لم يمر الأسبوع الأخير من الدوريات الأوروبية دون أن يستمر تضييق آمال عشاق كرة القدم في إمكانية تفضيل أي من البرتغالي كريستيانو رونالدو أو السويدي زلاتان إبراهيموفيتش على الآخر، بعدما تابع النجمان إبراز قدراتهما الملفتة قبل أيام قليلة من اللقاء المرتقب بين البرتغال والسويد الجمعة المقبل ضمن الملحق الأوروبي المؤهل لكأس العالم 2014 في البرازيل.
الدون رونالدو والسلطان إبرا وضعا معظم من يعدّ نفسه محايدا في موقف محرج، وقيّدا رغبة المتابعين الذين قد يحاولون التنبؤ بمبررات أحقية أي منهما بالوجود في مونديال السامبا بعدما أسفرت القرعة القاسية على ضرورة بقاء أحدهما خارج أسوار الملاعب المستضيفة للبطولة الأقوى في العالم.
إبداع كبير
تربع رونالدو وإبراهيموفيتش على المراكز العليا بجداول الترتيب في إحصاءاتهما حتى اللحظة هذا الموسم مع أفضلية الأول الواضحة رقميا، فيما يوازن البعض بينهما فنيا بالاعتماد على بعض الاعتبارات الأخرى التي قد لا تخضع لتصنيفات الأرقام، كالأهداف الحاسمة وصعوبتها وكفاءة زملاء كل من اللاعبين في الفريق نفسه وغيرها من الأمور التي من الممكن ألا يدقق فيها معظم هواة الكرة.
ولعل دخول هدف إبراهيموفيتش أمام إنجلترا (4-2) في لائحة المنافسة على جائزة "بوشكاش" لأفضل هدف في عام 2013 يعدّ دليلا مهما على هذه الاعتبارات، دون التقليل من أهداف رونالدو المميزة في الفترة الماضية.
وسنجد بلغة الأرقام أن رونالدو يتصدر هدافي الدوري بـ16 هدفا بينها (2 هاتريك) من 96 تسديدة وذلك خلال 1170 دقيقة، كما مرر 441 تمريرة منها 330 صحيحة، بنسبة (74.8 %)، أما إبراهيموفيتش فقد حل وصيفا لهدافي الدوري الفرنسي بـ8 أهداف من بينها (هاتريك وحيد) من 61 تسديدة، وذلك خلال 988 دقيقة، كما بلغت تمريراته الناجحة 71.9 % (338 من 470)، وصنع كل منهما 3 أهداف.
لكن الرقم الذي ذهب لصالح اللاعب السويدي في هذه الإحصاءات يكمن باحتلال باريس سان جيرمان للمركز الأول في الدوري الفرنسي من (31 نقطة، 9 انتصارات و4 تعادلات) بفارق 4 نقاط عن أقرب منافسيه ليل، فيما يحتل البرتغالي مع ريال مدريد المركز الثالث (31 نقطة، 10 انتصارات وتعادل وخسارتين) في الدوري الإسباني بفارق 6 نقاط عن برشلونة الأول و3 عن أتلتيكو مدريد الثاني.
ثاني أقوى البطولات
والحديث هنا عن دوري أبطال أوروبا ثاني أقوى البطولات العالمية، فرونالدو في المركز الأول على لائحة هدافي المسابقة بـ8 أهداف وإبراهيموفيتش يتربص به في المركز الثاني بـ7 أهداف، والأوّل سجل أول 3 أهداف (هاتريك) في النسخة الحالية من البطولة (أمام غلطة سراي التركي ضمن المرحلة الأوّلى 6-1)، لكن الثاني كان له شرف تسجيل 4 أهداف (سوبر هاتريك) الأول والوحيد في البطولة حتى الآن (أمام أندرلخت البلجيكي ضمن المرحلة الثالثة 5-0).
