محللون: صفقات في العمل السياسي تعقد في الخفاء
الشعبية: واهم من يقول أن هناك تباينا في مواقفنا
غزة- محمد أبو قمر
بينما كان جميل المجدلاوي أحد قادة الجبهة الشعبية يرفع صوته في غزة منددا بقرار فتح القاضي بعقد انتخابات نقابة الصحفيين في الضفة منفردة دون الاستجابة لمطالب الصحفيين، كان عبد الرحيم ملوح نائب الأمين العام للجبهة يوقع اتفاق شراكة مع حركة فتح في الضفة لخوض انتخابات النقابة تحت مسمى قائمة منظمة التحرير.
التناقض في هذا الموقف يظهر حجم التباين داخل فصائل اليسار، وفتح الباب أمام اتهامها "باللعب على الثلاثة حبال"، حيث جرت محاصصة داخل النقابة شاركت فيها قوى اليسار منها الديمقراطية وحزب الشعب.
البحث عن المحاصصة
اتخذت فصائل اليسار من الانقسام الذي وقع منتصف يونيو من العام 2007 فرصة للظهور بموقف الحكم داخل الحلبة السياسية رغم انحسار شعبيتها التي كشفت عنها الانتخابات التشريعية مطلع العام 2006 عندما حصلت الجبهة الشعبية على ثلاث مقاعد فقط ،بينما حصلت الديمقراطية وحزب الشعب على مقعد لكل منهما.
ورفعت تلك الفصائل لاسيما الجبهة الشعبية شعارا برفض المحاصصة بين فتح وحماس، إلا أن هرولتها على المحاصصة على مقاعد نقابة الصحفيين في اللحظة الأخيرة كشف اللثام عن زيف ذلك الشعار.
ويعتقد المحلل السياسي هاني حبيب أن هناك صفقات في العمل السياسي تعقد بالخفاء، وتختلف المواقف نتيجة الضغوط ، حيث تتكون تحالفات وينفرط عقد أخرى ، معتقدا أن ذلك مشروع في العمل النقابي على الأقل.
ويقول حبيب " يجب أن يؤخذ بعين الاعتبار الوضع السياسي الفلسطيني القائم، بحيث لا يكون مجال لفتح عملية نقابية إلا أن يكون الممثلون حقيقيين، وهو ما لم يحدث بانتخابات نقابة الصحفيين".
وبحسب حبيب فان الفصائل التي ترفض المحاصصة تكون خارج اللعبة وتطلب ألا يكون محاصصة ، لكن عندما يكون الأمر منوطا بها فتغمض عينها عن تلك العملية ، معتقدا أن ذلك الأمر طبيعي وليس عيبا ، وأضاف " لكن في الوضع الفلسطيني يعتقد البعض أنه عمل معيب".
لكنه رأى أن التناقض يأتي نتيجة التشابكات والاستقطاب السياسي على الساحة الفلسطينية .
فيما يؤكد المحلل السياسي طلال عوكل أن الوضع الفلسطيني معقد بكل الجوانب بما في ذلك النقابات والانتخابات ، موضحا أن الأمل بانتهاء الانقسام دخل مرحلة اليأس ، وسيستمر الوضع على حاله طويلا.
وتابع" انتخابات الصحفيين ليست قانونية وغير دستورية ، وكان أفضل لو لم تحصل ، وأن يبقى الواقع كما هو لحين التوافق على الانتخابات أو تتغير الأوضاع".
التشبث بالمنظمة
وتتشبث فصائل اليسار ببقايا منظمة التحرير التي تخرجها فتح من الأدراج المركونة متى تشاء.
ويعتبر طلال عوكل أن الفصائل تفكر بالقضايا بأبعاد سياسية، وأضاف " الشعبية تحت لواء منظمة التحرير وربما تغلب التحالفات في هذا الإطار على أي اعتبارات أخرى ، فالمواقف غير راسخة ولا نعلم ماذا سيحدث بالنسبة لمشاركة الأطراف السياسية داخل نقابة الصحفيين ، لأنها تصطدم بواقع جديد ، والبناء كان على أساس خاطئ" .
