يعلو بكاء سلطة رام الله من وقت إلى آخر بفعل أزمتها المالية التي بدأت تتجلى بوادرها على الساحة منذ عام 2011.
وبلغت ديون السلطة حتى نهاية النصف الأول من العام الجاري أكثر من 4.3 مليار دولار للبنوك العاملة في فلسطين والقطاع الخاص وبعض الدول الأجنبية والمؤسسات المالية العابرة للقارات.
وكان عضو اللجنة المركزية لحركة فتح محمد اشتية قد أكد أن الوضع المالي للسلطة سيكون "غير محمود" في عام 2014.
وأشار اشتية في تصريحات صحافية إلى وجود عوامل باتت تتحكم بالمساعدات المالية للفلسطينيين "أبرزها صعود تيار في دول أوروبا يدعو إلى وقف دعم رام الله".
ومنذ أن جاءت السلطة والقيود (الإسرائيلية) تتلف حول عنقها وتعرقل أي نشاط اقتصادي تنوي فعله في حين أنها تحتاج إلى 150 مليون دولار شهريًا لصرف رواتب موظفيها إلى جانب مبلغ مماثل تقريبًا للوفاء بالتزاماتها اتجاه توفير الخدمات الأساسية للفلسطينيين.
لن تنتهي
المختصون في الشأن الاقتصادي أكدوا أن الأزمة المالية للسلطة ستتواصل حتى تغير الواقع السياسي في المنطقة الذي يلقي بظلاله على الوضع الاقتصادي الفلسطيني، منوهين في أحاديث منفصلة لـ"الرسالة نت" إلى أن رام الله ستبقى رهينة المساعدات الخارجية.
ورهن المتخصص في الشؤون المالية والمصرفية محفوظ خويرة انتهاء أزمات السلطة المالية بزوال الاحتلال (الإسرائيلي)، قائلا: "منذ مدة تحاول السلطة إيجاد حلول لأزماتها لكنها تخفق لاعتمادها الكلي على الموارد المالية الخارجية".
وأكد خويرة أن الوضع الاقتصادي الحالي للسلطة لا يحتمل لها أن تلجأ إلى زيادة نسبة الضرائب لتخفيف أزمتها المالية، عازيا السبب إلى ارتفاع نسب البطالة وهشاشة الاقتصاد الفلسطيني جراء ارتباطه بنظيره (الإسرائيلي).
ومن يتابع الشأن الفلسطيني يجد أن إحداث أي تنمية حقيقية في الاقتصاد المحلي يتطلب وقف سياسة الإغلاق التي تمارسها (إسرائيل) بحق الفلسطينيين، ومنع الاحتلال من سرقة الموارد الفلسطينية.
وكان وزير الخارجية الأمريكي جون كيري قد وعد بتحويل مساعدات إلى السلطة لكنها لم تصل باستثناء مبلغ 148 مليون دولار حُول مؤخرا لشراء المحروقات من الشركات (الإسرائيلية).
وبلغ حجم المساعدات الدولية منذ إنشاء السلطة حوالي 21 مليار دولار 85% منها استهلك لتسديد فاتورة رواتب الموظفين.
المتخصص في الشأن الاقتصادي جعفر صدقة أرجع بدوره تواصل أزمة السلطة المالية إلى قلة إيراداتها واعتمادها كليا على المساعدات الخارجية، محذرا من تدهور الاقتصاد الفلسطيني في ظل انخفاض المساعدات الخارجية للسلطة.
وتواجه رام الله عجزًا يتجاوز مليار دولار في موازنتها العامة ما أجبرها على الاستدانة من البنوك المحلية لصرف رواتب موظفيها خلال الأشهر الماضية.
عصا سحرية
وتعتمد السلطة في تحصيل إيراداتها على ثلاثة مصادر رئيسية هي: الضرائب المحلية، وإيرادات المقاصة، والمساعدات المالية الخارجية.
وهنا، يرى خويرة أن إنهاء أزمات سلطة رام الله بحاجة عصا سحرية، داعيا إياها إلى تنمية مواردها الاقتصادية للخروج من الأزمة.
أما صدقة فيرى أن أزمة السلطة ستتواصل حتى تغيير الواقع السياسي الذي يؤثر مباشرة على الاقتصاد الفلسطيني، مؤكدا أن رام الله تخشى انفجار المواطن في وجهها "ما يجعلها تواصل رهانها على المساعدات الخارجية".
ومع نهاية عام 2011 وصلت ديون السلطة للبنوك المحلية إلى حوالي 1.1 مليار دولار، كما وصلت الديون الحكومية المتراكمة للقطاع الخاص إلى ما يقارب 530 مليون دولار، فيما تراوحت تقديرات قيمة الالتزامات المالية للسلطة لمصلحة صندوق التقاعد والمعاشات الحكومية ما بين 1.5 إلى ملياري دولار تتزايد سنويا بحوالي 70 مليون دولار.