ألقت التطورات السياسية والأمنية والاقتصادية التي اجتاحت المنطقة مؤخرا بظلالها على المشهد الفلسطيني وتحديدا قطاع غزة بحكم جواره لجمهورية مصر العربية التي تشهد اضطرابات منذ انقلاب العسكر ضد الرئيس المنتخب محمد مرسي.
ورغم ذلك فإن الحكومة الفلسطينية لا تزال حريصة على المحافظة على علاقاتها واتصالاتها مع الدول العربية والإسلامية وبخاصة مصر وإيران وتركيا، وهذا ما أكده د. باسم نعيم مستشار رئيس الحكومة إسماعيل هنية للشؤون الخارجية خلال حديثه لـ"الرسالة نت".
وقال نعيم: "لا يوجد أي دليل يثبت تورط قطاع غزة فيما يحدث في مصر"، منوها إلى أن حكومته لديها موقف واضح هو البعد عن التدخل في شؤون أي دولة.
وذكر أن الحكومة طوال المدة الماضية أجرت اتصالات مع جهاز المخابرات المصرية وأثبتت له أنها لا تتدخل في الشأن المصري.
واستطرد: "أحيانا تبادر المخابرات المصرية إلى الاتصال بالحكومة الفلسطينية لمناقشة الملفات اليومية كمعبر رفح البري والأحداث على الحدود".
المشهدان الإيراني والمصري
ويقول نعيم عن المشهد المصري: "نحن جاهزون للتعاون مع الجانب المصري، فأمن غزة من أمن مصر لذا لا بد من بقاء قنوات الاتصال مفتوحة".
وأشار إلى أن الاتصالات بين الجانب الفلسطيني والمصري تقتصر على الصعيدين الفني والأمني، مشددا على أن غزة ضد أي اعتداء يهدد المواطن والأمن المصري.
وفيما يتعلق بطبيعة العلاقة بين الحكومة وإيران، أكد مستشار هنية للشؤون الخارجية أن الاتصالات لم تنقطع بين الطرفين، قائلا: "قد تتأثر العلاقات بالأحداث المحيطة لكن طهران تعتبر القضية الفلسطينية قضية مركزية".
وأشار إلى الدور المهم الذي لعبته إيران في دعم الحكومة ماليا منذ وصولها إلى سدة الحكم، ورغم ذلك فإنه أقر بتراجع الدعم الإيراني المالي للحكومة في المرحلة الأخيرة جراء الظروف التي تمر بها المنطقة.
وكانت الحكومة في غزة وحركة حماس قد أكدتا في مناسبات كثيرة أنهما لا تتدخلان في شئون أي دولة وأنهما مع حق الشعوب في حريتها وكرامتها.
العلاقات مع تركيا
وفيما يتعلق بالعلاقات مع تركيا وزيارة رئيس المكتب السياسي لحماس خالد مشعل أنقرة مؤخرا، قال نعيم إن العلاقة التي تربط حماس بالدول الإسلامية وعلى رأسها تركيا وطيدة وقديمة، منوها إلى أن تركيا على وجه الخصوص تدرك أن حماس صاحبة مشروع تحرر وطني في المنطقة.
ويحسب لتركيا مواقف مشرفة كثيرة مع القضية الفلسطينية وتحديدا قطاع غزة المحاصر، فهي اشترطت لعودة علاقاتها السياسية والاقتصادية كالسابق مع الاحتلال (الإسرائيلي) فك الحصار كليا عن غزة وهذا ما لم تقبله (إسرائيل) حتى اللحظة.
ونوه نعيم إلى أن إغلاق معبر رفح حال دون لحاق وفد حماس في الداخل بالوفد الزائر في تركيا، قائلا: "أبرز القضايا التي يناقشها وفد الحركة في أي زيارة هي الحصار وتداعياته على القطاع، والاستيطان، وتهويد القدس والمصالحة".
قنوات متعددة
وفي سياق آخر، فإن مستشار هنية للشؤون الخارجية أكد وجود قنوات اتصال بين حكومة غزة وقيادة حماس وبين الأوروبيين من أجل إطلاعهم على حقيقية ما يجري في قطاع غزة المحاصر.
أما عن مدى تأثير غياب قوافل التضامن الأوروبية والأجنبية عن القطاع، فأوضح نعيم أن القوافل كانت تؤدي أكثر من دور، "لذلك غيابها أثر كثيرا على مستويات دعم غزة ونقل المعاناة وتسليط الضوء على الحصار".
وحول ما نشر في وسائل الإعلام العربية مؤخرا عن المبادرة السعودية للوساطة بين مصر وحماس وفتح للعودة إلى المصالحة، نفى نعيم علمه بتلك المبادرة، مؤكدا أن الحكومة في غزة ترحب بأي جهد يسعى إلى تحقيق المصالحة أو تخفيف الحصار عن غزة.
وفيما يتعلق بعجز الحكومة عن صرف رواتب موظفيها بصورة كاملة، قال نعيم: "لا أحد ينكر أن الحكومة تمر بأزمة مالية جراء صعوبة إيجاد موارد ثابتة (...) على المواطن أن يدرك أنه لا يزال يبقع تحت الاحتلال وأن حكومته حكومة تحرر وطني".
وعند سؤاله عن الحلول لتجاوز الأزمة الحالية، أجاب: "أتوقع انفراجها خلال المرحلة المقبلة".
وحول طبيعة عمله مستشارا للشؤون الخارجية، نوه إلى أن عمله لا يغطي كل المساحة الحكومية على اعتبار وجود وزارة للخارجية تنفذ دورها، مشيرا إلى أنه بحاجة إلى تجربة شخصية وشبكة من العلاقات العامة في المنطقة العربية والإسلامية والدولية.
ولأنه كان يعمل وزيرا سابقا في الحكومة الفلسطينية، ذكر نعيم أنه لا يترك فرصة أو لقاء مع سفراء وممثلي الدول الأجنبية إلا ويطرح الملف الصحي على رأس أولويات المطالب لضرورة التدخل لفك الحصار عن غزة، مشددا في نهاية حديثه على أن غزة لن ترفع الراية البيضاء أمام كل من يحاول الإيقاع بها.