لم تستطع أم حمزة أن تخفي قلقها الذي بان واضحا على محياها حين همّت بالحديث لـ"الرسالة نت" عن حكاية زوجها، فهو واحد من مئاتٍ اجتمعت عليهم القيود فأصبحوا لا يميزون بين مصدرها؛ أهو محتل ظالم أم قريب حاقد؟
تحاول الزوجة أن تستذكر مرات اعتقال زوجها والمدة التي أمضاها في سجون القريب والبعيد، ثم تنظر إلى أطفالها وتحاول كبت دمعة أبت إلا أن تلامس وجنتيها، فهم كلما بنوا علاقة الأبوة مع والدهم اختطفته أنياب الظلم لتحرمهم عطفه.
شرعت الأم لأربعة أطفال تتحدث عن معاناة العائلة التي بدأت منذ زواجها بالشيخ نافذ الشوامرة، فالاحتلال لم يتوان عن اعتقاله لمدة ثلاثة أشهر دون أي تهمة ولا مبرر، وبعد الإفراج عنه اختطفته أجهزة السلطة لمدة مماثلة وكأن التنسيق الأمني كان جليا في أوضح أشكاله.
وتقول: " حين اختطف زوجي لدى السلطة كانت الزيارات ممنوعة علينا، وعلمنا من مختطفين آخرين أنه تعرض للتعذيب من الضرب والشتم والشبح والحرمان من النوم وتقديم طعام سيء، وهذا الأمر تكرر طيلة التسعين يوما التي مكث فيها في سجون المخابرات الفلسطينية".
وتشير أم حمزة إلى أن الإفراج عن زوجها من سجون السلطة أشعر العائلة بأنه مكث ثلاثة أعوام هناك بسبب ما كان يتعرض له من تعذيب واضطهاد ومنع زيارة، موضحة أنه خسر من وزنه الكثير وكان يعاني من آلام في المفاصل نتيجة الشبح المتواصل، واستمر معه الألم عدة أشهر.
ترفع الزوجة صورة لزوجها وأطفاله وتشرد بذهنها بعيدا إلى أيام حملت من المعاناة الكثير؛ مع ملامح آملة بأن تنتهي فصول الظلم بحقها.
وبعد الإفراج عنه من سجون السلطة ببضعة أشهر اعتقلت قوات الاحتلال الشيخ نافذ وحكمت عليه بالسجن 19 شهرا، لتكون هذه الصاعقة التي وقعت على زوجته وأطفاله الذين اشتاقوا لوجوده بينهم.
وتضيف:" نحن عائلة نريد أن نعيش كغيرنا من العائلات دون ترهيب ولا اختطاف ولا اعتقال، فحين اعتقل الاحتلال زوجي داهم الجنود منزلنا وفتشوه وأرعبوا أطفالي في ساعات الليل، وتلك كانت لحظات لا تنسى لأنها أثرت على أطفالي كثيرا وخاصة أصغرهم الذي خاف كثيرا من الكلاب البوليسية وهمجية الجنود".
مطاردة وترهيب
ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد؛ بل تعرضت العائلة حتى خلال اعتقال الشيخ الشوامرة لمداهمات وملاحقات أجهزة السلطة والاحتلال.
ويقول نجله حمزة لـ"الرسالة نت" إن أجهزة السلطة داهمت منزلهم عدة مرات حين كان والده في سجون الاحتلال وسلمته استدعاء للمقابلة، ولم يكن أفراد تلك الأجهزة يستمعون لكلماتهم وهم يؤكدون أنه أسير في سجون الاحتلال.
ويتابع:" كنا نقول للضابط في الوقائي إن أبي أسير في سجون الاحتلال فيعرض وجهه ويقول ليس لي شأن المهم أن يحضر للمقابلة، وهذا الموقف أكد لي بأنهم لا يفقهون شيئا وأنهم يسلمون الاستدعاءات لمجرد حقد دفين (..) أنا أريد أن يعيش أبي معنا حياة ليس فيها مطاردة واعتقال، وأن أمضي العيد وهو معي".
وبعد الإفراج عنه من سجون الاحتلال فرحت العائلة مرة أخرى وحمدت الله كثيرا، ولكنها أيام قليلة فقط حتى أعادت أجهزة السلطة استدعاءه ومن ثم اختطافه لعشرة أيام دون أي تهمة، وخلالها خاض إضرابا عن الطعام احتجاجا على اعتقاله التعسفي، وتكرر الامر مرة أخرى من خلال محاولة اعتقاله في آخر يوم دراسي حيث أنه يعمل معلما في مدرسة إحدى القرى القريبة من دورا جنوب الخليل.
وتقول شقيقة الشيخ الشوامرة لـ"الرسالة نت":" تعرضت عائلة شقيقي للملاحقة والمطاردة طيلة الإجازة الصيفية، ولم يتمكن من الذهاب إلى أي مكان مع أطفاله بسبب احتجاز السلطة لهويته ومطالبته بتسليم نفسه فرفض، كما أنه تعرض للمطاردة بالمركبات أكثر من مرة وهددوه بالقتل والخروج جثة هامدة من مقرات السلطة.. هذا أسير محرر هل يعقل أن يعاملوه بهذه الطريقة؟".
وما زالت العائلة تكابد مرات الاعتقال للشيخ الشوامرة؛ فاعتقلته السلطة مرة رابعة قبل عشرة أيام وخاض إضرابا مفتوحا عن الطعام والسوائل آملا أن يحصل على حرية دون أن يقيدها ذوي القربى بظلمهم.
وتبرع وسائل إعلام السلطة في الحديث عن الأسرى المحررين وضرورة تكريمهم، لكن يبدو أن هذا الأمر ينطبق على أسرى من تيار واحد فقط لأن الآخرين ممنوع عليهم العيش بحرية لمجرد أنهم يحملون الفكر الإسلامي في عقولهم.