قائمة الموقع

عادات اختيار شريكة العمر..بين الماضي والحاضر

2010-03-03T08:51:00+02:00

 

زمان: تكسير اللوز وفحص العرقوب وشد الشعر

اليوم: نحيفة وشهادة جامعية و"مدردحة"

غزة- الرسالة نت

ارتفعت الأكف إلى السماء والكل يهمس قارئا سورة الفاتحة، كتتويج لموافقة الشاب والفتاة على القبول ببعضهما شريكين في الحياة، وذلك عقب إجراءات أنثوية اتخذتها والدة الشاب وخالته، كادت أن تفضي بإبطال الاتفاق.

وحلم العشريني محمد خليل بالارتباط من فتاة ذات مواصفات خاصة، منها "النحافة" واستمرت والدته في البحث عن تلك المواصفات قرابة العامين، وانتهى بها المطاف في بيت عائلة لا تجمع بينهما أية قرابة، لولا أن القدر شاء أن يحصل الارتباط.

ويقول محمد :"عقب خطوبتي، اشتكت عروسي من الإجراءات التي اتبعتها والدتي الستينية في النقد والتمحيص وكثرة الأسئلة والاستفسارات(...) لكني عللت لها هذا الأسلوب ببقاء كبار السن على عادات الماضي".

مستعار أم حقيقي

ويحكي الجدات عن مغامراتهن في البحث عن زيجات أبنائهن، كإعطائهن حبات اللوز لكسرها بأسنانهن، للتأكد من متانة الأسنان، والنظر إلى (عرقوب) القدم للتأكد من قابليتها للسمنة، إضافة إلى شد خصلات الشعر للكشف إن كان مستعارا أم حقيقيا.

ويؤكد الشاب محمد أنه وعلى الرغم من الإجراءات الروتينية التي تقوم بها النساء كبار السن في اختيار العروس، إلا أنه حظي بموافقة أهل العروس بالجلوس معها وتبادل أطراف الحديث قبل أن يتم الاتفاق بين عائليتهما.

وإلى حد كبير تلاشت العادات القديمة التي كن الجدات يتبعنها قبل عقود في نقد العروس، إلى أن المفارقة بدت جلية في هذه الأيام، حيث أن بعض العائلات باتت تسمح لأبنائها باختيار شريكات حياتهم اللواتي يوافقن تطلعاتهم بشكل منفرد.

ويقول أبو سائد في الخمسين من عمره: "لم أقحم نفسي في اختيار شريكة حياة أبني، دعوته لاختيار الفتاة التي تناسبه دون أن أضع شروطا ومقاييس كبعض الآباء (..) هذه هي حياته وهو حر في رسم ملامحها مع الفتاة التي يرغب".

ويستذكر أبو سائد وهو عاطل عن العمل، الطريقة التي جرى تزويجه بها قبل نحو ثلاثين عاماً، قائلا: "كنت اعمل حينها في إسرائيل، وقام والدي بخطبة العروس، وطالبوني للحضور لإتمام الاتفاق، دون مراعاة أي ملاحظات لي".

فيما يقول أبو أسعد محمود: "فوجئت عندما عدت من سفري، قبل نحو عقدين ونصف، أن والدي قد أتم الاتفاق مع أهل زوجتي على تفاصيل المهر، دون أن أراها، بينما العروس ربما كانت أحسن حالا حيث أبدت موافقتها بالارتباط بي بناء على صورتي الشخصية".

ولا يزال موروث الأجداد يسيطر على عقول بعض الآباء والأمهات، حتى في القرن الحادي والعشرين، إذ أن الكثير من الشبان والفتيات قد واجهوا عقبات كبيرة في الارتباط ممن رغبوا بفعل تعنت الأهالي، رغم أن شروط الشرع قد تكون متوفرة في الطرفين.

وقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) في الحديث الشريف: "إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه"، وفي حديث أخر :" تُنْكحُ الْمَرْأَةُ لأرْبَعٍ: لمالها ولِحَسَبها ولِجَمَالها وَلدينها: فَاظْفَرْ بذاتِ الدِّينِ تَربَتْ يَدَاكَ".

ست البيت

وكانت صفة العروس (ست البيت) تحظ باستحسان الكثير من النساء الباحثات عن زيجات لأبنائهن، في حين أن أبرز شروط ومواصفات العرائس اليوم، هو توفر الشهادة الجامعية والوظيفة.

وقال الموظف معتز أحمد: "إن والدتي ما انفكت في إلحاحها علي بالزواج من فتاة في الثانوية العامة، وتبريرها ذلك، بأنها تكون صغيرة وقابلة للتوجيه وفق مزاجي، ولن تتمرد علي".

وأشار إلى أنه يرفض هذا القول، جملة وتفصيلا، قائلا: "ارغب في الارتباط من فتاة أنهت دراستها الجامعية مثلي، تبادلني الفكر والثقافة، ولديها لباقة في الحديث، وتقدر على تعليم أبنائها، وتفهمني على الطاير".

وربما كانت عادات الارتباط بين الأقارب في السابق، هي الأكثر في المجتمع الفلسطيني، كضرورة أن يتزوج الشاب من ابنة عمه، لكن اليوم يبدو الأمر مختلفا، حيث تفضل أم خالد البحث عن عروس "غريبة" لأبنها، معللة هذا الأمر بأن الزواج من الأقارب يؤول إلى المشاكل والطلاق في أغلب الأحيان، إضافة إلى أن تشابه الجينات قد يسبب إعاقات للأبناء.

وتقول أم خالد في عقدها الرابع، وهي متزوجة من ابن خالها: "لا أريد لأبني أن يعاني مثلما عانيت أنا وأبيه(..) الارتباط بالأقرباء يسبب التعاسة حتى نهاية العمر".

ويؤكد الدكتور ماهر السوسي أستاذ الشريعة بالجامعة الإسلامية، على أن الإسلام وضع من خلال الأحاديث النبوية الشريفة، قواعد لتكوين الأسرة، تمثلت في تحديد مواصفات الزوجة وكذلك الزوج.

وقال السوسي: "الإسلام ترك الأمر لعادات الناس وأعرافها في كيفية تحقيق الأولويات المذكورة في الأحاديث الشريفة"، مؤكدا أن المطلوب هو امرأة ورجل ملتزمين دينيا، بينما المواصفات الأخرى متروكة لعادات الناس من خلال البحث والاستقصاء.

وشدد على ضرورة التكافؤ بين الزوجين سواء في الدين أو في الناحية المالية أو التعليمية، مشيرا  إلى أن هذا الأمر له بالغ الأثر فيما بين الزوجين.

وامتعض السوسي من العادات اللواتي كن يتبعنها الجدات في الماضي خلال بحثهن عن العروس، وقال:"المرأة ليست دابة حتى يجري التعرف على وزنها وحجمها ومدى قابليتها للنصاحة من عدمه...من حق الأهل التدقيق ولكن بطرق مؤدبة وغير جارحة".

اخبار ذات صلة