قائمة الموقع

اتفاقية "باريس" تُعمّق جراح الاقتصاد الفلسطيني

2013-09-03T17:17:14+03:00
مظاهرة ضد اتفاقية باريس الاقتصادية(أرشيف)
غزة – أحمد أبو قمر

تعتمد جُل السياسات الاقتصادية للحكومة الفلسطينية في رام الله على تبعيتها للاقتصاد "الاسرائيلي" وفق ما نصّ عليه بروتوكول باريس الاقتصادي.

فالاتفاقية عمِدت على ربط اقتصاد الضفة المحتلة بنظيره "الاسرائيلي"؛ على الرغم من اختلاف مستوى الدخل والمعيشة بين المنطقتين، الأمر الذي كبّد الاقتصاد الفلسطيني خسائر عجزت السلطة عن احتوائها.

ويذكر أن أهم نتائج اتفاقية باريس وضع "اسرائيل" يدها على المعابر والحدود والموانئ، ولا تتم المبادلات التجارية للسلطة مع العالم إلا عبر "إسرائيل" التي تعتبر واقعيًا أكبر شركاء السلطة الاقتصاديين فيما تُعدّ السلطة ثان اكبر شريك اقتصادي "لإسرائيل".

اسرائيل المستفيدة

وأكد مصدر رفيع المستوى يعمل في وزارة المالية بحكومة رام الله أن الاحتلال لا يستفيد من ضرائب الفلسطينيين بشكل مباشر، مبيّنًا أن "اسرائيل" تُعيدها للسلطة؛ وفق ما هو متفق عليه.

وقال المصدر، الذي رفض الكشف عن اسمه، في حديث لـ"الرسالة نت": "إن الاحتلال يهدف بربطه الاقتصاد الضفّي مع الاسرائيلي, الاستفادة من عمليات البيع والشراء التي تتم بين الطرفين".

ولفت إلى أن الأوضاع الاقتصادية تختلف تمامًا في "اسرائيل" عن الضفة، حيث أن متوسط دخل الفرد "الاسرائيلي" عشرين ألف دولار سنويًا، في حين أن متوسط دخل الفرد الفلسطيني ألف ومائة دولار سنويًا.

وأضاف المصدر "لك أن تتخيل أن الطرفين ملزمين بنفس عمليات الشراء ودفع المياه والكهرباء وجمارك السيارات وغيرها من الأدوات المستوردة رغم الاختلاف الكبير في متوسط دخل الطرفين".

ويرى أن ضريبة المقاصة والبيانات الجمركية التي تتم بين الفلسطينيين و(الاسرائيليين) هي عملية ضغط على الفلسطينيين لإبقائهم تحت سيطرة اقتصاد المحتل.

وكشف عن أن المشكلة الكبرى التي تنص عليها اتفاقية "باريس"، أن الحد الأعلى لفرق القيمة المضافة يجب أن تكون 2% فقط، مستدلًا على ذلك بمثال "لو كانت الضريبة لدى اسرائيل 17% وهو أمر طبيعي بالنسبة لدخلهم السنوي فإنه يحظر على السلطة فرض ضريبة أقل من 15% وهي بمثابة معاناة للفلسطينيين الذين يعجزون عن دفعها بالمقارنة مع رواتبهم".

وحذّر المصدر من الاستمرار في العمل باتفاقية "باريس" التي أضرت كثيرًا بالاقتصاد الفلسطيني، مؤكدًا أنه يصعب التخلص من التبعية الاقتصادية ما دامت الاتفاقية قائمة.

ويقصد بضريبة المقاصة هي الضرائب المفروضة على السلع التي يتم شرائها من (اسرائيل) مباشرة، في حين أن البيانات الجمركية هي الضرائب التي تتم على البضائع المستوردة من الخارج وتدخل عبر الموانئ والمعابر المسيطرة عليها "اسرائيل".

إلغاء اتفاقية باريس

من جهته يرى الخبير في الشأن الاقتصادي البروفيسور أنور أبو الرب أن العلاقات الاقتصادية بين السلطة و"اسرائيل" تُحدّد بناءً على آليات تتخذها "اسرائيل" فقط.

وأكد أبو الرب لـ"الرسالة نت" أن ما تفرضة (اسرائيل) تُطبّقه السلطة، وليس العكس.

وعدّ تساوي حجم الضرائب في المنطقتين رغم اختلاف الدخل السبب الرئيسي في غلاء المعيشة الذي تشهده الضفة الغربية الآونة الأخيرة.

واستنكر افتقار مؤسسات السلطة لضمان معيشي للعاطلين عن العمل والذين يُعانون من البطالة المرتفعة، مشدّدًا على أن الحل يتمثل في الغاء اتفاقية "باريس" التي وصفها بالهزيلة والمدمرة للاقتصاد؛ وفق قوله.

وشرح أبو الرب أن الضرائب نوعان أولها الضرائب المباشرة (المكوس) والتي تُمثّل 15% من القيمة التي تُحدّدها السلطة، في حين أن ثانيهما الضرائب غير المباشرة (ضرائب الدخل) وهي تقر عادة من المجلس التشريعي الفلسطيني وترفع للرئيس الفلسطيني محمود عباس ليُصادق عليها.

ودعا لضرورة اعادة صياغة قوانين الضرائب المفروضة؛ بما يتناسب مع الوضع المعيشي للأراضي الفلسطينية دون الاحتلال.

غلاء المعيشة

ويتفق الخبير في الشأن الاقتصادي الدكتور نافذ أبو بكر مع أبو الرب في أن بروتوكول باريس الاقتصادي أحد الأسباب الرئيسية في زيادة التبعية للاحتلال وغلاء المعيشة في الضفة الغربية.

وتطرق إلى أسباب عدة زادت من غلاء المعيشة في الضفة أهمهما ارتباط السلطة الفلسطينية باتفاقات اقتصادية مع الاحتلال تُهدّد سياساتها الاقتصادية وتزيد من تبعيّتها للاحتلال، وكذلك سيطرة (اسرائيل) على المعابر والمياه والموانئ.

وقال لـ "الرسالة نت" إن السياسات الاقتصادية الفلسطينية مرتبطة باعتبارات عدة أهمها بروتوكول باريس وإجراءات الاحتلال على أرض الواقع.

وتذمر عميد كلية الاقتصاد في جامعة النجاح من محدودية الدخل في ظل زيادة الضرائب حسبما تزيد في (اسرائيل)، مشيرًا إلى أنه لابد من زيادة الرواتب مع زيادة الدخل.

ويرى أبو بكر في الغاء ضريبة القيمة المضافة والرسوم الجمركية الحل الأمثل لإنهاء التبعية مع الاحتلال، متسائلًا عن الفائدة التي تُجنيها السلطة من تبعيتها؟.

ولفت إلى أن اتفاق باريس –احدى ركائز التبعية وفق قوله- زاد من عجز الميزان التجاري الفلسطيني ليصل إلى 3.5 مليار دولار، وألغى العلاقات الاقتصادية مع الخارج وجعلها بيد (اسرائيل).

وفي الوقت الذي يرى فيه الجميع أن السياسات الاقتصادية لسلطة "أوسلو" بحاجة إلى اعادة ترتيب من جديد، هل ستستجيب الحكومة في الضفة وتُعيد النظر في اتفاقية باريس، أم أننا سنبقى أمام جملة من الاجراءات التبعية للاحتلال؟

اخبار ذات صلة