قائمة الموقع

المرضى الفلسطينيون ورحلة الموت بمعبر رفح

2013-08-27T07:19:01+03:00
نقل أحد المرضى عبر معبر رفح البري (الأرشيف)
غزة- محمد أبو حية

تتلون وجوه المرضى الفلسطينيين أمام بوابة معبر رفح البري بألوان المرض المتسلل لأجسادهم؛ فهذا مصاب بالفشل الكلوي وقد اصفر وجهه, وآخر التهم السرطان أعضائه وصبغ بشرته بالأسود.

المعاناة الفلسطينية تتفاقم كل يوم يمر على مصر بعد خريف قضى على ربيعها الذي أزهر في غزة كما القاهرة؛ غير أن "الإنقلاب العسكري" عقّد سفر الفلسطينيين.

وزارة الصحة في غزة أكدت تراجع أعداد الحالات المرضية التي تحول للعلاج في مصر منذ 30 يوليو الماضي, ما يشكل خطورة كبيرة على حياة المرضى الفلسطينيين.

الفلسطيني أبو فادي (34 عاما), يجلس في الصالة الفلسطينية الخارجية بمعبر رفح جنوب القطاع, وقد بدى عليه الإعياء والقلق في رحلة علاج مصيرها مجهول, حسب وصفه.

رحلة الموت

يتقلب أبو فادي على قطعة قماش افترشها في زاوية المكان ليخفف من آلام مرض أصابه. ويقول لـ"الرسالة نت" إنه مريض بالفشل الكلوي وقرر السفر للعلاج على نفقته الخاصة بالمستشفيات المصرية.

يتعالى الرجل على آلامه ويتمنى لمصر أن تنعم بالأمن, مطالبا "بفتح معبر رفح على مدار الساعة لأن الفلسطيني لا يعتدي على شقيقه المصري كما يزعم الإعلام الكاذب".

وأشار أبو فادي إلى أن الشعب الفلسطيني دائما يتعرض للظلم ويزج به في الصراعات دون أي ذنب, متمنيا أن يستطيع السفر إلى مصر للعلاج بعد أن فشل مرات عدة خلال الأيام الماضية.

كلما مر الوقت على مرض أبو فادي تزداد خطورة وضعه الصحي, فهو بحاجة لزراعة كلى, قائلا: "إدارة المعبر في الجانب الفلسطيني تعمل كل ما بوسعها لتسهيل سفرنا, لكن السلطات المصرية هي التي تتحكم بفئات المسافرين وأعداد من يسمح لهم بالسفر يوميا".

المريض أبو هاني (50 عاما) المصاب بداء السرطان, يرى أنه على مصر تجنيب الفلسطينيين ما وصفها بالصراعات الداخلية, قائلا: "المرضى بحاجة للعلاج وليس لهم أي ذنب ليموتوا على بوابات المعبر ببطء بسبب تراجع وتيرة العمل بعد الإنقلاب".

وطالب السلطات المصرية أن "تنظر بعين الإنسانية للمرضى الذين هم بحاجة للعلاج خارج القطاع المحاصر والذي يمنع عنه الدواء والأجهزة الطبية المتطورة".

يصدر أبو هاني بين الفينة والأخرى أنات تعكس مدى استفحال المرض في جسده الهزيل, متمنيا أن يتمكن من التوجه للعلاج في مصر ويتماثل للشفاء سريعا ويعود لأولاده وأحفاده في القطاع.

وأضاف: "لا نريد أن نمس المصريين بسوء كما يدعي إعلامهم المضلل, فهم أشقاؤنا ونحن بحاجة لملائكة الرحمة في مصر ولخبرتهم في علاجنا كما عودونا دائما".

سفر المرضى

وزارة الصحة الفلسطينية في غزة أكدت تراجع أعداد الحالات المرضية التي تنقل إلى مصر للعلاج. وقال المتحدث باسم وزارة الصحة د. أشرف القدرة في حديث لـ"الرسالة نت" إن الصحة كانت تحول قبل الأزمة الحالية 300 فلسطيني رسميا للعلاج في القاهرة, بينما كان يتوجه للعلاج نحو 600 آخرين على نفقتهم الخاصة.

