قائمة الموقع

هجمات طالبان في كابول تنسف إستراتيجية التحالف

2010-03-07T09:00:00+02:00

الرسالة – محرر الشئون الدولية    

شهدت ثلاثة أسابيع من الحرب في هلمند مزيدا من القتلى في صفوف قوات التحالف الدولي، ومزيدا من الهجمات لطالبان في المدن الرئيسية، والحرب تتوسع في دائرة معاركها.

ويتحدث العسكريون عن حرب مفتوحة وعمليات كر وفر متبادلة بين قوات طالبان وبين قوات التحالف، كان أبرزها سلسلة الهجمات الاستشهادية التي نفذها مقاتلو طالبان في كابول نهاية الأسبوع الماضي وراح ضحيتها أكثر من 20 شخصا قيل ان منهم أجانب ورجال مخابرات يعملون لصالح القوات الهندية وقوات التحالف.

في هذا الأسبوع وفي أعقاب قرار هولندا سحب قواتها من أفغانستان طلبت الولايات المتحدة من حلفائها الغربيين زيادة أعداد قواتها في أفغانستان وزيادة المخصصات في ضوء المستجدات التي أظهرها هجوم هلمند. كوريا كانت أول الملبين فقررت إيفاد أعداد جديدة من قواتها، كما أن دولا أخرى تدرس تلبية النداء الأمريكي، ألمانيا ترفع مخصصاتها بـ 500مليون دولار تقريبا لتغطية التكاليف الإضافية للحرب، البريطانيون قدروا أنهم بحاجة لخمس سنوات قبل أن يقرروا الانسحاب من أفغانستان، وحكمتيار زعيم الحزب الإسلامي يطرح مبادرة للتفاوض ووقف الحرب تقوم على سحب القوات الأجنبية من أفغانستان في غضون ستة شهور فيما الوضع الميداني يشهد مزيدا من التعقيد والاشتباكات بين قوات التحالف من جهة وبين قوات طالبان من جهة أخرى.

 التنسيق

أما التطور الأبرز الذي شهدنه الحرب في الأيام الأخيرة هو ذلك التنسيق والتعاون بين المخابرات الباكستانية وقوات التحالف وهو العمل الذي نتج عنه تصفية واغتيال عدد من ابرز قيادات طالبان الميدانيين او الذين يقومون على تامين الدعم اللوجستي لقوات طالبان. هذا التنسيق الذي أشادت به الولايات المتحدة واعتبرته بمثابة تغيير مهم في سياسية المخابرات الباكستانية التي ظلت طوال السنوات الماضية محل شك من قبل الجيش والمخابرات الأمريكية.

وفي هذا الإطار أعلنت الولايات المتحدة مطلع هذا الأسبوع عن رفع العلم الأفغاني لأول مرة في مرجاه، إيذانا بانتهاء معركة مرجاه وتحريرها من قوات طالبان وتسليم رجال الشرطة الأفغانية مهام الأمن في المدينة. لكن هذا ظل بحسب رواية قيادة القوات الأمريكية والقوات المتحالفة معها، لكن طالبان لم تقر بذلك، وصعدت من حجم عملياتها في أنحاء متفرقة من أفغانستان.

وسائل الإعلام العالمية تحجم عن الوصول الى أماكن العمليات وتعتمد في تغطيتها على الروايات والبيانات الرسمية التي تصدر عن قوات التحالف وحكومة كارازي وهو ما يجعل الحقيقة منقوصة ازاء ما يجري، لكن طالبان كانت قد طلبت في وقت سابق من وسائل الاعلام الوصول للمنطقة وتغطية تطورات الحرب حسب مشاهداتهم للوضع على الأرض.

 مفارقات

العارفون بطبيعة القتال في أفغانستان يقولون لا توجد سيطرة حقيقية على الأرض، فطالبان عودتنا التقدم والتراجع، السيطرة ثم التراجع في دينامكية عسكرية تهاجم فيها قوات ومواقع الاحتلال ثم تتوارى عن الأنظار، وبفضل هذه السياسة أمكنها ان تصمد في وجه قوات الاحتلال اكثر من ثماني سنوات الآن رغم سيطرة قوات التحالف رسميا على كل الأراضي الأفغانية منذ العام 2001. واليوم يتجدد السيناريو لكن مع مفارقات جديدة أبرزها:

ان هذه الحرب اقر عملياتها الرئيس اوباما مما يشير الى ان الولايات المتحدة ماضية في مخططها وغير صحيح انها تريد مغادرة أفغانستان بعد استعادة الامن والاستقرار.

