حينما عَنْوَن القيادي في حركة فتح عزام الأحمد تهديداته بشأن غزة وحماس في الفترة المقبلة بـ" القرارات الحاسمة والمؤلمة"، كان في التسمية من الطرافة ما يكفي لينفجر عارفوه ضحكا.
ولم يخطر في بال "الأحمد" أن تجد تصريحاته "النارية" الاستهزاء وعدم الاكتراث من قادة حماس، الذين اعتبروها تصريحات "حمقاء" للتغطية على عبثية المفاوضات.
ورغم أنه لم يعد غريباً أن يصرّح قادة "فتح" مثل هذه التصريحات في هذه الأوقات، فإن الغريب -وفق مراقبين- هو انتهازية الحركة للمواقف، وخصوصا بعد ما حدث في مصر من أحداث مؤسفة مؤخرا.
" فتح لن تبقى أسيرة لحماس، وبدأنا بدراسة قرارات حاسمة ومؤلمة بشأن مستقبل قطاع غزة"،
هكذا، قفز الأحمد إلى إخراج مكنونات قلبه، ليهدد حركة حماس بأن ما هو قادم ليس سهلا.
تصريحات حمقاء
القيادي في حركة المقاومة الإسلامية "حماس" م. اسماعيل الأشقر قال أن تصريحات الأحمد، تأتي ضمن سيناريو التغطية على فشل وعبثية مسار المفاوضات مع الاحتلال.
وأضاف الأشقر لـ"الرسالة نت" :" هذه تصريحات حمقاء تدل على حماقة صاحبها، لتغطي على عبثية المفاوضات التي بدأتها حركته مع الاحتلال قبل أيام، وبيع أرض فلسطين ومقدساتها".
وكان الأحمد قال في تصريح إذاعي "إن حركته بدأت ومنذ أمس بدراسة اجراءات ستتخذها في الوقت المناسب، بعد مرور الـ14 من أغسطس دون أن تلتزم حماس بما تم الاتفاق عليه بتشكيل حكومة توافق وطني" وفق زعمه.
واعتبر الأشقر أن اتخاذ حركة فتح أي قرارات أحادية أو إجراء انتخابات في الضفة دون غزة هو تكريس للانقسام وفصل غزة عن الضفة الغربية المحتلة، محملا فتح تداعيات تلك "الحماقات" كما قال.
وحول اتهام الأحمد لحماس بالتهرب من اتفاق المصالحة، شدد الأشقر على أن حركة فتح هي من تخلت عن الاتفاقات وعادت إلى المفاوضات مع الاحتلال، مؤكدا أن الفلسطينيين لن يقبلوا بالمصالحة مع من يتاجر بحقوقه ويبيع المقدسات.
حركة انتهازية
بدوره، وصف الكاتب والمحلل السياسي ابراهيم المدهون حركة فتح بالـ" انتهازية"، بعدما قررت انتهاز الاحداث الاقليمية بمصر لمحاولة استغلالها لصالح مشروعها الذي مني بالفشل في العقود الماضية.
وقال المدهون لـ"الرسالة نت" :" هناك تصوّر خاطئ لدى حركة فتح تتوقع فيه أن حماس ضعفت بسبب الانقلاب على الديمقراطية المصرية وعودة النظام القديم، وهذه قراءة غير واعية لتعقيدات الواقع الاقليمي والداخلي".
وأضاف :" الوضع بمصر خطير، كما أن ارتباط حماس بمصر لم يقتصر على علاقتها بالاخوان والرئيس محمد مرسي، بالاضافة إلى أن هناك قوة ذاتية تتمتع بها حماس ولديها منظومة علاقات وتحالفات اقليمية تستطيع فيها مواجهة اي صعوبات مقبلة".
ولفت المحلل المدهون إلى أن حركة حماس أقوى مما صرّح به عزام الاحمد، ولديها الكثير من اوراق اللعبة، موضحا أن حركة فتح تعتمد على ردات الفعل فقط.
بالونات اختبار
من جانبه قال الكاتب والمحلل السياسي حمزة أبو شنب أن تصريحات الأحمد تتناقد مع حديث حركة فتح عن زيارة وفد لها إلى غزة, ولا تتبني وجهة النظر الرسمية للحركة، مبينا أن الأحمد يدلي بتصريحات شخصية وسرعان ما ينفيها بعد ذلك.
وأضاف أبو شنب :" مما لا شك فيه بأن الأوضاع في مصر تنعكس على طبيعة العلاقة بين فتح حماس، ولكن تبقى هذه التصريحات بالونات اختبار ومحاولة ضغط على حماس".
وأشار المحلل السياسي إلى أن خيارات السلطة بالضفة المحتلة مرتبطة بالعملية التفاوضية، وهذه العملية تستثني قطاع غزة من حسابتها، متوقعا أن تشهد حماس في غزة مزيدا من الضغوط خلال الفترة المقبلة.
وكانت قيادة السلطة قد وافقت مؤخرا على العودة إلى المفاوضات مع الاحتلال الاسرائيلي برعاية أمريكية، على الرغم من استمرار غول الاستيطان في الضفة المحتلة والقدس، وهو ما يعد تنازلا آخر تقدمه السلطة للاحتلال.
وترى حركة حماس أن مسار المفاوضات مع الاحتلال لن يجلب للشعب الفلسطيني سوى ضياع حقوقه ومقدساته، ولطالما دعت السلطة وحركة فتح لرفض العودة للمفاوضات، وتغليب المصالحة الفلسطينية عليها.