قائمة الموقع

أفق العلاقة بين غزة ومصر

2013-12-02T22:30:53+02:00
صورة رمزية
الرسالة نت- فادي الحسني

في تعاريج الخط الحدودي الفاصل بين قطاع غزة ومصر انعكاسٌ لحجم التداخل بين الجانبين على المستوى الجغرافي وحتى التقارب العرقي، ولكن ذلك لا يحمل بالضرورة الودّ على المستوى السياسي بين البلدين.

حتى وقت ليس بعيدا كانت العلاقة بين غزة ومصر متينة إلى حد كبير بحكم الامتداد الأيديولوجي لحركة حماس اتجاه جماعة الإخوان المسلمون التي كانت تتولى مقاليد الحكم في أعقاب ثورة 25 يناير بموجب صندوق الاقتراع لولا انقلاب الجيش على الرئيس محمد مرسي في الثالث من يوليو/تموز الماضي، ما انعكس سلبيا على حماس التي تدير الحكم في القطاع المحاصر برا وبحرا.

لم يعد خفيا حجم التوتر الذي خلفه الانقلاب العسكري على العلاقة بين الطرفين، لاسيما بعد اتهام حماس بتوتير الأجواء داخل سيناء، وهو أمر نفته الحركة جملة وتفصيلا لاعتبارات تتعلق بإستراتيجيتها الفكرية القائمة على أن المعركة ضد الاحتلال وداخل حدود الوطن فقط.

ولكنّ من يريد أن يعلم حجم القطيعة بين الطرفين، يسأل فلسطينيا عاد من مطارة القاهرة في حافلة الترحيل، وحينئذ سيقف على مدى الخشونة في الاستجواب والمكوث على نقاط التفتيش.

مع هذا، ينعكس في تصريحات قادة حماس حرص الحركة على علاقة وطيدة مع النظام المصري القائم انطلاقا من حرصها على مصالح المواطنين التي تتطلب تخفيفا على مستوى الحرب على "الأنفاق" وتسهيل عبور المسافرين عبر المنفذ البري الوحيد لقطاع غزة (معبر رفح).

في أكثر من محفل فإن حماس عبرت عن حزنها على "الإخوان" لكنها في الوقت نفسه حريصة على براغماتية عالية في التعامل مع "مصر العسكر"، وهذه بالمناسبة ليست المرة الأولى التي تتعاطى فيها الحركة مع أنظمة متشددة كما حدث في كنف النظام السوري الذي عرف بعدائه للإخوان إضافة إلى فتحها مكتبا تمثيليا في اليمن على سبيل المثال بجانب علاقتها مع الرئيس الليبي السابق معمر القذافي، وذلك كله على قاعدة "عدم التدخل في الشؤون الداخلية للأنظمة العربية".

من الصحيح أن الأمر وصل مؤخرا بين حماس ومصر إلى ما هو أبعد من العتاب كالمناكفة وتصاعد الاتهامات، ولكن الحركة تسعى إلى الوقوف على مسافة تحفظ مصالح الشعب الفلسطيني، وفق قول رئيس الوزراء إسماعيل هنية خلال لقاء جمعه بعدد من الكتاب الفلسطينيين.

على الجانب الآخر، فإن النظام المصري يمسك بطرف خيط مع "حماس"، وإن كان يتعامل معها من بوابة جهاز المخابرات العامة خصوصا في ملف المصالحة الوطنية مع حركة فتح، ولنا في خفض مستوى التحريض الإعلامي المصري ضد غزة خير دليل، إضافة إلى ما قاله السفير المصري لدى السلطة ياسر عثمان في تصريح له مفاده أن "العلاقة بين القاهرة وحماس أكبر من أي خلاف"، كما لا يمكن تجاهل استمرار السماح ببقاء عضو المكتب السياسي للحركة موسى أبو مرزوق في القاهرة حتى اللحظة.

كما من الصحيح أنه لا يمكننا القول إن حماس تتحرك بمستوى الحرية الذي كانت عليه في زمن الرئيس "مرسي" لكنها على الأقل تحظى ربما بحلقة وصل مع القاهرة متمثلة بـ"أبو مرزوق".

على صعيد آخر، فإن الجغرافيا السياسية بين مصر وغزة قد لا تمكن الطرفين من الذهاب نحو طلاق بائن، ولاسيما أن القطيعة لن تغذي جيب أحد سوى الاحتلال بل ستخدم رؤيته في المنطقة.

لذلك، فإن المطلوب هو الحذر من مغادرة الطرفين حلبة الود السياسي، ولكن تأمين خط عودة العلاقات إلى سابق عهدها أمر قد يتطلب وسطاء، وإلا فستكون مهمة استرجاع العلاقة ملقية على عاتق الطرفين، وهو أمر يصعب المهمة في الوقت الحالي الذي لا تزال تشهد فيه مصر حالة من "عدم الاستقرار".

اخبار ذات صلة