"(اسرائيل) ستحافظ على بقاء قواتها داخل غور الأردن في حال حدوث اتفاق بين الفلسطينيين والاسرائيليين مستقبلاً" هذه العبارة نقلتها صحيفة معاريف على لسان رئيس الوزراء "الاسرائيلي" بنيامين نتنياهو للتأكد على الأهمية الاستراتيجية للمكان.
وأشارت الصحيفة العبرية في تقرير مطول عن الأهمية الاستراتيجية لمنطقة الأغوار بالنسبة للاحتلال مؤكدة أن تلك المنطقة التي تبلغ مساحتها 800 ألف دونم وبها 21 مستوطنة يسكنها 6500 مستوطن قفزت للواجهة ضمن القضايا المعقدة لتوازي موضوعي القدس واللاجئين من حيث الأهمية.
وشددت معاريف على أن (اسرائيل) غير مستعدة للتنازل عنها لأنها تعتبرها كنز استراتيجي، مشيرةً إلى أن تسيبي ليفني وزيرة العدل ومسئولة طاقم المفاوضات تضغط لتقديم تنازلت في هذا الملف.
ولفتت الصحيفة إلى أن وزير الخارجية الأمريكي جون كيري عرض مؤخراً على نتنياهو أثناء لقاءها في روما أن تنسحب (اسرائيل) من الغور مقابل تواجد قوات أمريكية للحفاظ على أمن "اسرائيل" في تلك المنطقة.
ووفق تقارير اعلامية أمريكية فإن الرئيس الأمريكي باراك أوباما يضغط على (اسرائيل) للانسحاب من وادي الأردن إلى العديد من النقاط الاستراتيجية، على أن يسلم الاشراف عليها لقوات دولية جنباً لجنب مع الشرطة الفلسطينية.
من ناحية أخرى, يرفض الطرف الفلسطيني المفاوض أي عرض لا يشمل انسحاب (اسرائيل) بالكامل من غور الأردن، مؤكداً على لسان رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس أن المصلحة (الاسرائيلية) في الأغوار ليست سياسية بل اقتصادية.
وأشارت إلى أن رئيس السلطة يدعى أن غور الأردن يدر على الاقتصاد (الاسرائيلي) من خلال زيارة النخيل ما يزيد عن 620 مليون دولار سنوياَ.
ولفتت الصحيفة إلى أن نتنياهو رد على الموقف الفلسطيني عدة مرات أخرها عندما شدد على ضرورة أن تكون طبيعة التواجد (الاسرائيلي) في منطقة الأغوار عسكرية.
وأوضحت الصحيفة أن نتنياهو تجول قبل سنتين في الأغوار وشدد على أن بقاء القوات (الاسرائيلية) في الأغوار أمر حتمي حتى في حال جرى اتفاق مستقبلي، وأكد مرةً أخرى في حديثه أمام الكونجرس الأمريكي عندما طالب بتواجد عسكري على طول نهر الأردن.
وقبل عام ونصف دعا ممثل الحكومة (الاسرائيلي) في اجتماع مع الفلسطينيين بالحفاظ على تواجد الاحتلال لفترة مؤقتة إلا أن نتنياهو حسم قراره بشكل نهائي مؤخراً عندما أعلن بناء جدار أمني على طول نهر الأردن، وهو الأمر الذي وصفته الصحيفة بأنه يهدد بنسف المفاوضات.
وأشار نتنياهو إلى أن فقدان السيطرة الأمنية (الاسرائيلية) على منطقة نهر الأردن شرقاً سيجعل تلك الجبهة ساحة لإطلاق الصواريخ التي تصل لحيفا وتل أبيب.
من ناحيته يقول عوزي أراد المستشار السياسي السابق لنتنياهو بأن نتنياهو رفض خطة "ألون بلس" التي تتحدث عن استمرار السيطرة (الاسرائيلية) على منطقة وادي الاردن لمدة 50 عام مع وجود قوات دولية، مؤكداً حلول الوسط غير مقبولة في هذه المسألة.
أما "داني ياتوم" رئيس الموساد السابق وقائد المنطقة الجنوبية السابق تشدد مع نتنياهو في قضية تواجد (اسرائيل) في منطقة الأغوار، مؤكداً في ذات الوقت أنها لن تفجر المفاوضات.
وشدد ياتوم على أهمية منطقة الأغوار بالنسبة "لإسرائيل" لضمان عدم تهريب سلاح ومقاتلين، مطمئنا بأن التواجد الأردني المكثف على حدود نهر الأردن يضمن الأمن.
واقترح أن يتم الاتفاق مبدئياً على تواجد (اسرائيلي) لمدة عام في منطقة الأغوار تنقل بعده المسئولية إلى القوات الأمريكية والبريطانية بما يضمن عدم وجود عمليات تهريب.
وشدد على أن مهمة منع التهريب ليست سهلة مستدلاً بما جرى في غزة على محور صلاح الدين "فيلاديلفيا" بين القطاع ومصر حيث كانت عمليات التهريب قائمة رغم تواجد القوات (الاسرائيلية) هناك.
ولفت إلى أن الفرق بين غزة ومنطقة الضفة التي فيها الأغوار يتمثل بالسلطات الحاكمة هل تدعم ما أسماه العنف؟، مؤكداً أن العمل يأتي على عاتق السلطات في الأغوار لمنع الأعمال المسلحة.
من ناحية ثانية، يشير عمرام مستناع قائد المنطقة الجنوبية السابق إلى أن أهمية منطقة الغور تفوق أهمية مسألة العمق الاستراتيجي لأن السلطة الفلسطينية في حال أوفت بتعهدها بمكافحة "الارهاب" لا يمكن لأي دولة أن توافق على أن يقوم طرف آخر مراقبة حدوده وهي على بعد مئات الأمتار.
بدوره, أكد يعقوب عميدرور رئيس مجلس الأمن القومي منتهي الولاية أن نقل وادي الأردن للفلسطينيين يترك "اسرائيل" دون قدرة دفاعية عن نفسها ضد التهديدات من جهة الشرق، فيما يقول رئيس هيئة الأركان السابق غابي أشكنازي بأنه يدعم موقف نتنياهو وجود عسكري (اسرائيلي) في منطقة الغور.
أما شاؤول موفاز وزير الدفاع السابق فيؤكد أن وادي الأردن هو الآن خريطة للمصلحة (الاسرائيلية) فيما يعارضه مئير داغان بالتأكيد أن أهميتها أقل بسبب الواقع الذي تعيش المنطقة بعدما ضعف التهديد القادم من الأردن وسوريا.
عوزي ديان، نائب رئيس هيئة الاركان السابق، هو واحد من أقوى المدافعين عن استمرار سيطرة (إسرائيل) على غور الأردن يقول: "نهر الأردن من الحدود الوطنية والتاريخية والأمنية (لاسرائيل)، ونحن لا نعرف ما سيحدث في مصر وسوريا والعراق ويجب علينا عدم التخلي على الأصول الاستراتيجية".
من جهة ثانية، يعتقد شاؤول أريئيلي، نائب السكرتير العسكري لرئيس الوزراء نتنياهو أن الانسحاب من وادي الأردن سيحوله لوادي الموت مستدلاً بتغير الوضع عما كان عليه قبل 20 عاما، مؤكداً أن امكانية انتهاء معاهدة السلام مع الأردن وتسلل خلايا للمقاومة وأسلحة عبر الأردن يعقد الأمر.