قائمة الموقع

"عروبة القدس" تثخنها طعنات التهويد

2013-08-04T13:28:00+03:00
(الأرشيف)
رام الله- الرسالة نت

كانت المرة الأولى التي تصل فيها الحاجة أم أنس إلى أروقة القدس وأزقتها، ظنت أنها تلك المدينة الوادعة الهادئة التي رأتها آخر مرة عام نهاية التسعينات، قبيل اندلاع انتفاضة الأقصى.

لم تكن تعلم أنها ستفاجأ بحزام استيطاني يقطع أوصالها ويحولها إلى تجمعات سكنية فلسطينية صغيرة، أو وجود عسكري ضخم يخفي ملامح مدينة السلام أو جماعات من المستوطنين تستبيح حجارتها العتيقة.

كل تلك المعالم باتت الوجه المزور لقدس تئن تحت وطأة الاستيطان والتهويد، فوجهها الحقيقي أخفي تحت سيل من المخططات (الإسرائيلية) المتسارعة لوأد حلم الفلسطينيين بالدولة المستقلة وعاصمتها القدس الشريف.

سباق الزمن

ولم توفر حكومة الاحتلال أي جهد في زيادة وتيرة الاستيطان بالقدس خلال السنوات الماضية من أجل خلق واقع جديد يترجم من خلال تدفق المستوطنات والوحدات الاستيطانية فيها وابتكار مشاريع تمحو الوجود الفلسطيني.

ويقول الخبير في شؤون الاستيطان جمال عمرو لـ"الرسالة نت": "إن الاحتلال لم يوقف مشاريعه الاستيطانية في المدينة يوما ما خاصة في الفترة التي أشيع أنها تجمد الاستيطان"، مبينا بأن تلك الفترة كانت الأكثر نشاطا من حيث تزايد الوتيرة الاستيطانية في المدينة وما حولها.

ويوضح عمرو بأن المشاريع الاستيطانية تصاعدت بشكل كبير في العام الماضي ومطلع العام الحالي عبر الإعلان المتتالي عن بناء آلاف الوحدات الاستيطانية على أراضي المدينة وتحديدا "بسغات زئيف" و"جفعات هامتوس" و"جيلو"، لافتا إلى أن المخطط الخطير المسمى (2020) يجري العمل عليه على قدم وساق من قبل الاحتلال وبلديته في القدس.

ويضيف: "المشروع يعني أن يأتي عام 2020 وقد هودت إسرائيل غالبية القدس وقلَّ عدد الفلسطينيين فيها إلى أدنى حد وتحولت كل مظاهرها العربية الإسلامية إلى يهودية وامتلأت بالكنس المشيدة حديثا ووصلت حدودها إلى أجزاء الضفة، أي إلى شمال الخليل جنوبا والأغوار شرقا وإلى رام الله شمالا".

ويشير الخبير المقدسي إلى أن تلك الخطوات المتسارعة تؤثر على عروبة المدينة بشكل كبير، تزامنًا مع خطوات أخرى تهدف إلى محو الوجود المقدسي، إضافة إلى أن الاحتلال يقود حملة إعلامية ضخمة في العالم حول المدينة منذ سنوات على أنها يهودية كاملة بشقيها الشرقي والغربي متجاهلا الصمود المقدسي.

ويتابع:" التطورات الأخيرة في المدينة، التي يلمسها كل فلسطيني غاب عنها لسنوات ثم عاد إليها هي لمسات، أخيرة يضعها الاحتلال في مشروعه الكبير والخطير نحو التهويد الكامل".

المقدسات أولا

ولا تغيب عن خريطة التهويد الممنهج قائمة المقدسات الإسلامية في المدينة وعلى رأسها المسجد الأقصى المبارك، حيث أن الاحتلال (الاسرائيلي) يستهدفها بشكل كبير ويتخذها مدخلًا ليد الاستيطان فيها.

