كل الأصابع في مخيم المغازي تشير إلى بيتها وكل الأحاديث في المخيم تمتدح تميزها الذي رفع رأس أهلها وذويها في يوم إعلان نتائج الثانوية العامة.
اقتحم "الفرح" منزل الطالبة "عزّة أبو منديل" وولج من باب التفوق بعد أن حصلت على ترتيب الأولى على محافظات الوطن في الفرع الأدبي بمعدل 99.5%.
منذ يومين وبيتها تحوّل إلى مزار للمهنئين والصحفيين الراغبين في كشف تفاصيل المثابرة الممهدة للتفوق في امتحان الثانوية العامة هذه السنة.
الأولى على الوطن
تنصب عربة البث الفضائي أسلاكها على فوهة الزقاق المؤدي لبيتها فيما يسمع من خارج البيت جلبة عشرات الضيوف المنوّعين بين الجيران والمهنئين والصحفيين.
تتكوم "عزّة" على أريكة حجرة الضيافة مطأطئة رأسها محملقة في حزمة أوراق على الأغلب تحمل أسئلة وإجابات لامتحانات الثانوية العامة.
ترفع رأسها كل عدة دقائق لترد على تهنئة أوتجيب على صحفي ثم تعود لنوبة الفرح الممزوجة بالحياء من هذا الاقتحام المحبب لقلبها وقد جاء بعد شهور من الجهد.
وتقول لـ"الرسالة نت" :"الحمد لله تفوقت وأسرتي دعمتني من أول العام ووفرت لي الأجواء النفسية والدراسية كما أشكر كل مدرسات مدرسة شهداء المغازي الثانوية للبنات وناظرتها وطالبات صفّي".
تعدّل منظارها الطبي كدأب المنشغلين في الحديث قبل أن تؤكد أن التفوق لم يرتبط لديها بعدد ساعات الدراسة الطويلة بل بالإصرار والإرادة كما تقول.
وتتابع:"عشنا ظروف صعبة من قطع الكهرباء والحرب الأخيرة ولكنني وضعت هدفًا لا بد من انجازه رغم الصعوبات وأكثر ما أزعجني هو قطع الكهرباء في الحرّ والظهيرة لكن أهلي كانوا يوفروا لي مولد بديل".
99.5% بالضبط !
تتفاعل قسمات وجوه الحاضرين وعلى رأسهم والدا "عزّة" مع حديث ابنتهم فتتهلل أساريرهم ويبتسمون نصف ابتسامة فرحاً بما تقول.
الغريب أن ابنتهم كانت قد توقعت نسبة تفوقها في الثانوية العامة وأكدت لأهلها حصولها على هذه النسبة دون أن تتحرك عُشرًا واحدا.
عن ذلك تتابع:"حسبت نسبة نجاحي بالضبط حسب الإجابات النموذجية وتوقعت 99.5% واليوم أقدم شكري لناظرتي سميرة هارون ووالدي وليسامحوني لأني وترت أعصابهم مؤخرا".
وتحلم "عزّة" بدارسة الأدب الانجليزي في الجامعة الإسلامية بغزة لأنها مادة حلوة وغريبة وموقعا للإبداع –على حد وصفها .
وتبارك والدة "عزّة" في بداية حديثها لـ"الرسالة نت" مؤكدةً أنها كانت تتوقع فرحة التميز العام الماضي حين كانت شقيقتها في الثانوية العامة وحصلت على نسبة 96.5% .
وتتابع:"كنا نتمنى نسبة أكثر لأختها وكانت أمنيتنا أن تكون إحدى بناتي من أوائل الوطن لكن عزّة هذه السنة هي من حققت الأمنية فجاءت على يديها".
"ماجستير أخلاق"
في حجرة الناظرة بمدرسة شهداء المغازي الثانوية للبنات لا يكف هاتفا الناظرة سميرة هارون الأرضي والخلوي عن الرنين من مصادر عدة.
تتخلّص من معظم المتصلين بإجابات مقتضبة مبررة ذلك بأن لديها ضيوف من الصحافة للسؤال عن الأولى على الوطن "عزّة أبو منديل" ومشاغل أخرى.
وكانت الناظرة هارون قد زارت منزل المتفوقة أبو منديل وتمكنت "الرسالة نت" من إجراء مقابلة صحفية معها على مرحلتين الأولى في مكتبها والثانية في منزل أبو منديل.
تقول هارون إن "عزّة" تلقت اتصالا من مجهول قبل إعلان النتائج يؤكد لها حصولها على ترتيب الأولى على محافظات الوطن.
وتضيف:"السنة الماضية كانت لديها ملامح تفوق وهي متميزة بالعطاء والتركيز وأنا أتابعها من السنة الماضية, كان بمدرستنا الثانية على الوطن مرتين في السنوات السابقة ومتفوقات بترتيب آخر عدة مرات لكن عزة الأولى في تاريخ المدرسة" .
تصف هارون الطالبة "عزّة أبو منديل" بأنها "ماجستير أخلاق" من خلال معرفتها بسلوكها ومواظبتها طوال السنوات الثلاث الماضية .
وفي حجرة الضيافة بمنزل "أبو منديل" باركت الناظرة هارون لعزّة مضيفة:"بكل الحب والحنان أبارك لابنتي عزة وسأبقى أتابعها حتى وهي في الجامعة كما أشكر طاقم المدرسة الذي عمل كخلية نحل" .
وتتمنى أن تخرج من مدرستها كل سنة "عزّة" جديدة مشددة أنها كانت على كامل الثقة بل على يقين بحصولها على الأولى لهذه السنة –كما تقول .
وتتابع:"ثقتي كانت لأنها لم تغب يوما واحدا واجتازت كل امتحانات التجريبي خلافا عن المتفوقات اللواتي كن يغبن بعض الأيام وهي لم تقصر في شيء مطلقا وحضرت كل المسابقات وكان انتماؤها للمدرسة واضح ولم تبخل يوما على طالبة بالمساعدة" .
ولايزال الضيوف والمهنئون يتوافدون على منزل الطالبة "عزّة أبو منديل" لتهنئتها وقد تردد صدى اسمها في وسائل الإعلام واجتهد الكتاب الصحافيون والمذيعون في تقديم وعنونة المقابلات الصحفية معها استحسانا لتميزها.