قائمة الموقع

محرقة مستشفى الشفاء مكرهة صحية لنزلائها وسكان الحي

2009-08-03T08:58:00+03:00

غزة / ديانا طبيل

يعانى نزلاء مستشفى الشفاء الطبي من تدفق دخان احد المحارق الطبية بشكل يومي إلى داخل غرفهم ليشكل عذاباً يومياً لا ينتهي ، خاصة أثناء الصيف، حيث تضطر الأغلبية العظمى منهم إلى إغلاق النوافذ وتحمل درجة الحرارة العالية في ظل غياب التكييف المركزي في أقسام المستشفى المختلفة كما تشكل المحرقة مشكلة ومكرهة صحية  للسكان المجاورين .

وبحسب المعلومات فان أكثر الأقسام تضرر من الدخان المتصاعد هو مبنى مستشفى النساء والتوليد خاصة قسم الحمل الخطر، في حين أن الدواعي الصحية لابد أن تكون مستحكمة داخل هذا القسم لكونه قسماً حساسا ولابد أن يتمتع بمستوى عال من الاحتياطات الصحية .

***   معاناة يومية

في هذا السياق تقول المواطنة أم علاء " 31عاما " احدى النزيلات في قسم الحمل الخطر أنها ومنذ اليوم الأول لدخولها القسم تفاجأت بدخان كثيف يجتاح غرفتها مما اضطرها إلى إغلاق النوافذ بسبب كثافة الدخان ورائحته السيئة، رغم الارتفاع المذهل لدرجة الحرارة داخل القسم لأنه سيء التهوية .

وتستغرب أم علاء من وجود محرقة مجاورة بشكل مباشر لقسم حساس كقسم الحمل الخطر، رغم أن إدارة المستشفى تدرك حساسية وضع الحوامل وضرورة وجودهن في جو نقي، بسبب حساسية أوضاع حملهن .

في حين تقول سمية ( 22 عاما): " كنت نائمة عند الساعة الثامنة صباحا، عندما ملأ رماد الحرق كل شيء بالغرفة، سريري والأرضية والطاولة التي نضع عليها أغراضنا، واضطرت عاملات النظافة بالمستشفى لإعادة تنظيف كل شيء من جديد.

وتستنكر سمية وجود محرقة داخل أسوار المستشفى فبإمكان إدارة المستشفى أن توفر مكاناً أخر لحرق هذه النفايات خاصة وان الأماكن المفتوحة كثيرة و موجودة في مناطق مختلفة وتستغرب من غياب الحلول البديلة للمشكلة رغم حساسيتها .

في حين تقول شيماء ( 24 عاما) والتي ترقد منذ أسبوع داخل قسم الحمل الخطر : " أنها حساسة جدا من أي شيء أثناء فترة الحمل، خاصة أنها أجهضت عدة مرات مما يجعلها متخوفة من أي شيء قد يؤثر على صحتها، وتضيف: لست الوحيدة التي تتحسس من موضوع دخان المحرقة ، فزميلاتي في الغرفة يقاسمنني ذات الشعور حتى الممرضين والأطباء لديهم مشكلة من تدفق الدخان .

*** مأساة يومية

ولا تقتصر مشكلة المحرقة على الحوامل الموجودات بقسم الولادة فحسب، فسكان المنطقة المجاورة لمجمع الشفاء الطبي يعيشون مأساة يومية جراء الرائحة السيئة للدخان المنبعث من المحرقة فالغالبية العظمى منهم تمنعهم الرائحة من الجلوس في باحة منزلهم أو شرفاتها أو فتح نوافذها، بسبب دخان المحرقة الكثيف .

فيما تخشى أم سعيد " 44عاما " على أبنائها من  مضار هذا الدخان الذي على حد تعبيرها يخنق المنطقة المحيطة بالمستشفى بأسرها منذ عدة سنوات دون حلول تلوح في الأفق ، وتضيف أن  رماد الدخان يتطاير ويسقط فوق الغسيل  والشرفات والأثاث مما يضطرها إلى التنظيف بشكل يومي  ، أو إلى إغلاق النوافذ  طيلة فصل الصيف .

وعن طبيعة هذا العمل اليومي يقول إبراهيم البلعاوي ( 43 عاما) أحد العاملين في حرق المعدات الطبية منذ عشر سنوات أنه يحرق المخلفات بشكل يومي، مستخدماً آلة حديثة العهد في المستشفى، وهى أقل أمنا نوعا ما من آلة أخرى قديمة صنعت في أسبانيا، لكنها تعطلت، ولم تستطع إدارة المستشفى إصلاحها بسبب الحصار المفروض على قطاع غزة وغياب المواد الخام وقطع الغيار .

ويوضح البلعاوي أنه يتم حرق أكياس الدم الفاسد والأدوية منتهية الصلاحية وأكياس البول الخاصة بمرضى الكلى، وأنابيب الدم والإبر، ومخلفات غرف العمليات، وغيرها من الأشياء التي يمنع رميها في مجمعات النفايات خشية نقل العدوى الأطفال إذا عبثوا بها، وستكون مضاعفات المشكلة حينها أكثر من مضاعفات المحرقة ، موضحا أنه يقوم بعملية الحرق مرتين أو ثلاث مرات يوميا، وقد يكون ذلك صباحا، أو في ساعات ما بعد الظهر، بحسب كمية النفايات الطبية التي ترد إلينا، فأحيانا نقوم بحرق كمية قد تصل إلى عشرين كيسا كبيرا.

*** غياب الإمكانيات

من جهته يعترف رأفت حمدونة المدير الإداري لمجمع الشفاء الطبي ، بوجود المشكلة ويشدد على أن إدارة المستشفى تسعى على إنهاء المشكلة بأسرع وقت ممكن، حرصاً من الإدارة على مصالح المواطنين ومشاعرهم.

 ويبرر ذلك أنهم تسلموا مهامهم في ظل مشاكل سياسية وإدارية ومالية عويصة إضافة إلى الحصار المطبق على  القطاع ، مما وضع  أمامهم العديد من العراقيل حالت دون تطوير مرافق المستشفى، وأهمها المحرقة التي   يعتبر وجودها غير منطقي ، مؤكدا أن إعادة تهيئتها تضعهم أمام معضلة تدبير المواد اللازمة لذلك خاصة وأن العملية معقدة وتحتاج إلى مواد خاصة جدا، بسبب طبيعة المكان، وتعرضه لدرجات حرارة عالية للغاية ". 

وأشار حمدونة إلى أن نتائج فحوصات الطب الوقائي للمحرقة، تؤكد ضرورة إعادة تهيئتها ولكن الإمكانيات الحالية لا تمكننا من ذلك لكن هناك بعض المقترحات ربما تحل جزءا من المشكلة كزيادة ارتفاع مدخنة المحرقة، وإعادة تهيئة المكان التي توجد به.

 ولا ينفي حمدونة وجود خيار نقل المحرقة ليس إلى خارج المستشفى فحسب، بل وأيضا خارج المناطق المأهولة بالسكان، وذلك من أجل ضمان بيئة صحية قدر الإمكان لسكان القطاع.

وعلى ضوء هذا "الاعتراف" الحكومي والشكوى من النزلاء والجيران بالإضافة إلى الإثبات العلمي للتأثير السلبي والمكرهة الصحية لهذه المخلفات الطبية، هل يأتي اليوم الذي تدخل فيه هذه "الأمنيات" حيز التنفيذ.

 

اخبار ذات صلة