التقارب بين اللاعبين يبدو كبيرا جدا في دوري الأبطال فنسبة التمريرات الناجحة لمتصدر هدافي المسابقة تبلغ 77 % وللسويدي 76 %، ورونالدو كان رجل المباراة 3 مرات وإبرا في مناسبتين، كما وجه الأول 26 كرة على المرمى والثاني 23، لكن الأفضلية أيضا ذهبت للأول إثر صناعته هدفين وهو ما لم يفعله إبراهيموفيتش.
وحتى على المستوى الجماعي فإن ريال مدريد وسان جيرمان يتصدران مجموعتيهما بـ10 نقاط لكل منهما، وسجل الفريق الإسباني 14 هدفا والفرنسي 13 هدفا كأقوى خطي هجوم في البطولة حتى الآن، وهما قريبان جدا من بلوغ دور الـ16.
زلاتان الأبرز بالتصفيات
إذا ما نظرنا للمنتخبين فإن تأثير القائد السويدي لا يجب إغفاله مقارنة بنظيره البرتغالي الأقل بريقا في التصفيات الأوروبية المؤهلة للمونديال تحديدا، فصاحب الـ32 عاما سجل قرابة ثلث أهداف فريقه (6 من 19)، واحتلت السويد المركز الثاني بـ20 نقطة من 6 انتصارات وتعادلين وخسارتين في المجموعة الثالثة التي تضم ألمانيا الثانية في التصنيف العالمي، فيما سجل صاحب الـ28 عاما (4 أهداف من 20)، واحتلت البرتغال المركز الثاني بـ21 نقطة من 6 انتصارات وثلاثة تعادلات وخسارة خلف روسيا التاسعة عشرة على العالم ضمن المجموعة السادسة، علما أن السويد في المركز الخامس والعشرين والبرتغال في المركز الرابع عشر.
ولعل وجود المنتخبين الرئيسي الذي نافسا السويد على البطاقة الثانية أعلى تصنيفا من اللذي نافسا البرتغال على البطاقة الثانية يعدّ إشارة واضحة لأفضلية إبراهيموفيتش، بالإضافة إلى ذلك فإن معظم الأسماء التي تلعب بجانب إبرا لا تملك ذات المهارات الفنية العالية التي يتمتع بها زملاء رونالدو في المنتخب، وهو واقع لا يمكن إنكاره.
الظهور الأخير
قد يكون الظهور الأخير للنجمين الموجودين ضمن الأسماء المتنافسة على الكرة الذهبية أجبر كل من يعشق الكرة الجميلة على نسيان الأرقام واللمحات الفنية والقدرات البدنية التي تدفع لرغبة ترجيح أحدهما بدلا من الآخر بالبرازيل، فإبرا سجل ثلاثية رائعة قاد بها سان جيرمان للفوز على ضيفه نيس (3-1) السبت الماضي ضمن المرحلة الثالثة عشرة من الدوري، الذي ابتعد بصدارته، وكذلك فعل رونالدو في لقاء ضيفه ريال سوسييداد (5-1) ليبقي أبناء العاصمة الإسبانية على مقربة من برشلونة وأتلتيكو مدريد.
وبناء على كل ما سبق والكثير من المعطيات الموثقة لدى بعض المواقع المتخصصة بالإحصاءات المذكورة والتي لا يمكن حصرها، فإن غياب أي من النجمين يعدّ خسارة كبيرة للمولعين بسحر الكرة، دون نسيان أن هذا المونديال قد يكون الأخير لإبراهيموفيش، حيث سيقترب من سن الـ37 في كأس العالم المقررة بروسيا 2018، بينما سيصبح اللاعب البرتغالي بعمر الـ33.
الجدير بالذكر أن هداف الدوري الفرنسي في الموسم المنصرم بـ30 هدفا كان التقى بوصيف هدافي الدوري الإسباني بـ34 هدفا في الموسم الماضي، وذلك على صعيد المنتخبات؛ عام 2008 ضمن دور المجموعات لتصفيات أوروبا المؤهلة لكأس العالم في جنوب إفريقيا 2010، وانتهت مباراة المنتخبين بالتعادل السلبي على أرض السويد, وهي نفس النتيجة التي تكررت في البرتغال، إلا أن إبراهيموفيتش كان غائبا عن المباراة الثانية.