باسم عبـدالله ابو عطايا
الأزمة التي أحدثتها عملية اغتيال القائد في حماس محمود المبحوح لدولة الاحتلال أخذه في الكبر ، فبعد أن ساد الاعتقاد في " إسرائيل" بان ما حدث مجرد إخفاقه صغيرة عادت الأمور تظهر بشكل اكبر مما كان متوقعا ، فالنجاح والإشادة التي سادت في الأيام الأولى للتنفيذ ، سرعان ما أصبحت "جرسه " يجب التخلص منها والابتعاد عنها قدر الإمكان ، بل وصلت الأمور إلى حد المطالبة بإقالة من كان عنوانا للإشادة بالتنحي عن منصبة
الإخفاق الأخير الذي منى به جهاز " الموساد " الاسرائيلى ليس الأخير لكنه الأكبر ليس فقط لانكشاف أمر المجموعة المنفذة في غضون 24 ساعة أو اقل وليس فقط لاكتشاف جوازات السفر المزورة .
وإنما انكشاف تورط أكثر من دولة أوربية في هذا الاغتيال سواء بعلم أو بغير علم ، فمن غير المرجح أن تكون كل الدول التي تم الكشف عن جوازات سفرها شاركت فى اغتيال المبحوح لكنه كان من المؤمل غض الطرف عن "العملية لكن التطورات التي حدث بعد ذلك من فضح بالصوت والصورة للعملاء غير كل القواعد المتبعة في مثل هذه الحالات
** استنكار أوروبا
ما كان لأوربا أن تستنكر هذه العملية وان كان استنكارها منقوص ولم يدين دولة الاحتلال وإنما استخدام جوازات السفر وبشكل نكره إلا انه في حد ذاته أحرج دولة الاحتلال التي اضطرت لتقديم مبررات وشرح حول العملية وان كانت لم تعترف بها علينا " إسرائيل " لم تنفى قيامها بالعملية بل نفت وجود أدلة تدينها وهذا يعنى أنها في حالة وجود أدلة دامغة تدين الموساد فان على دول أوربا التي أدانت استخدام جوازات سفرها أن تدين وتحاسب من قام بالفعل .
فبيان الإدانة الأوروبي جاء على لسان وزراء خارجية دول الاتحاد ، و"دانوا بشدة" استخدام جوازات سفر أوروبية في إطار العملية.
وجاء في بيان اعتمده وزراء الخارجية خلال اجتماع عقدوه في بروكسل ، أن اغتيال احد مؤسسي الجناح المسلح لحركة حماس محمود المبحوح "يثير مسائل مقلقة للغاية" لدى الاتحاد الأوروبي.وتجنب الوزراء الإشارة مباشرة إلى مسؤولية "إسرائيل"في هذه القضية ، لكنهم اعتبروا أن هذه العملية "لا يمكن أن تسهم في إحلال السلام والاستقرار في الشرق الأوسط" ، وهكذا فأنهم دانوا منفذيها. وبحسب مصدر دبلوماسي ، فانه "لم تذكر "سرائيل"بالاسم ، لكن الرسالة واضحة جدا" حيال الدولة العبرية التي كان وزير خارجيتها افيغدور ليبرمان يزور بروكسل أمس.
** ليبرمان لم يقنع
الاستنكار الأوروبي دل على أن وزير خارجية دولة الاحتلال فشل في إقناع وزيرا الخارجية البريطاني والايرلندي بعدم مسؤولية الموساد بعد أن طالبا منه توضيحات.
واستخدم الوزراء الأوروبيون اقسي التعبير لإدانة استخدام العملاء في دبي جوازات سفر مزورة عبر استخدام هويات مواطنين أوروبيين. وجاء في البيان أن "الاتحاد يدين بشدة استخدام جوازات سفر مزورة لدول أعضاء فيه، وبطاقات ائتمان تم الحصول عليها عبر سرقة بطاقات هويات مواطنين أوروبيين".
وعلى خط مواز ، أعرب الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي في باريس "عن إدانته الشديدة" لقتل القيادي في حماس محمود المبحوح وقال "إنها إدانة بدون تحفظ" مضيفا "هذا النوع من الإحداث لا يمكن إلا أن يؤجج التوترات ولا يحمل أي شيء ايجابي. أن فرنسا ديمقراطية ولا يجوز ان تقبل ذلك. ونحن لا نقبل ذلك".
