توصلت دراسة بحثية إلى أن ضعف القاعدة الإنتاجية وعدم قدرة المنتجات الفلسطينية على تلبية الطلب المحلي ومنافستها في الأسواق الخارجية، أدي إلى تشوه الاقتصاد الفلسطيني، وكان ذلك سببا رئيسياً في عجز ميزان المدفوعات الفلسطيني والمتمثل في الحساب الجاري.
جاءت تلك الدراسة خلال مناقشة رسالة ماجستير في كلية الاقتصاد والعلوم الإدارية، للباحث ناهض قاسم القدرة، اليوم الأحد الموافق 15/9/2013، الموسومة بـ "اختلال ميزان المدفوعات الفلسطيني أسبابه وطرق علاجه", في برنامج الدراسات العليا لجامعة الأزهر بغزة، والتي بموجبها منحت له درجة الماجستير من قبل لجنة المناقشة والحكم والتي تضم كل من الدكتور سمير أبو مدللة عميد كلية الاقتصاد والعلوم الإدارية بجامعة الأزهر مشرفاً ورئيساً، والدكتور فاروق دواس مشرفاً، والدكتور نسيم أبو جامع مناقشاً داخلياَ والدكتور محمد مقداد مناقشا خارجياً.
وأوضح الباحث القدرة أن سياسات الاحتلال الإسرائيلي أسهمت في عدم وضوح الرؤيا الفلسطينية في السياسة الاقتصادية سواء المالية أو النقدية، ما أدى إلى حرمان السلطة الفلسطينية من استخدام تلك السياسات بفعالية وكفاءة في معالجة اختلال ميزان المدفوعات.
وهدف الباحث في دراسته إلى التعرف على مكونات ميزان المدفوعات الفلسطيني وتطوره وتحليله ودراسة حجم الاختلال في ميزان المدفوعات، والكشف عن الأسباب الحقيقية لهذا الاختلال وتحليل دور العوامل الداخلية والخارجية وتوضيح آثار هذا الاختلال على الوضع الاقتصادي الفلسطيني.
واستخدم الباحث الفلسطيني في دراسته المنهج الوصفي التحليلي في توصيف ظواهر الدراسة ومتغيراتها، وتحليل هذه الظواهر والوصول إلى تفسيرات للواقع الذي تقدمه، بهدف التوصل لرؤية علمية وعملية لمعالجة ظاهرة الاختلال المزمن في هيكل ميزان المدفوعات الفلسطيني. واعتمد الباحث على تحليل الإحصاءات المتوفرة من الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، بالإضافة إلى الاحصاءات التي توفرها المؤسسات المحلية والدولية ذات العلاقة، من خلال المنهج التحليلي.
وشدد الباحث على ان مشكلة الدراسة تكمن في التعرف على "حجم الاختلال في ميزان المدفوعات الفلسطيني وكيفية تطوره، وعن أسبابه وكيفية معالجته؟"، مما جعل الباحث يطرح أسئلة فرعية أبرزها، مدى تأثير القطاعات الإنتاجية الضعيفة والهشة في تعزيز استمرار هذا الاختلال وتطوره، ومدى تؤثر تبعية الاقتصاد الفلسطيني وانكشافه للاقتصاد الإسرائيلي في هذا الاختلال، وعن دور المساعدات الأجنبية سواء الإيجابي أو السلبي في اختلال ميزان المدفوعات.
واستنتج الباحث في دراسته أن الحساب الرأسمالي في ميزان المدفوعات الفلسطيني يسجل فائضا باستمرار نتيجة الدعم والمساعدات الأجنبية المقدمة من الدول المانحة، مما ساهم في خفض عجز ميزان المدفوعات الفلسطيني. لافتاً إلى الاعتماد على هذه المساعدات على المستوى الاستراتيجي يشكل خطرا سياسيا واقتصاديا واجتماعيا.
وخلصت الدراسة إلى صعوبة تقديم مقترحات لمعالجة اختلال ميزان المدفوعات على المدى القصير، في ظل وجود الاحتلال الذي يسيطر على المعابر والحدود والموارد الاقتصادية، بالإضافة إلى حالة الانقسام بين شطري الوطن، ولكن على المدى المتوسط يستطيع الاستثمار الأجنبي المباشر أن يلعب دورا مهما في تخفيف حدة العجز في ميزان المدفوعات.
في ظل وجود وحدة وطنية حقيقية وإنهاء الانقسام وتحقيق نوع من الاستقرار السياسي في الأراضي الفلسطينية. أما على المدى الطويل يمكن للسياسات الاقتصادية أن تعمل بكفاءة وفاعلية لمعالجة اختلال ميزان المدفوعات في ظل قيام دولة فلسطينية مستقلة لها بنك مركزي وعملة وطنية، وقادرة على تنفيذ استراتيجيات التصنيع.
وأثنت اللجنة على الرسالة وجهود الباحث ومن ثم منحته درجة الماجستير. وحضر المناقشة لفيف من الطلبة والمهتمين وزملاء الباحث