على رمال مرفأ رفح الصفراء جنوب قطاع غزة ينشغل صيادو الأسماك في حياكة شباكهم ومراقبة تحركات القطع البحرية المصرية التي تحولت لـ"عدو" جديد يهدد عملهم في عرض البحر.
ومنذ السادس عشر من الشهر الحالي يمتنع حوالي مئة صياد في رفح عن النزول إلى البحر مع تصاعد الاعتداءات المصرية بحقهم داخل المياه الفلسطينية.
ويأتي هذا التوقف بعدما اعتدت البحرية المصرية على الصياد عمر البردويل وطفله زياد داخل المياه الفلسطينية والنقص الحاد في المحروقات التي من خلالها تدور عجلت تلك المراكب التي تعاني أيضاً من التضييق والمنع "الإسرائيلي".
وترحم صيادون التقت بهم "الرسالة نت" في مرفأ رفح على أيام حكم الرئيس محمد مرسي المعزول منذ الانقلاب العسكري في مصر في الثالث من يوليو/تموز الماضي.
وقال الصياد فريد عبد الهادي في العقد الرابع من العمر: "كانت أحلى أيام حيث الرزق الوفير", في إشارة إلى عدم اعتراض البحرية المصرية للمراكب الفلسطينية التي كانت تصل قبالة شواطئ مدينة العريش من أجل صيد الأسماك.
وتتناوب البحرية "الإسرائيلية" والمصرية على منع أي قارب فلسطيني من اجتياز الحدود المائية المصرية الفلسطينية من خلال إعادة الانتشار منطقة عازلة تمتد لثلاثة كيلو متر في المياه الفلسطينية.
وهذا الانتشار لم يكن معمول به إبان حكم الرئيس مرسي. وقال عبد الهادي وهو يلوح إلى عمق البحر "كما ترى الآن طرادين مصريين لا يفارقان الحدود وعند النزول إلى الماء تصبح أنت فريسة لهؤلاء".
وتابع موضحاً "أما إذا فكرت أن تبحر في عمق بحر غزة فينتظرك وحش آخر هو العدو الاسرائيلي وهو أيضاً لا يرحم وتجربتنا معه مريرة".
وقال صياد آخر يدعى سليمان أبو شلوف "حتى لو أبحرت في عمق البحر أين البنزين الذي يعينك على ذلك".
وأبو شلوف اتجه للعمل في الزراعة مطلع هذا الشهر بعد أن اعتقلت البحرية المصرية أحد أقربائه في عرض البحر في نهاية أغسطس/ أب الماضي.
وكانت محكمة مصرية حكمت مطلع الأسبوع الماضي على أبو شلوف وأربع صيادين آخرين مع عائلة بصلة بالسجن لمدة عام بزعم الدخول إلى المياه الإقليمية المصرية.
وقال زملاء أبو شلوف "حاكموا زملائنا بزعم دخول مياه مصر لكن كل يوم الزوارق المصرية تدخل مياه غزة فمن يردعهم".
وأقسم صياد آخر بأنه شاهد زورق مصري قرب المرفأ الجديد الذي شيد بدعم قطري هذا العام على شاطئ بحر رفح وعلى متنه الجنود المصريون يمرحون ويتغنون.
ويأمل صيادو الأسماك بأن تتراجع حملة الاعتداءات المصرية خصوصاً مع بدء موسم صيد أسماك السردين الشهر المقبل.
وبعض الصيادين يعولون على هذا الموسم الذي يوفر الرزق الوفير في حال توفرت أجواء مناسبة ومساحة واسعة للصيد.
وظل الصياد يوسف الحوراني يردد "والله موسم السردين الواحد ينتظره من السنة للسنة .. ربنا يهدي اخواننا المصريين".
وكتب الصياد عمر البردويل الذي تعرض لاعتداء جسدي وتدمير جزئي بمركبة في رسالة وجهها لرئيس الوزراء إسماعيل هنية لمساعدته في إصلاح مركبة "إن علاقة الصياديين الفلسطينيين بالمصريين علاقة جيدة جدا من عشرات السنين حيث أننا نصطاد في مياههم وخصوصا في السنوات الأخيرة على مسافة قريبة من الزوارق العسكرية المصرية دون أي مشاكل، وأن الصيادين المصريين لهم الحرية في الصيد في مياة غزة دون تدخل من أحد، وأننا كصيادين نستغرب من الذي يحصل في الآونة الأخيرة ونرجوا ألا يتكرر".
وتقول نقابة صيادي الأسماك في غزة إنه في ظل استمرار تضييق الخناق على قطاع الصيد البحري من قبل الحكومة "الإسرائيلية" وتضييق الجانب المصري الخناق على الصيادين من جهة الحدود الجنوبية لقطاع غزة فإن 10 في المائة منهم يمارسون عملهم من إجمالي عددهم البالغ 3 آلاف و 700 صياد.
وطالب نقيب الصيادين الفلسطينيين نزار عياش بإنهاء كافة "القيود الإسرائيلية والمصرية التي تستهدف عمل الصيادين في بحر غزة".
وقال عياش في تصريح لـ"الرسالة نت": إن الصياد الفلسطيني يعاني منذ عقود لكنه يصر على مواصلة العمل في هذه المهنة التي ورثها عن أبائه وأجداده.
وتتوفر في أسواق غزة الأسماك بكميات متوسطة وبعضها يصل بكميات محدودة عبر ما تبقى من أنفاق أرضية محدودة مع مصر.