لا يمكن لـ(إسرائيل) أن تقف مكتوفة الأيدي حيال الأوضاع التي تشهدها المنطقة العربية بدءًا من سوريا ولبنان وليس انتهاء بأحداث مصر مؤخرا للمحافظة على مصالحها.
الخلاف بين مؤيدي الرئيس المصري محمد مرسي ومعارضيه من قوات الأمن والجيش المصري يجعل (إسرائيل) تنظر إلى هذا الخلاف بنظرة سرّية وتتصرف إزاءه بطرق غير معلنة.
ويؤكد المتخصص في الشأن (الإسرائيلي) الدكتور عدنان أبو عامر اهتمام (إسرائيل) بما تشهده مصر من أحداث سياسية وأمنية؛ لأن الأخيرة الدولة العربية الكبرى في المنطقة, كما إنها الطرف الآخر في اتفاقية كامب ديفيد.
وكانت (إسرائيل) قد نفت وجود اتصالات بين رئيس هيئة أركانها بني غانتس ووزير الدفاع المصري عبد الفتاح السيسي، زاعمةً أن الجانب (الإسرائيلي) لم يجر بأي اتصالات مع مصر.
"(إسرائيل) معنية بكل ما يجري داخل الأراضي المصرية
"
وقال أبو عامر: "(إسرائيل) معنية بكل ما يجري داخل الأراضي المصرية"، مؤكدًا أن ما جرى في شوارع مصر لم يكن شأنًا داخليًا فحسب, بل شأن (إسرائيلي) بامتياز.
واستشهد على كلامه بموقف وزير الحرب (الإسرائيلي) السابق ايهود باراك بشأن الحفاظ على سرية التنسيق المصري-(الإسرائيلي) خلال حكم الرئيس محمد مرسي لضمان ألا يحرج حلفاؤها في مصر.
وتلعب (إسرائيل) دورًا خفيًا في الشأن المصري من وراء الكواليس إما عن طريق التنسيق الأمني والعسكري مع الجيش وجهاز المخابرات، وإما بالتواصل مع الإدارة الأمريكية في دعم الانقلاب ومنع عودة جماعة الاخوان إلى سدة الحكم.
صحيفة "هآرتس" العبرية كشفت من جهتها عن عقد اجتماع سري لمجلس الوزاري الأمني المصغر برئاسة رئيس الوزراء "بنيامين نتنياهو" الجمعة الماضية لبحث التطورات الأمنية في مصر.
ويأخذ التنسيق بين مصر و(إسرائيل) أشكالًا مختلفة كالدعم العسكري والأمني والمعلوماتي والسياسي لتحقيق أهداف (إسرائيلية) غير معلنة.
ووفق أبو عامر، فإن (الإسرائيليين) يحاولون تحقيق أهدافهم في المنطقة والوصول إليها دون تبنّي أي مسؤولية أو دعاية إعلامية، "لذلك لا تلجأ إلى الكشف عن علاقتها مع معارضي الإخوان في مصر".
وتعتقد (إسرائيل) أن الإعلان عن التنسيقات الجارية مع قوات الأمن المصري من شأنها أن تصب في مصلحة الإخوان لأنها ستكشف سوءة الانقلابين في التعاون مع (إسرائيل).
"وجد توافق (أمريكي-إسرائيلي) على ضرورة إبقاء الدعم لمصر
"
ويؤكد المتخصص في الشأن (الإسرائيلي) وجود توافق (أمريكي-مصري-إسرائيلي) على ضرورة إبقاء التنسيق بين الأطراف خلف الكواليس دون أن يأخذ طريقه إلى الإعلان.
وفيما يتعلق بقطع المساعدات الأمريكية عن مصر، يرى أبو عامر أن (إسرائيل) تعتقد أن الدعم الأمريكي المالي أو الاستخباراتي والعسكري يمثل أنبوب الأوكسجين الذي تتنفس منه مصر.
ونفت (إسرائيل) إجراء أي اتصالات مع الإدارة الأمريكية لحثها على منع وقف المساعدات العسكرية المقدمة إلى مصر، وفق ما ورد في تقارير نشرتها صحيفة النيويورك تايمز الأمريكية.
وهنا، قال أبو عامر: "أي قرار أمريكي بوقف المساعدات عن مصر من شأنه إضعاف الجيش في مواجهة خصمه الإسلامي، لهذا السبب تقف (إسرائيل) سدًا منيعًا أمام أمريكا لضمان استمرار المساعدات".
وأضاف: "ما دام أن الجيش المصري متمسك بعقيدة قتالية لا تعتبر (إسرائيل) دولة معادية فإن الأخيرة ستسعى بكل تأكيد إلى استمرار الدعم الأمريكي لمصر، لأن أي وقف للمساعدات يعني التوجه إلى جهة أخرى داعمة".
محلل الشؤون العسكرية في صحيفة يديعوت أحرونوت أليكس فيشمان قال بدوره: "إن الإدارة الأمريكية تواصل ارتكاب أخطاء تاريخية فيما يتعلق بالقاهرة، إذ يهدد الكونغرس الأمريكي بوقف المساعدات الاقتصادية، وتجميد التدريبات والتعاون الأمني مع مصر، وسيؤدي الدمج بين هذين العاملين إلى انفجار الغضب المصري ضد (إسرائيل)".