أكثر من صفعة نجحت حركة المقاومة الإسلامية حماس فى توجيهها للكيان الاسرائيلي على مدار أكثر من خمس سنوات منذ أسر الجندي جلعاد شاليط في 25 يونيو2006 فى العملية التى عرفت باسم "الوهم المتبدد".
شريط فيديو مقابل عشرين أسيرة تمّ إطلاق سراحهن في سبتمبر 2009 ضمن ما يعرف بـ"صفقة الحرائر" التي بثت خلالها "كتائب القسام" شريط فيديو يثبت أن شاليط لا يزال حيًّا، بالإضافة إلى الإفراج عن 3 من أسرى الجولان، وهى الصفقة التى كشفت عن قدرة المفاوض الفلسطيني والحمساوى -بوجه الخصوص- على انتزاع حقوقه، والتعامل باحترافية فى هذا الملف.
"صفقة الفيديو" التى تمت عبر وسيط ألماني، أثبتت أن لكل شيء ثمنا، وأن مجرد بث صور حية تثبت وجود شاليط على قيد الحياة لا بد أن يدفع له العدو مقابلا، وهو ما يعنى أن حماس أبرمت للإفراج عن شاليط "صفقتين"، وليس صفقة واحدة.
الصفعة الثانية .. واحد مقابل 1027 أسيرا، وهى أعلى نسبة تبادل يرضخ لها العدو في تاريخ صفقات التبادل، مما جعل عدد المحررين إجمالا هو 1050 وليس 1027، وهى بذلك أكبر صفقة تبادلية فى تاريخ عمليات الأسر ربما على مستوى العالم، وأكبر صفعة تتلقاها إسرائيل منذ سنوات.
يمكن القول إن الربيع العربى كان له دور كبير فى تعزيز قدرات المفاوض الفلسطينى، وإنجاز الصفقة على الشكل الذى تمت به، خاصة فى ظل غياب مبارك ورئيس مخابراته عمر سليمان، واللذين وقفا بقوة ضد إتمام هذه الصفقة على هذا النحو خدمة لحكومة تل أبيب.
خالد مشعل – رئيس المكتب السياسى لحركة حماس - أكد على المعنى السابق حينما اعتبر أن الربيع العربى كان له دور فى تعزيز مكانة المواطن العربى، قائلا "إن الإنسان العربى المعتز بعروبته وإسلامه والمستند لخيار المقاومة هو إنسان ثمين وغالٍ".
الصفعة الثالثة تبدو جلية فى إخفاق اسرائيل على مدار أكثر من خمس سنوات فى العثور على أثر قدم لشاليط داخل مساحة 360 كيلو مترا مربعا هي مساحة قطاع غزة، بما يعد انتصارا أمنيًا يحسب لحماس، سيظل فى حاجة لوقت كبير لكشف أسراره، ومثار اهتمام من خبراء الاستراتيجية والأكاديميات العسكرية.
عملية شاليط تعتبر الأبرز فى التاريخ الحديث لعمليات الأسر، وتكتيكات إخفائه طيلة هذه المدة لغز كبير فشل العقل الأمنى الإسرائيلى المدعوم بكل تكنولوجيا التجسس، فى فك طلاسمه، مع الأخذ فى الاعتبار أن أربعة من أجهزة المخابرات المعروفة بكفاءتها فى العالم كانت تبحث عن شاليط، هى الموساد، والمخابرات الأمريكية CIA، والمخابرات الألمانية التى حاولت عبر دورها كوسيط منذ عامين الوصول إلى أى خيط يقود لشاليط، وهناك مخابرات "عمر سليمان" – قبل الثورة - والتى كانت تستجوب المعتقلين الفلسطينيين فى مقار جهاز أمن الدولة لمعرفة طريق شاليط.
صحيفة معاريف العبرية قالت: "على الشعب الفلسطيني أن ينحني لرجليْن أو ثلاثة دوّخوا المخابرات الإسرائيلية والعالمية التي سعت لمعرفة مكان شاليط بكل الوسائل، لكنها عجزت عن ذلك"، فى إشارة قوية لقائد كتائب القسام أحمد الجعبرى الذى رافق شاليط عند تسليمه للجانب المصرى، ومنفذى العملية ومن تكفلوا بحراسة الأسير.
الثمن الغالى الذى دفعته إسرائيل مقابل استرداد جنديها قد يغرى حماس على تكرار العملية، خاصة أن بعض قادة حماس أشاروا إلى احتمال تكرار الأمر للإفراج عمن تبقى فى السجون الإسرائيلية من فلسطينيين، وهو الأمر الذى حذرت منه صحيفة "هآرتس" الاسرائيلية مؤكدة أن إتمام الصفقة سيكون دافعا قويا لخطف المزيد من الإسرائيليين.
3 صفعات لإسرائيل بطعم الثورة تؤكد أن الربيع العربى أطاح بحلم "إسرائيل الكبرى من النيل للفرات"، وأن شاليط سيظل كابوسا لتل أبيب، وإنجازا للمفاوض العربى ربما يتكرر قريبا فى صفقة "إيلان".