القاهرة – الرسالة نت
منذ انتخابات المرشد الثامن في تاريخ جماعة الإخوان المسلمين والتي جرت في شهر ديسمبر الماضي لخلافة المرشد السابع محمد مهدي عاكف الذي اختار ان يتنحى عن قيادة الجماعة بعد انتهاء مدة ولايته الأولى.
هذا الأمر فتح الطريق أمام تغيير الاسلوب الذي سارت عليه الحركة منذ مرشدها الأول بالتجديد للمرشد في قيادة الجماعة، ولينذر بتغيرات جديدة في فكر الجماعة السياسي بحسب وجهة نظر قيادات في الجماعة وأجواء من التوتر والتصعيد فرضتها الحكومة المصرية في محيط الجماعة بدأتها بحملات اعلامية موجهة من وسائل الاعلام الرسمية.
وهدفت هذه الحملات التشويش على عملية انتخاب المرشد والتشكيك فيها واثارة اجواء من البلبلة حولها وتصويرها على انها تاتي في سياق صراعات داخل الجماعة على المناصب القيادية، وصراع بين قيادة الجماعة في مصر والتنظيم العالمي.
ومهدت الحكومة لذلك بحملة اعتقالات لعدد من قيادات الجماعة زاعمة انهم يمثلون التنظيم العالمي للاخوان المسلمين وقدمتهم الى المحاكم وعرضتهم الى تحقيقات قاسية غير مسبوقة منذ سنوات، وبعد ذلك قامت بشن حملة اعتقالات واسعة في صفوف قيادات الجماعة في عدد من المحافظات من كل ارجاء مصر. لكن الجماعة التي فاجئها سلوك الحكومة المصرية هذا استمرت في عملها في اتجاهين متوازيين:
الاتجاه الأول: رفض حملات الاعتقالات والدفاع عن المعتقلين واللجوء الى القانون والقضاء للرد على سلوك الحكومة وهو ما انتهى الى رفض القضاء لكل التهم الموجهة لقيادات الحركة وقيام تحركات سياسية وشعبية مساندة لدعم جهود الافراج عن قيادات الجماعة من السجون وهو ما انتهى له الحال لاحقا.
الاتجاه الثاني: المضي قدما في اجراء الانتخابات للمرشد الجديد واعضاء مكتب الارشاد وتمسك المرشد السابق عاكف بانجاز هذا العمل رغم كل الظروف والضغوط ومحاولات التشويش المنظمة التي تديرها بعض الجاهات ضد الجماعة وفكرها وقيادتها.
** اجتياز الامتحان
وبهذه الطريقة نجحت الجماعة في اجتياز امتحان صعب ان لم يكن الامتحان الاصعب في العقدين الاخيرين من تاريخ الجماعة، وذلك ليس من خلال انتخابها لمرشدها الجديد بخلاف اسلوب التجديد المعتاد، وانما من التحولات المهمة التي رافقت هذه الخطوة من قبل قيادة الجماعة من أجل استنهاض قوة الجماعة وطاقاتها وتجديد كفاءاتها القيادية، واسلوب ادارتها للعمل. ووفقا لما قاله المرشد السابق عاكف فان الجماعة بهذه التغيرات انما تقف امام عهد جديد.
لكن هذا النجاح للجماعة الذي اشاد به القاص والدن، ودعمته كل قواعد الجماعة ورحبت به، لم يرق للمستوى الرسمي خصوصا الامني في الحكومة المصرية، واستقبلته بحملات مكثفة في اتجاهين ايضا:
الاتجاه الاول: حملة تشويه وبلبلة ضد قايادة الجماعة وتحديدا المرشد الجديد ومحاولة استرجاع صورة نمطية قديمة من اروقة التاريخ الامني المصري ضد الجماعة بالاعلان عن كشفها لوجود تنظيم قطبي في الجماعة نسبة الى سيد قطب والذي بحسب الصورة النمطية له في التاريخ الأمني الرسمي مع الجماعة بانه تيار تكفيري يؤمن بالعنف لتغيير الحكم والاستيلاء على السلطة.
وزعمت انها اعتقلت 22 شخصا في احدى المحافظات كانوا يخططون للانقلاب على السلطة من هذا التيار وزاعمة ان المرشد المنتخب محمد بديع من انصار هذا التيار " التيار القطبي للتذكرة فقط نسبة الى سيد قطب الاديب والمفكر الاسلامي المعروف والذي لم يكن يوما من الايام سوى رجل اصلاحي تجديدي حاول ان يقدم فهما معاصرا لفكرة الاسلام ليس فقط كدين ولكن كمنهج حياة تغييري قادر على تعبئة طاقات الامة والمجتمع في اطار واحد من اجل اقامة دولة قوية والعودة بقيم الاسلام الغائبة الى واجهة الحياة اليومية المعاشة باسلوب حضاري وبسيط، لكن ذلك فسر من قبل النظام المصري في حينها على انه دعوة للانقلاب على السلطة الحاكمة وتكفير للمجتمع ومحاولة لتغيير المجتمع بالقوة، وتم محاكمته على ذلك والحكم عليه بالاعدام في 1956، ومن حينها عرف من اروقة الامن المصري ما اطلق عليه التيار القطبي التكفيري، لكنه لم يكن موجودا في اوساط الجماعة او فكرها، وظل هذا التيار من ميراث الاجهزة الامنية المصرية مع الجماعة وليس من فكرها وتاريخها"
الاتجاه الثاني: حملة اعتقالات واسعة هي الاكبر منذ الانتخابات التشريعية الاخيرة التي شهدتها مصر قبل حوالي عامين من الآن وشملت العشرات بل المئات من قيادات الصف الاول للجماعة بما فيها قيادات من مكتب الارشاد ونائب المرشد وقياداتها الاقليمية والتي شكلت مفاجئة للجماعة والاوساط السياسية التي اعتبرتها غير مبررة وتتم لتحقيق اغراض سياسية خاصة بالحكومة، هذه الاعتقالات لفتت انتباه حتى المراقبين خارج مصر وكثير من الدول التي تزعم لنفسها مساندة قضايا حقوق الانسان.
** ضربة استباقية
محمود حسين المتحدث باسم الإخوان المسلمين اعتبر أن عمليات اعتقال أعضاء كبار في الجماعة في الآونة الأخيرة تعتبر مؤشرا على "إفلاس" الحكومة مؤكدا أنها لن تحبط خططها المستقبلية.
جاءت تصريحات حسين بعد نحو أسبوع من اعتقال قوات الأمن لستة عشر عضوا في الجماعة بينهم ثلاثة أعضاء بارزين. ووفقا لما قاله محامي الجماعة فغن جهاز أمن الدولة اتهم المعتقلين بمحاولة إقامة معسكرات تدريب لشن هجمات. وقال حسين يوم الأحد إن الاعتقالات نتجت عن إحباط الحكومة الناجم عن فشلها. وأضاف "هذا إن دل على شيء فإنما يدل على إفلاس النظام.