قائمة الموقع

"جمانة" أصغر طفلة فلسطينية مرفوضة أمنيًا

2013-09-15T13:25:37+03:00
جمانة وصورتها المدبلجة مع والدها
غزة– أحمد طلبة

أمام صورة مدبلجة جمعهتا بوالدها تقف "جمانة" متأملة ملامح غيّبتها سنوات من الأسر، وراحت تعيش لحظة تحاول فيها قلب الصورة إلى حقيقة.

تلك الصورة استطاعت رغم سواد ألوانها أن تجمع شخصين فرقهما رفضٌ أمنيٌ إسرائيلي، استمر اثني عشر عامًا ولا يزال.

الطفلة جمانة ابنه الأسير علاء أبو جزر، فقدت عطف أمها بعد أشهر من ميلادها، وما لبثت أن انتزعت اسرائيل حنان والدها، وازدادت مرارةً بعد استشهاد عمها.

تعيش الطفلة لوحدها بعد أن توفت والدتها بمرض عندما كان عمرها أربعة أشهر، وبعدها بقليل اعتقلت إسرائيل والدها واستشهد عمها، ليأتي دور الجدة التي كانت ولا تزال أمًا وأبًا.

أم علاء (جدة جمانة) التي تحضتنها منذ رحيل الجميع، تقول لـ "الرسالة نت"، "جمانة ملهاش حد في هالدنيا غيرالله، ثم أنا وأبوها".

ولرفض الطفلة الأمني قصة ترويها الجدّة، فبعد عامين من ميلاد جمانة ذهبت لزيارة والدها.

انتظرت الجدة وحفيدتها طويلاً قبل السماح لهن برؤية علاء، وبعدها بوقت جاء الفرج بالموافقة على دخولهن.

لأول مرة منذ اعتقاله، ترى جمانة والدها الذي كانت تقتله اللهفة على رؤية ابنته الوحيدة.

رفعت الجدة جمانة إلى محاذاة والدها، وكان يفصل بينهما شباك منسوج عليه سياج حديدي، يقف بجانبه جندي اسرائيلي.

تلمّس الاسير علاء شعر ابنته لأول مرة، وقرأ بين ثناياه أخبار عائلته التي لم يسمعها منذ عامين بعد اعتقاله.

أدخل الأب أطراف أصابعه من بين سياج شباك الزيارة، وطلب من ابنته أن تعض بأسنانها عليها؛ حتى يقبلها صباحًا لعلها تهوّن عليه ألم الفراق. كما تقول أم علاء.

بينما يسير المشهد الرومانسي بين الأب وابنته، تدّخل ذلك الجندي وانتزع جمانة وأنزلها أرضًا حتى خرّت باكيةً، وبصقت في وجهه.

تصرّف جمانة بعفوية طفلة، لم يفهمه جندي اسرائيلي اغتصب أرض والدها منذ خمسة وستين عامًا ولا يزال، فتسببت فعلتها برفض أمني حال دون رؤية والدها حتى اليوم.

وبعيدًا عن الرفض الأمني واعتقال الأب، ثمة سؤال صعب يحزن فؤاد أم علاء ويبعث الحسرة فيه، طرحته جمانة مرارًا لكن الصدمة كانت في أول مرة طُرح فيها.

عندما كانت جمانة في الخامسة من عمرها، عادت للبيت من روضتها بسؤال استفز مشاعر جدتها، فقالت: "ماما (تناديها كذلك) بدي أسألك.. كيف أنتي أمي وأم أبويا؟!".

بكت أم علاء بحرقة وهي تجيب على سؤال حفيدتها، ولم يكن منها إلا أن تواجه ابنه ابنها بالحقيقة المُرة. فردّت: "إمّك ماتت".

تخرج الجدّة منديلاً أبيضًا تمنت لو ينال ابنها حريّة كلونه، وتمسح دموعها التي تناثرت على وجهها ورسمت حزنًا بدأ منذ 2001 حيث اعتقال علاء.

تتحدث جمانة عاجزة عن وصف والدها: "ما شفته إلا مرة لما كان عمري سنتين، وبعدها من خلال الصور"، وتتساءل بدموعها البرئية: "كيف بدي أعرفه؟!".

تكفكف دموعها وتصرّح بأحلامها "أريد أن أصبح طبيبةً ومحاميةً وصحفية لأقتص من مرارة الأيام".

وتعلل سبب حلمها الثلاثي، فتقول:" دكتورة؛ عشان أعالج ماما من مرضها اللي ماتت بسببه.. محامية؛ عشان أدافع عن قضية بابا.. صحافية؛ عشان أفضح جرائم اسرائيل".

 

اخبار ذات صلة