قائد الطوفان قائد الطوفان

الأسد والقذافي كـ"ملهمين" لـ(إسرائيل)

الاسلحة الكيماوية (الأرشيف)
الاسلحة الكيماوية (الأرشيف)

د.صالح النعامي

يشكل خنوع بشار الأسد وقيامه بالتخلص من مخزونه من السلاح الكيماوي وخضوع نظام معمر القذافي الطوعي ومبادرته بالتخلص من برنامجه النووي نموذجين. ترى (إسرائيل) إنه يتوجب على الغرب اجبار إيران على الاقتداء بأحدهما.

 تجاهر (تل أبيب) بان الاتفاق النهائي بين إيران والدول الكبرى يجب أن يكون مشابهاً تماماً للاتفاق الذي توصلت إليه ليبيا مع كل من الولايات المتحدة وبريطانيا عام 2003، الذي بادر به الرئيس الليبي الراحل معمر القذافي، حيث عرض التخلص من البرنامج النووي، وترك للبريطانيين والأمريكيين القيام بكل الخطوات التي يرونها مناسبة لتصفية هذا البرنامج.

واعتبر وزير الشؤون الاستخبارية (الإسرائيلي) يوفال شطينتس أن "النموذج الليبي" هو الذي يتوجب استنساخه في الاتفاق النهائي بين إيران والدول الكبرى. لكن وزير الخارجية أفيغدور ليبرمان يرى إن الاتفاق الروسي الأمريكي لنزع السلاح الكيماوي السوري يصلح أيضاً نموذجاً يمكن الاقتداء به لدى صياغة الاتفاق النهائي مع إيران، حيث عبر عن مفاجأته من حرص نظام الأسد على الالتزام بما جاء في الاتفاق.

وبغض النظر عن هوية النموذج الذي ترغب استنساخه في الاتفاق إيران النهائي، فإن (تل أبيب) ترى أن أي اتفاق نهائي يجب أن يشمل: وقف عمليات تخصيب اليورانيوم بشكل كامل، وتفكيك المفاعل الذري تحت الأرضي في "بوردو"، وإغلاق مفاعل الماء الثقيل في "آراك" بشكل نهائي. إلى جانب مصادرة كل ما خصبته إيران من يورانيوم؛ حتى بنسب منخفضة، حيث تزعم (إسرائيل) أن ما لدى إيران حالياً من يورانيوم مخصب يكفي لتركيب 6- 7 قنابل ذرية؛ ومواصلة فرض رقابة مشددة على المنشآت النووية، والسماح بجولات تفتيش للمراقبين الدوليين بدون تقييد وبشكل يومي.

وترى (إسرائيل) إنه في حال رفض إيران بهذه الشروط، فإنه يتوجب الغاء الاتفاق المؤقت، وفرض عقوبات جديدة أكثر صرامة، والتلويح بتهديد عسكري ذي مصداقية.

إن سعي (إسرائيل) لفرض شروطها في الاتفاق النهائي بين إيران والغرب يدفعها لتنسيق المواقف مع الإدارة الأمريكية بشأن الخطوط الحمراء، التي يتوجب على واشنطن الالتزام بها عند بدء التفاوض مع طهران.

ومن أجل تحقيق هذا الغرض، فقد تم الاتفاق على إرسال عدة وفود تمثل المستويات العسكرية والأمنية المهنية لواشنطن لتحقيق تفاهمات بهذا الشأن. وإلى جانب ذلك تسعى (تل أبيب) لتحقيق هدف سهل المنال، يتمثل في تجنيد كل من الكونغرس والمنظمات اليهودية في الضغط على الإدارة لقبول الموقف (الإسرائيلي) من الشروط الواجب توفرها في الاتفاق النهائي.

ومن الواضح أن (إسرائيل) تدرك أنها تجد آذانا صاغية في الكونغرس، حيث إن زعيم الأغلبية الجمهورية في الكونغرس أريك كنتور وصف الاتفاق مع إيران بأنه "لا يساوى الورق الذي كتب عليه".

"

استنساخ "النموذج الليبي" للتخلص من النووي الليبي أو الاتفاق الروسي الأمريكي لنزع السلاح الكيماوي السوري نموذجان تطرحهما إسرائيل لصياغة الاتفاق النهائي مع إيران

"

وقد شرعت "أيباك"، كبرى مجموعات الضغط اليهودية في الولايات المتحدة بالفعل في حملة لدى ممثلي الحزبين الجمهوري والديموقراطي في الكونغرس للضغط على إدارة أوباما لإجبارها على الالتزام بالشروط التي ترى (إسرائيل) وجوب توفرها في الاتفاق النهائي.

وتحرص (إسرائيل) على مواصلة التأثير على الرأي العام الأمريكي من خلال قيام نتنياهو ووزرائه بإجراء المقابلات مع قنوات التلفزة الأمريكية لشرح الموقف (الإسرائيلي).

ومن الأهمية بمكان الإشارة هنا إلى أن النخب السياسية والثقافية في (تل أبيب) رفضت بشدة موقف وزير الخارجية ليبرمان الداعي للبحث عن حلفاء جدد وتقليص الاعتماد على الولايات المتحدة في أعقاب الخلافات بينها وبين حكومة نتنياهو بشأن طابع التعاطي مع الملف النووي الإيراني.

ويسود اعتقاد في (تل أبيب) أنه على الرغم من الخلافات مع إدارة أوباما، فإن الولايات المتحدة تبقى الأكثر اهتماماً بتحقيق المصالح (الإسرائيلية). إن الذي يزيد من رهان (إسرائيل) على الاتفاق النهائي بين الغرب وإيران كآلية لتصفية برنامج طهران النووي هو تهاوي الرهان على الخيار العسكري كوسيلة لتحقيق هذا الهدف.

فقد تزامن الإعلان عن توقيع الاتفاق مع إيران مع كشف بعض وسائل الإعلام (الإسرائيلية) النقاب عن أن (إسرائيل) لم تكن جادة في تهديداتها بشن عمل عسكري ضد المرافق النووية الإيرانية.

وتبين أن التهديدات التي كان يطلقها نتنياهو تجاه إيران هدفت للضغط على الولايات المتحدة لدفعها لتشديد العقوبات الاقتصادية. وهذا ما دفع المعلق (الإسرائيلي) البارز شالوم يروشالمي لمطالبة نتنياهو بتقديم تفسيرات حول انفاقه مبلغ 3,3 مليار دولار على تدريبات واستعدادات لضرب إيران، دون أن ينوي حقاً شن مثل هذا الهجوم.

من هنا، فإن (إسرائيل) ترى في الاتفاق النهائي الفرصة الوحيدة في محاولتها التخلص من البرنامج النووي الإيراني، الذي ترى إنه التهديد الوجودي الوحيد لها؛ ليس لأن صناع القرار في (تل أبيب) يعتقدون أن الإيرانيين سيستخدمون السلاح النووي ضد (إسرائيل) في يوم من الأيام، بل لأن التسليم بحصول إيران على سلاح نووي يضفي شرعية على توجه كل دول المنطقة للحصول على مثل هذا السلاح، مما يفقد (إسرائيل) تفوقها النوعي.

 

البث المباشر