قائمة الموقع

هل يشعل "فض اعتصامات مصر" ثورة جديدة؟

2013-08-15T06:56:31+03:00
أحد معتصمين ميدان رابعة العدوية
غزة - شيماء مرزوق

دخلت مصر مرحلة جديدة من الثورة بعد ارتكاب وزارة الداخلية والجيش المصري مجازر بشعة بحق معتصمي رابعة العدوية والنهضة المؤيدين للرئيس محمد مرسي.

استخدام الداخلية والجيش القوة المفرطة في فض الاعتصام أدى إلى سقوط مئات الضحايا وآلاف الجرحى ما يعكس تخبطا كبيرا لدى حكام مصر الجدد المتخوفين من تزايد أعداد المعتصمين الرافضين للانقلاب، وفي النتيجة سحب البساط من تحتهم بعد أن يظهر للمجتمع الدولي أن خريطة الطريق التي طرحها السيسي وعزل بموجبها الرئيس المنتخب لا يمكن أن تمر.

ويبدو أن المجازر التي ارتكبت بحق رافضي الانقلاب ألهبت الجماهير المصرية التي خرجت ترفض المجازر وتدعم المعتصمين, ولكن قوات الأمن هاجمت المواطنين لتفريق مسيراتهم, وهو ما أعاد إلى الأذهان مشاهد ثورة 25 يناير 2011 التي أسقطت نظام حسني مبارك مع بقاء أركان دولته العميقة التي تعود إلى العمل في الواجهة خلال الأحداث الدائرة اليوم بصورة أكثر وحشية، ما يفتح الاحتمالات على حدوث ثورة جديدة بدأت من "رابعة" ولا يدري أحد أين يمكن أن تنتهي؟

اضطراب المشهد

ومن جانب آخر فإن إعلام الانقلاب يحاول إلصاق تهمة العنف بجماعة الإخوان المسلمون منذ اليوم الأول للانقلاب حتى يمهد عمليا لحملة تخويف واسعة للمجتمع من الإخوان، ثم يستخدم تلك الحملة غطاء لشن حملة قمعية دموية ضد الجماعة.

ويرى كثيرون أن استخدام القوة وارتكاب المجازر يكشف طبيعة الانقلاب الذي نفذه جنرالات الجيش المصري بدعم من الفلول والتيارات العلمانية والليبرالية بعد أن أخفقت الأخيرة في تحقيق أي نجاح يذكر في ست جولات انتخابية جرت في مصر خلال العامين الماضيين.

المحلل السياسي الدكتور وليد المدلل أكد أن الأمور في مصر مضطربة بصورة كبيرة، "ما يصعب قراءة المشهد المقبل", معتبرا أن ما يحدث خروج عن كل قواعد الديمقراطية التي كانت تسعى إليها الثورة المصرية في يناير 2011.

وأوضح المدلل أن الشعب المصري أمام اتجاه معاكس لما أراده من ثورته التي كان يأمل بها أن توصله إلى الديمقراطية والدولة المدنية, مشيرا إلى أن قتل المتظاهرين السلميين يمثل انتكاسة لمسيرة الثورة المصرية وتمهيدا لديكتاتورية مقبلة إن مر مشروع الانقلاب.

وعزا تسرع قادة الانقلاب في فض الاعتصامات إلى تخوفهم من أن تقصر تلك الاعتصامات عمر الانقلاب وتسحب الشرعية التي منحوها لأنفسهم.

وبين المدلل أنه كلما زاد مشهد الدماء في الشارع المصري فإن هذا يمثل إخفاقا ذريعا للانقلاب, متوقعا أن تكشف الأحداث الأخيرة الصورة بوضوح للشعب المصري الذي سيسارع إلى استعادة ثورته من أيدي الانقلابين.

وتشير التحليلات إلى أن مشهد اعتصام رابعة العدوية والأعداد الكبيرة التي تحتشد داخله لمدة تزيد عن خمسين يوما تعكس صورة سلبية للمجتمع الدولي عمن يحكمون مصر الآن، وتؤكد أن ما جرى انقلاب وليس ثورة كما يدعون خاصة في ظل تزايد أعداد المؤيدين لمرسي والرافضين للانقلاب الذين تزايدوا بعد الإجراءات القمعية المرتكبة ضد كل مؤيدي الرئيس والمجازر التي ارتكبت بحقهم.

ويبدو أن صورة رابعة التي تتصدر ليل نهار الشاشات العربية والغربية تشكل خطرا كبيرا على الانقلابين، فهي تؤكد أن الأمر لم يستقر لهم وأن الخطوة التي أقدم عليها الجيش تلقى معارضة كبيرة وأن هناك انقساما واضحا واستقطابا حادا يجري في الساحة المصرية الأمر الذي يهدد بإخفاق الانقلاب.

المحلل السياسي الدكتور عثمان عثمان أكد من ناحيته أن عملية فض الاعتصام بهذه الطريقة العنيفة قد تؤدي في النهاية إلى تدويل الملف المصري بالكامل, "كما ستعيد إحياء الثورة المصرية من جديد للقضاء على بقايا الانقلاب وإعادة الشرعية التي يجب أن تقيم محاكمات ثورية لتطهير مؤسسات الدولة وفي مقدمتها القضاء والإعلام والداخلية وأجهزة سيادية أخرى".

واعتبر عثمان أن الاستعجال الذي أظهره قادة الانقلاب في فض الاعتصامات يكشف عن الأزمة الحقيقية التي يعانونها نتيجة الرفض الشعبي والدولي للانقلاب.

وتوقع أن تدخل مصر حالة من الصدام خلال المدة المقبلة خاصة مع تزايد أعداد الضحايا والمصابين، "ما يؤجج مشاعر المواطنين ويكشف زيف الانقلابيين".

ونوه المحلل إلى أن المجازر التي ارتكبت أثناء فض الاعتصام ستكشف للرأي العام المصري والعربي والإسلامي والعالمي أن المخابرات المصرية هي التي رتبت الانقلاب، "وهي التي تدير جولات العنف وحرق مقرات الإخوان والاعتداء على المساجد والكنائس والشخصيات العامة".

اخبار ذات صلة