بين المواطنين الذين يترقبون أنباء المصالحة التي تتباكى عليها حركة فتح.