وأوضح أن إغلاق معبر رفح يؤثر مباشرة على المرضى الفلسطينيين, مبينا أنهم يضطرون لتأخير علاجهم لعدم القدرة على السفر ما يؤدي لتدهور كثير من الحالات المرضية المزمنة.

الأدوية

ولا يقتصر تأثير إغلاق المعبر البري بين مصر وغزة على تراجع سفر المرضى بل طال الرصيد الدوائي في مخازن وزارة الصحة بالقطاع.

وأشار القدرة إلى أن معبر رفح خط حيوي لإدخال نحو 30% من الأدوية والمستهلكات الطبية إلى غزة واستمرار إغلاقه سيحرم مستشفيات القطاع والمرضى الفلسطينيين  من بعض الأدوية المفقودة منذ الحصار قبل نحو 6 أعوام.

وأكد أنه قبل عام تمكنت وزارة الصحة الفلسطينية من تعزيز رصيدها الدوائي من خلال مؤسسات مصرية وعربية كثيرة كانت تجلب ما يحتاجه القطاع عبر معبر رفح.

وكشف القدرة أن عدم انتظام العمل بالمعبر منذ نحو شهرين تقريبا أدى لتراجع الرصيد الدوائي في كثير من الأصناف بمستشفيات غزة, قائلا: "بدأنا نلمس نقصا في المستلزمات الطبية الحيوية الخاصة بعلاج الأورام السرطانية وغيرها".

الوفود الطبية

واستطاع عدد كبير من الأطباء المصريين والعرب من الوصول إلى غزة على مدار الأشهر الماضية إلا أن المرحلة الحالية تشهد توقف عجلة الوفود الطبية.

وأوضح القدرة أن الوزارة كانت تستضيف وفود صحية متخصصة للقطاع لإجراء عمليات دقيقة ونوعية؛ لكن هذا العمل توقف بفعل الأزمة الجارية في مصر وتكرار إغلاق معبر رفح.

وقال: "تمكنا من تسخير هذه الوفود لعلاج المرضى الفلسطينيين دون الحاجة للسفر, وكان أبرزها وفد متخصص بزراعة الكلى, وآخر بجراحة قلب الأطفال, والمخ والأعصاب, والعامود الفقري, والتجميل".

ولفت القدرة إلى تكدس الكثير من الحالات المرضية في قوائم المرضى الذين يحتاجون لإجراء عمليات جراحية دقيقة خارج القطاع وداخله على يد الوفود الطبية العربية.

يذكر أنه كان يصل إلى غزة شهريا ما بين 20 إلى 40 وفدًا طبيًا في تخصصات متعددة لإجراء العمليات الجراحية للفلسطينيين في المستشفيات الحكومية, بحسب وزارة الصحة.

اتصالات الحكومة

الحكومة الفلسطينية تبدي قلقها على حياة المرضى الذين هم بحاجة عاجلة للسفر إلى مصر للعلاج, داعية السلطات المصرية لفتح المعبر وتجنيب الفلسطينيين آثار الصراع السياسي الجاري.

وطالب المتحدث باسم الحكومة م. إيهاب الغصين في حديث لـ"الرسالة نت" بالتعامل مع معبر رفح على أنه ممر إنساني بامتياز.

وكشف أن اتصالات الحكومة الفلسطينية مع الأجهزة الأمنية المختصة في مصر لم تنقطع كما جرى حثها مرارا على ضرورة فتح المعبر أمام المرضى.

وتمنى أن يكون للفلسطيني الحرية في التحرك من وإلى غزة عبر معبر رفح, قائلا: "الحكومة تخشى وفات بعض الحالات المرضية الحرجة التي تنتظر أن يسمح لها بالسفر إلى مصر لتلقي العلاج".

وأوضح الغصين أن الحكومة تتلقى وعودا دائمة بتحسين سفر الفلسطينيين؛ لكن لا يوجد تطبيق على الأرض.

وحذر من تراجع حركة التضامن مع غزة ووصول الوفود العربية والأجنبية إلى القطاع بسبب الإغلاق المتكرر للمعبر.

وتبقى حياة المريض الفلسطيني مهددة بالخطر ما لم تتخذ السلطات المصرية قرارا بفتح معبر رفح على مدار الساعة كباقي الممرات البرية في العالم.

اخبار ذات صلة