يروي أحد الناجين من حادث غرق قارب كان يقل مهاجرين غير شرعيين في مياه البحر المتوسط يوم الجمعة المأساة على متن القارب منذ لحظة الإبحار.
ويحكي الرجل، الذي لم يشأ أن يفصح عن هويته سوى باسم عبد، لبي بي سي عن أن القارب كان متهالكا وتعرض كذلك لإطلاق نار مما أسهم في وقوع الكارثة التي راح ضحيتها 33 شخصا.
عبد الذي يمكث حاليا في مركز احتجاز بجزيرة لامبيدوسا الإيطالية يقول إنه في الأساس من مخيم للاجئين الفلسطينيين في العاصمة السورية دمشق، وأنه فر من الاضطرابات هناك.
ويوضح أنه سافر في بادئ الأمر إلى مصر، ثم إلى ليبيا حيث دفع أموالا لمهرب كي يصطحبه مع شقيقه وعمه إلى إيطاليا.
وكان المقصد في نهاية المطاف، حسبما يقول عبد، هي السويد حيث يعيش أقارب له.
"بدأنا التحرك مساء الخميس.. جمعونا عند الشاطئ وانتظرنا حتى حلول الليل"، حسبما روى عبد.
وقال إن جميع المنتظرين قيل لهم إن القارب متين، لكن عندما شاهدوه اكتشفوا أنه قارب "خشبي صغير".
ويروي عبد كيف أن مسلحين أطلقوا النار على القارب بما أحدث ثقوبا فيه ساهمت في غرقه.
"عندما خرجنا إلى المياه الدولية، تبعونا وأطلقوا بعض الطلقات في الهواء، وظللنا نحن ماضين."
"عندما دخلنا المياه الإقليمية الإيطالية، فقدوا الأمل وبدأوا إطلاق ذخيرة حية علينا."
"أصابوا اثنين من طاقم القارب. وأصيبت بعض النساء. آخر ما أطلقوا النار عليه كان غرفة المحرك في أسفل القارب، وحينها بدأت المياه بالتسرب إلى داخل القارب."
وأعرب عبد عن اعتقاده بأن من أطلقوا النار هم من خفر السواحل الليبي. غير أن شهادات رجحت أنهم ربما يكونوا من مليشيا ليبية أو عصابات أخرى لتهريب البشر.
ومضى قائلا إن الماء كان يتسرب إلى القارب على نحو سيء خلال عبوره البحر المتوسط، ومع اقترابه من لامبيدوسا، بدأت الأمواج تجرفه تجاه مالطا.
وبدا قائد القارب كأنه تائه، بحسب عبد الذي يضيف أن "القارب بدأ يمتلئ بالمياه ويختل توازنه. وبدأت الفتيات يصرخن خشية الموت وطلبن الاتصال بالصليب الأحمر."
"اتصلنا بالصليب الأحمر الإيطالي وقالوا لنا إننا في المياه الإقليمية لمالطا.. اتصلنا بالصليب الأحمر في مالطا وأخبرونا أنهم سيأتون بعد قليل.. سألنا كم من الوقت فقالوا نحو 40 أو 30 دقيقة."
"أرسلوا طائرة قبل غرق القارب.. وحلقت الطائرة فوقنا وقامت بتصويرنا.. فقلنا إننا متأكدون أنهم رأونا وعرفوا بوجودنا."
"ارتفعت الأمواج بشدة واختل توازن القارب وامتلأ قاعه بالمياه وسادت حالة من الذعر بين الناس."
وقال عبد إن موجة عاتية تسببت في ميل على أحد جانبيه، وحاول الركاب التغلب على ذلك بالتحرك إلى الجانب الآخر.
"ارتدى الركاب سترات النجاة انتظارا لانقاذهم. وبمجرد سقوطنا في المياه فرقتنا الأمواج عن بعضنا، وكان بوسعي رؤية أناس يسبحون نحو نصف ساعة كي يصلوا إلى بعضهم.. ظللنا نحو ساعة أو ساعة ونصف في المياه."
"جاء الصليب الأحمر لإنقاذنا، وانقذوا من كان على قيد الحياة. أتمنى ألا يحدث ذلك مرة أخرى. كان هناك نساء وأطفال بين الموتى."
كانت السلطات في مالطا وإيطاليا قد بدأت عمليات إنقاذ مشتركة يوم الجمعة، حيث تم انقاذ العشرات من البحر وتم اصطحابهم إلى لامبيدوسا ومالطا.
ويعتقد عبد أن شقيقه قد تم اصطحابه إلى مالطا، لكنه لا يعرف شيئا عن عمه.
المأساة وقعت بعد أسبوع من غرق 300 مهاجر على الأقل عندما انقلب القارب الذي يقلهم قبالة سواحل لامبيدوسا.
وكل عام، يسعى عشرات الآلاف من المهاجرين غير الشرعيين إلى العبور من شمال أفريقيا إلى لامبيدوسا وصقلية وغيرها من الجزر الإيطالية.
وتدعو بعض دول الاتحاد الاوروبي حاليا إلى مراجعة قوانين الهجرة وتعزيز الدوريات البحرية في مسعى لتجنب المزيد من الخسائر في الأرواح.
BBC