"

لم توفر حكومة الاحتلال أي جهد في زيادة وتيرة الاستيطان بالقدس خلال السنوات الماضية

"

مدير المسجد الأقصى المبارك ناجح بكيرات لـ"الرسالة نت" يقول: "إن الاحتلال يستهدف بمشاريعه المقدسات الإسلامية بما فيها الأقصى الذي يعاني من حرب تهويدية شعواء تستهدفه كليا".

ولفت بكيرات إلى أن ذلك تبينه المخططات الاستيطانية والنشرات والأفلام والصور التي تحاول خلق أفكار ذهنية لدى المستوطنين حول هدم الأقصى وقبة الصخرة وتحويلهما إلى هيكل يهودي.

ويبين بكيرات أن الوضع العام في المسجد الأقصى وما ينشئه الاحتلال من تواجد عسكري مكثف حوله يشير إلى نوايا مبيتة لديه ربما تتمثل بهدمه أو تقسيمه، خاصة في ظل الاقتحامات المتكررة وتأدية طقوس دينية لفرض واقع جديد.

ويضيف:" المسجد الأقصى تحول إلى ساحة من المخططات التهويدية عبر سلسلة إجراءات أبرزها هدم منطقة القصور الأموية وجسر المغاربة والتغييرات التي طرأت على ساحة البراق وهدم آثارها الإسلامية العريقة وإنشاء كنيس الخراب على بعد أمتار فقط من الأقصى".

وينوه بكيرات إلى أن الاحتلال لم يستهدف المسجد الاقصى فقط بل شمل ذلك عدد كبير من المساجد المقدسية حولها إلى كنس واعتدى عليها المستوطنون كما مسجد عين سلوان ويحاول الاحتلال هدم أجزاء منه، الأمر الذي يترجم السياسة "الإسرائيلية" الإقصائية وإبقاء اليهود هم المسيطرين على القدس.

حزمة جديدة

وسُجلت خلال الأشهر الماضية حزمة جديدة من المشاريع والمخططات الاسرائيلية طالت أرجاء المدينة المقدسة, وفقا لرؤية استيطانية جديدة تقودها حكومة الاحتلال من أجل النيل من عروبة المدينة.

وتؤكد مصادر رسمية فلسطينية أن أبرز تلك المشاريع جائت في الفترة ما بين 15 نيسان و16 أيار والتي أعلن فيها رئيس بلدية الاحتلال نير بركات خلال مؤتمر صحفي عن مشروع لإنشاء قطار هوائي في سماء المدينة، سيكون جاهزاً خلال عام 2015، سيبدأ من منطقة جبل الزيتون باتجاه البلدة القديمة وصولا إلى حائط البراق ومن ثم إلى باب الخليل ليمتد إلى محطة الباصات المركزية غربي المدينة.

"

الاحتلال يستهدف بمشاريعه المقدسات الإسلامية بما فيها الأقصى

"

وكشفت مصادر صحفية عبرية النقاب عن توجهات داخل الحكومة (الاسرائيلية) للمصادقة على تخصيص مبالغ طائلة لتعزيز عملية الاستيطان في مدينة القدس المحتلة، حيث يعتزم الاحتلال المصادقة على تخصيص مبلغ 22 مليون شيكل (ما يزيد على 6 ملايين دولار) لتكثيف نشاطاته الاستيطانية في مدينة القدس.

وتابعت المصادر: "كشفت وزارة الأديان في الحكومة الاسرائيلية النقاب عن مساعٍ رسمية من أجل تقسيم المسجد الأقصى المبارك بين المسلمين والمتطرفين بزعم أنَّ منع اليهود من أداء طقوسهم فيه خرق لحرية العبادة".

ويأتي ذلك في ظل استمرار عمليات هدم المنازل والمنشآت المقدسية ومصادرة الأراضي وتجريفها وتسليم إخطارات الهدم واعتقال المقدسيين وإبعاد الشخصيات القيادية السياسية والدينية لخارج المدينة ضمن مشروع كامل متكامل الأركان لسلب القدس من أصحابها.

 

اخبار ذات صلة