هناك انتقاد لليسار وموقفي منتقد لمشاركة الشعبية بالانتخابات لان موقفها غير مفهوم لا على البعد الديمقراطي ولا الجمعي.
وعن اختلاف مواقف فصائل اليسار ما بين قطاع غزة والضفة والخارج يرى عوكل أنه يوجد أساس موضوعي للخلافات حتى داخل الأحزاب ، فالظرف في غزة يختلف عن الضفة ، وفي كليهما يختلف عن الخارج وبالتالي تعد المواقف اجتهادات وحتى الخلافات داخل الحزب الواحد أمر مفهوم .
وفي هذا السياق يقول الكاتب محمد الجبارين مواقف اليسار في هذه الأيام متباينة تباين ومتناقضة ، فمنذ أن وقعت اتفاقية أوسلو في العام 1993تمت مهاجمتها من قبل البعض والترحيب بها من الآخرين, فكانت أوسلو طريقا قذرا لا يمكن السير فيها, وكذلك كانت مسلكا سيئا لا يمكن أن يكون يوما ما مقبولا إلا أننا رأيناهم يدخلون الانتخابات الأخيرة فالتناقض واضح جدا.
أما الموقف السياسي الضعيف بحسب جبارين فيكاد لا يذكر لهم على الساحة الفلسطينية والتأثير أيضا على الموقف في الشارع.
البحث عن الأموال
ويذهب مراقبون الى أن منابع الأموال وتحصيلها مؤثر أساسي على قرارات فصائل اليسار، واتخذوا من انضمام عناصر في الجبهة الشعبية للقوة التنفيذية التي شكلها وزير الداخلية في الحكومة العاشرة الشهيد سعيد صيام رغم رفضها المشاركة في الحكومة آنذاك دليلا على ذلك، كما أنها هرولت بعد ذلك لأحضان فتح التي وظفت اليسار في شماعة منظمة التحرير.
وفي هذا السياق يؤكد الدكتور عصام عدوان المتخصص بشئون الفصائل الفلسطينية على انتهازية اليسار الفلسطيني ، وهو ما يؤكده سلوكهم على الأرض، واتخذ من انتخابات نقابة الصحفيين مثالا على ذلك.
وقال " لاشك أن التمويل له اعتبار، لكن اعتقد أن الاعتبار الايدولوجي يفوق ذلك، نظرا لأن فكرهم يساري وعازمون على نشره، وعندما شعروا أن العناصر التي ستضاف لنقابة الصحفيين في حال فتح باب العضوية سيكون عدد كبير منهم من المقربون لحماس، ففضلوا عرقلة ذلك المشروع واللجوء للانتخابات في الضفة".
وبحسب عدوان فان المحاصصة واضحة في لغة الجبهتين الديمقراطية والشعبية عندما يتحدثون عن الحوار الوطني، وأضاف" معنى ذلك أنهم يطمحون لأن يكون لهم مقعد بالحوار، وبالتالي فان المحاصصة ليست تهمة لأن كل فصيل يبحث عن زيادة شعبيته وحصته".
لكنه قال أن فصائل اليسار تعتبرها شتيمة عندما لا تكون موجودة في اللعبة.
"الرسالة" بدورها نقلت الاتهامات بتناقض موقف الجبهة الشعبية لاسيما فيما يتعلق بمشاركتها بانتخابات نقابة الصحفيين ، لكايد الغول عضو المكتب السياسي بالجبهة، حيث رفض التعليق على ما دار في انتخابات النقابة، وقال: "أغلقنا ذلك الملف، وعندما يكون لنا موقف آخر سنتحدث عنه".
واعتبر الغول ما يقال بأن هناك اختلافا في مواقف الجبهة بالداخل والخارج وهماً وقال هي محاولة إساءة فقط لما يمكن أن يكون من آراء داخلية ، وأضاف " تلك الاتهامات تنطبق أيضا على حركة حماس، وهناك تداول للقضايا داخل الأحزاب".
وبين الاتهامات الموجهة لليسار التي يقابلها بالرفض تبقى الإجراءات على الأرض كفيلة بإظهار الحقائق.