سارع الرئيس الإسرائيلي شمعون بيريز إلى التدخل لاحتواء الأزمة الناشبة بين رئيس الحكومة بنيامين نتانياهو ووزير الخارجية الأميركي جون كيري في أعقاب «الحرب الكلامية» بينهما وتقارير عن امتناع نتانياهو عن مصافحته خلال لقائهما الجمعة الماضي في مطار (تل أبيب).
ورمى بيريز الذي يتمتع بثقة الإدارة الأميركية، بوزنه لتخفيف حدة التوتر مع واشنطن، فاعتبر ما يدور بأنه «جدل في شأن التكتيك» وليس أزمة.
جاء هذا التدخل مع نشر تقارير صحافية إسرائيلية أكدت أن «أزمة ثقة» حقيقية نشبت بين نتانياهو وكيري على خلفية موقف الإدارة الأميركية الداعم إبرام اتفاق مع إيران في شأن ملفها النووي.
وكشفت إذاعة الجيش الاسرائيلي أن نتانياهو امتنع عن مصافحة الوزير الاميركي، تعبيرا عن غضبه على موقف واشنطن. وأفادت بأن نتانياهو دخل إلى الغرفة التي كان كيري ينتظره فيها (في مطار تل أبيب)، ومن دون أن يصافحه قال له: «انتظِرني هنا... أنا خارج للحديث إلى وسائل الإعلام وسأعود».
وعاد إلى الغرفة بعد أن هاجم أمام الصحافيين نية الدول العظمى، وتحديداً الولايات المتحدة، التوقيع على اتفاق مع إيران، معتبراً انه «اتفاق سيء وخطير ولن تلتزمه إسرائيل».
ورداً على سؤال كيري لنتانياهو كيف يريد أن يدير الاجتماع، رد عليه نتانياهو غاضباً: «أدِره أنت كيفما تشاء». وتابعت الإذاعة أن كيري، وإذ لاحظ غضب نتانياهو، طلب من جميع المساعدين مغادرة الغرفة للاجتماع في خلوة مع نتانياهو.
وكانت عناوين الصحف العبرية تناولت أمس «المعركة العلنية» بين نتانياهو وكيري، وتحدثت عن «استفحال الأزمة» بين إسرائيل والولايات المتحدة، مع مواصلة اركان الحكومة انتقادهم الشديد للاتفاق المحتمل مع إيران.
كما انتقدت أوساط نتانياهو تصريح كيري أمس بأن معارضة نتانياهو للاتفاق «سابقة أوانها»، إذ أنها تأتي قبل التوقيع على اتفاق مع إيران، وقالت إن ادعاء كيري مستهجن «إذ أنه في حال التوقيع على اتفاق، ستكون معارضته متأخرة». وتابعت أن نتانياهو انتُخب كي يوقف المشروع النووي الإيراني لا كي يشرح لاحقاً أن هذا المشروع ليس جيداً.
من جهته، انتقد وزير الحرب السابق شاؤول موفاز رئيس حكومته على «الخصومة المعلنة» مع الولايات المتحدة «التي تحتاجها إسرائيل إلى جانبها»، وقال: «ليس منطقياً أن ندمر كل شيء جيد في علاقاتنا مع الولايات المتحدة، وأعتقد أن هذه الطريقة خطيرة جداً، وقد تنقلب ضدنا».
ورأى القنصل السابق في واشنطن، الديبلوماسي المخضرم ألون بنكاس أن نتانياهو ومعه المصالح الحيوية لإسرائيل «يدفع الآن ثمن مواجهة لا لزوم لها وتحدٍ واستفزاز لإدارة أوباما على مدار الأعوام الأربعة الماضية في ما يتعلق بمسائل ليست حيوية لإسرائيل، مثل البناء في المستوطنات واتهامات للرئيس بأنه تخلى عن إسرائيل، والتأييد غير المباشر لمنافسه في انتخابات الرئاسة الأميركية ميت رومني».
واعتبر أن نتانياهو يدفع ثمن «أسرلة» الملف الإيراني، وثمن تصريحات متعجرفة مثل أن إسرائيل وحدها ستدافع عن نفسها، واتباع ديبلوماسية تعتمد عناوين الصحف «بدلاً من إجراء حوار هادئ وموثوق وجدي وحميم». وأضاف ان نتانياهو يتحمل اليوم المسؤولية عن تدهور العلاقات مع الولايات المتحدة.
وأشار مراسل صحيفة «هآرتس» في واشنطن إلى أن الإدارة الأميركية «ذهلت من شدة المشهد المرعب الذي بثّه نتانياهو عن الاتفاق بين الغرب وإيران»، وأن أوساطاً في الإدارة الأميركية عادت لتتهمه بأنه يناصب العداء لأوباما، وأنه عاد لتأليب المعارضة الجمهورية وقادة المنظمات اليهودية ضده.
ونقل عن أوساط في البيت الأبيض انتقادها الشديد لـ «سياسة الأرض المحروقة» التي تنتهجها إسرائيل و"نكران جميل من قادتها تجاه كيري". لكنها مع ذلك أشارت إلى رغبتها في التوصل إلى تفاهمات مع نتانياهو «خشية أن ينتقم الجمهوريون منها».
الحياة اللندنية