** أزمة في الكنيست
الحادثة ألقت بظلالها على كل أروقة السياسة في دولة الاحتلال ففي الوقت الذي حاول فيه نتنياهو الهروب من
تبنى هذا العملية ولو إعلاميا خوفا من الحرج الأوربي الخارجي أشادت زعيمة المعارضة تسيبي ليفني بجريمة اغتيال القائد المبحوح على أيدي أشخاص يشتبه في أنهم من عملاء الموساد.
وقالت ليفني أمام مؤتمر يهودي في القدس "كون أن إرهابيا قتل، ولا يهم ما إذا كان ذلك قد وقع في دبي أو في قطاع غزة، هو خبر جيد بالنسبة لأولئك الذين يكافحون الإرهاب".
وأضافت "العالم كله يجب أن يدعم أولئك الذين يكافحون ضد الإرهاب"
وتمثل هذه الإشادة التي تصدر للمرة الأولى من أحد كبار الساسة الإسرائيليين إحراجا واضحا لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بعد تردد أنباء بأنه صادق شخصيا على عملية اغتيال المبحوح وإصرار وزير الخارجية اليميني المتطرف ليبرمان بأنه لا توجد أدلة على ضلوع إسرائيل في الجريمة .
**تلاسن بالكنيست
إلى ذلك ، رفضت الإدارة ولجنة الكنيست إجراء نقاش بشأن اغتيال المبحوح في دبي، واستخدام أفراد الخلية التي نفّذت الاغتيال جوازات سفر أوروبية مزوّرة، واتهامات لإسرائيل بتنفيذ الاغتيال.
وأثار طلب عضو الكنيست طلب الصانع مناقشة الموضوع تلاسناً بينه أحمد ألطيبي من جهة، وبين أعضاء الكنيست اليهود من جهة ثانية.
ووصف عضو الكنيست كرمل شاما من حزب الليكود اغتيال المبحوح بأنّه "فريضة" ، قائلا" إذا كان جواز سفري يساعد على اغتيال المبحوح فإنّني مستعد لإعطائه للموساد".
من جهته، احتج الصانع على رفض إجراء نقاش بشأن الاغتيال، وتساءل "هل مئير دجان يقرّر أيّ مواضيع يناقشها الكنيست"، مشدّداً على أن من يرفض إجراء نقاش في الموضوع، فإنّ لديه سبباً لعدم إجراء النقاش".
وتساءل الصانع" هل تنفيذ عملية اغتيال في دولة أخرى بأساليب المافيا هو انتصار؟ لقد كان اغتيال المبحوح عملاً إرهابياً، ويجب محاكمة المسئول عن ذلك، وعليكم ألّا تفاجئوا باحتمال صدور مذكّرات اعتقال ضد مائير دجان".
وقال شاما إنّ " دجان قام بعمل جيد وبهدوء، وهو عزيز إسرائيل"، فردّ عليه ألطيبي قائلاً إن "البطل الحقيقي لهذه القصة هو قائد شرطة دبي، الذي كشف أمر فرقة الاغتيال".
وفي السياق، قررت الدول الأوروبية التي وردت أسماؤها في قضية جوازات السفر المزوّرة عدم إرسال سفرائها إلى المؤتمر الذي عُقد الثلاثاء في الكنيست تحت عنوان "صراع ديمقراطيات"، أو الاكتفاء بإرسال ممثل على مستوى متدنّ من الأهمية، والأمر نفسه فعلته تركيا أيضاً.
ونقلت جريدة "الأخبار" اللبنانية عن صحيفة "هآرتس" : " تجاهلت أيرلندا الدعوة التي وُجّهت إليها، وأخبرت قسم العلاقات الخارجية في الكنيست أنّ أحداً من ممثليها لن يحضر المؤتمر".
وقرّرت بريطانيا وفرنسا إرسال السكرتير الأول في سفارتَيهما، أما ألمانيا، فأرسلت الملحق السياسي.
مهما كانت نسبة نجاح عملية الاغتيال في التنفيذ فهي على المستوى ألبعدي حقق لإسرائيل وللموساد خصوصا فشل استراتيجي سيترتب عليه الكير من الأمور قبل القيام باى عملية أخرى خارج حدود فلسطين المحتلة بعد ذلك .