ان الحرب الجارية الآن ليست كحروب السنوات الماضية هذه حرب يراد لها ان تكون حرب الضربة القاضية والتي يتم من خلالها إعادة السيطرة على المحافظات الأفغانية واحدة تلو الأخرى مع تطهيرها من قوات طالبان واقامة مقرات قيادة دائمة للأمن فيها بمساعدة القوات الحكومية التي ينتظر ان يتم زيادة عددها بنهاية العام الجاري لاكثر من مائة الف عنصر.

ان نوايا جديدة للولايات المتحدة بدأت تلوح في الأفق تتمثل في اتخاذ أفغانستان مقرا إقليميا دائما لقواتها حتى بعد انتهاء الحرب ولكن ليس على طريقة العراق وانما بصورة مستقلة ومتحررة من اية اتفاقات مع الحكومة الأفغانية.

ان هذه الحرب يجري تطويرها بصورة تكتيكية استنادا الى نتائج المعارك بحيث تقوم من خلالها بعمليات مطاردة متواصلة لقوات طالبان في المناطق التي تغادر لها حتى تضمن بقاء استمرار سيطرتها على الأماكن التي تقول انها حررتها من قوات طالبان وأقامت فيها سلطة رسمية لحكومة كار زاي في اطار ما عرف بالشق المدني للحرب بحسب الإستراتيجية التي أعلنت عنها الولايات المتحدة قبل نحو شهرين من الآن.

شهود عيان

يروي الصحفي الأفغاني ماجد داواري مشاهداته المباشرة من هناك وهو اول صحفي أفغاني يزور المنطقة يقول: يتواجد الجيش الأفغاني خلف مشاة البحرية الامريكية على الجبهة، حيث يقوم الافغان بدور مساعد. وهناك عدد كبير من قوات الشرطة الافغانية الان في مرجه. وما ان يطهر الجيش منطقة حتى تدخلها الشرطة وتقيم مراكز لها.لكن الناس العاديين لم يعودوا لحياتهم الطبيعية بعد، ويظل السوق الرئيسي في مرجه مغلقا ولا يشاهد احد يسير في القرية.ويشكو السكان المحليون من انهم لا يستطيعون التحرك لان ملابسهم تشبه ملابس طالبان ويبدو الجيش متشككا في الجميع.

وأضاف: قبل العمليات العسكرية الحالية لم تكن مرجه تبعد اكثر من 30 دقيقة بالسيارة من لاشكر جاه، لكن المسافة تحتاج الان الى اكثر من ثلاث ساعات لان طالبان زرعوا كثيرا من الألغام على الطرق ولم يكن أمامي الا قبول دعوة المحافظ للذهاب الى مرجه في هليكوبتر عسكرية، وتابع:  ابلغت من مصادر موثوقة ان العناصر الأجنبية ومقاتلي طالبان يوجدون في الأجزاء الغربية من مرجه قرب إقليم نمروز وما زالوا يقاومون هناك. اما مقاتلو طالبان المحليين فعادوا الى بيوتهم ليخبئوا أسلحتهم.

وفي كابول أعلنت قيادة الحلف الأطلسي ان "المعارك مع المتمردين تراجعت" في الساعات ال24 الأخيرة. وأضاف الحلف الأطلسي في بيان "رغم هذا الهدوء النسبي لا يزال المتمردون والقنابل اليدوية الصنع تطرح تهديدا على المدنيين وقوات الامن". وعملية مشترك التي قالت القوات الدولية انها اهم اختبار قوة منذ سقوط نظام طالبان في نهاية 2001 ترمي الى بسط سيادة الحكومة الأفغانية على هذه المنطقة جنوب أفغانستان.

 الوضع الميداني

لكن ميدانيا وأثناء إعداد هذا التقرير أعلن عن هجوميين لطالبان في قندهار ومقتل اربع جنود للتحالف وعدد من رجال الشرطة، وفي خوست هجوم يستهدف قوة للشرطة الحكومية يؤدي لمقتل 6 من رجال الشرطة الأفغانية في خوست، وتقول مصادر حركة طالبان انها باتت تستهدف رجال الشرطة في الآونة الأخيرة المكلفين بتنفيذ الشق المدني لإستراتيجية الحرب. وتشير التقارير التي ترد من أفغانستان إلى ان هجمات طالبان ما تزال مستمرة وبصورة مكثفة وان عملياتها باتت ذات طبيعية هجومية ومباغته وتشمل كل المحافظات الأفغانية ولا تنحصر في المحافظة التي يستهدفها الهجوم وهو ما يربك قيادات التحالف ويجعلها تطالب بمزيد من القوات لمواجهة الوضع الميداني.

 

 

اخبار ذات صلة